عراقجي، مؤكداً أن بعض القوى الأجنبية تبذل قصارى جهدها لتأجيج الصراعات:
إيران تلعب دورًا فريدًا في الحفاظ على استقرار الخليج الفارسي
صرّح وزير الخارجية «عباس عراقجي»: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بامتلاکها معظم الخطوط الحدودية مع الخليج الفارسي وسیطرتها على مضيق هرمز لعبت دوراً فریداً في الحفاظ على استقرار وأمن هذا المسطح المائي والمناطق المحيطة به.
وقال عراقجي، في المؤتمر الثامن لتاريخ العلاقات الخارجية الإيرانية بعنوان «السياسة الخارجية الإیرانیة والخليج الفارسي في نطاق التاريخ»، والذي عقد صباح الثلاثاء، في مركز الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية: منذ أعماق التاريخ وحتى الآن، كان للخليج الفارسي، باعتباره أحد أهم المسطحات المائية في العالم وأحد أهم المناطق التي تبني الحضارة، أهمية استراتيجية من وجهة نظر مختلف جوانب الحياة البشرية، ومن هذا المنطلق فإن الخليج الفارسي، باعتباره ذاكرة جماعية إنسانية، يستحق اهتمامًا خاصًا وبحثًا من مختلف الجوانب.
زعزعة الجغرافيا السياسية الطبيعية للمنطقة
وأضاف وزير الخارجية: شهد هذا المسطح المائي استمرارية كبيرة في الحفاظ على مركزيته ودوره المركزي في تنمية إيران والمناطق المحيطة به رغم كل الصعود والهبوط التاريخي والتقلبات التاريخية، وكل التغييرات المرغوبة أو غير المرغوب بها؛ وبطبيعة الحال، فإن هذه الأهمية المتزايدة، إلى جانب تنافس الاستراتيجيات ومصالح الجهات الفاعلة داخل المنطقة وخارجها، والأهم من ذلك، مواجهة أو صراع القوى البرية والبحرية في فترات مختلفة، جعلت الخليج الفارسي يشهد العديد من التدخلات الکثیرة والاعتداءات المستمرة لزعزعة الجغرافيا السياسية الطبيعية للمنطقة.وقال: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بامتلاکها معظم الخطوط الحدودية مع الخليج الفارسي وسیطرتها على مضيق هرمز لعبت دوراً فریداً في الحفاظ على استقرار وأمن هذا المسطح المائي والمناطق المحيطة به ولذلك، فمنذ الأيام الأولى لتأسيسها، ومن خلال الفهم الدقیق للأهمية الاستراتيجية للخليج الفارسي بالنسبة لإيران والمنطقة، والفهم العميق للدور المدمر لتواجد ومنافسة القوى الأجنبية الشرقية والغربية وضعت استراتيجية ضمان الحد الأقصى من الأمن المحلي على جدول أعمالها.
واستطرد وزير الخارجية قائلاً: في هذا الإطار، ورغم كل الضغوط، حاولت ایران ضمان الاستقرار والأمن المستدام وحرية الملاحة في الخليج الفارسي في إطار عقيدتها الأمنية، وإن الدور المتميز الذي لعبته إيران في الحفاظ على أمن الطاقة خلال حربي الخليج الفارسي الأولى والثانية یدل علی هذه الحقیقة.
وأضاف: بالطبع وللأسف، وعلى الرغم من سياسات طهران المبدئية، بذلت بعض القوى من خارج المنطقة قصارى جهدها لجعل الخليج الفارسي مركزاً للأزمات والصراعات من أجل تأمين مصالحها غير المشروعة وفي هذا الإطار تحاول هذه القوی منذ عقود وراء إبقاء هذا المسطح المائي في حالة توتر «دائم» من خلال عسكرة المنطقة وبيع وتخزین الأسلحة بمليارات الدولارات وسد الطريق امام التعاون والتعايش السلمي بين شعوب ودول المنطقة.وتابع قائلاً: إن السياسة العدائية المتمثلة في استبعاد وحذف الجمهورية الإسلامية الإیرانیة من أي ترتيبات إقليمية أو الحرب الاقتصادية واسعة النطاق التي شنتها ضد الشعب الإيراني العظيم من خلال اجراءات الحظر غير القانونية، ليست سوى جزء من هذا الجهد المستمر منذ عقود من قبل القوى خارج المنطقة بقيادة الولايات المتحدة.
الصراع بين إيران وجيرانها
وقال عراقجي: اليوم، فشلت سياسة حذف الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الترتيبات الإقليمية أو بث الخلافات وخلق الصراع بين إيران وجيرانها في الخليج الفارسي وإن الخليج الفارسي یدخل حقبة جديدة من التعاون الإقليمي في ظل الدبلوماسية النشطة والسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانیة التي تتمحور حول جيرانها، فضلاً عن التغيرات الإدراكية التي حدثت في بعض بلدان المنطقة، ومن حسن الحظ أننا نشهد أن نموذجاً جديداً يتشكل تدريجياً والذي يمكن أن یبشر بعصر مزدهر للتعاون الشامل.
العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية
وفي إشارة إلى زيارة أمير قطر لطهران، صرح وزير الخارجية: سنبحث العلاقات الثنائية والقضايا المتعلقة بالتطورات الإقليمية في لبنان وسورية واليمن ونتبادل الآراء حول هذه القضايا.وردّاً على سؤال حول زيارة أمير قطر المرتقبة إلى طهران، قال عراقجي: لطالما كانت إيران نشطة في التعاملات الدبلوماسية، وسيعقد الأربعاء 19 شباط/ فبراير (اليوم) اجتماعاً تشاورياً بحضور وفد قطري رفيع المستوى فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خاصة قضية فلسطين وغزة والمؤامرات الأخيرة التي أثيرت حول هذه القضايا. وأضاف: سيتم في هذا اللقاء أيضاً، مناقشة القضايا المتعلقة بالتطورات الإقليمية في لبنان وسورية واليمن وتبادل الآراء حولها، لافتاً إلى أن العلاقات بين إيران وقطر تشهد اتجاهاً متزايداً، وفي المجال الاقتصادي هناك مشاريع مهمة ورئيسية على جدول الأعمال، والتي سيتم متابعتها بجدية أيضاً ودحض عراقجي تكهنات بعض وسائل الإعلام حول رسالة يحملها أمير قطر من أمريكا إلى طهران خلال زيارته المرتقبة إلى إيران، معتبراً أن هذه القضايا لا تستحق الرد وعارية عن الصحة؛ موضحاً بأن أمير قطر المحترم شخصية بارزة في مجال الدبلوماسية والتفاعلات الدولية، وتأتي زيارته من أجل توسيع العلاقات الثنائية.
وأكد وزير الخارجية على أن الخطوة الأولى الضرورية هي خلق صوت موحد من جميع الدول الإسلامية من أجل التصدي للمؤامرات الخارجية ضد المنطقة؛ مبيّناً أنه ينبغي على الدول الإسلامية أن تتخذ موقفاً متماسكاً وحاسماً ضد جرائم الكيان الصهيوني والإبادة الجماعية الوحشية التي تجري في غزة.وضمن إشارته إلى الإجراءات الإيرانية في التعامل مع خطة التهجير القسري للشعب الفلسطيني من قطاع غزة، أوضح وزير الخارجية: انه وبعد طرح ترامب لخطة الهجرة القسرية لسكان غزة، أجرينا اتصالات مع وزراء خارجية مختلف الدول الإسلامية، وتم اقتراح عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي من أجل التعبير عن موقف موحد وتجسيد اهتمامات الدول الإسلامية على المستوى الدولي.
دعم إيران للحكومة والجيش السوداني
في سياق آخر، أعلن عراقجي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السوداني علي يوسف أحمد الشريف، مساء الإثنين، دعم ايران للحكومة والجيش السوداني في حربهم ضد المتمردين، وأدان الهجمات على البنية التحتية الحيوية في السودان، وقال: من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن الحل للمشاكل الحالية في السودان يتمثل في وقف التدخل الأجنبي وتوفير منصة مناسبة للحوار الوطني وتحقيق التوافق الداخلي في البلاد.وأشار عراقجي إلى أن هذا اللقاء يعكس العلاقات المتنامية بين البلدين، وقال: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسودان لديهما الكثير من المشتركات التاريخية والثقافية والدينية، وكانت العلاقات بين البلدين جيدة للغاية على الدوام؛ وبطبيعة الحال، وكما هو الحال بالنسبة للعلاقات الدولية الأخرى، فقد كانت العلاقات بين البلدين في بعض الأحيان مصحوبة بتقلبات، ولسبب ما، شهدنا انقطاعاً مؤقتاً للعلاقات في السنوات القليلة الماضية؛ لكن مضى الآن أكثر من ثمانية أشهر منذ عودة العلاقات بين البلدين، وخلال هذا الوقت لوحظت تطورات إيجابية ومهمة في هذه العلاقات. وتتجه العلاقات بين البلدين بسرعة نحو تعاون أكبر وأوثق.
وأشار وزير الخارجية إلى أن إحدى القضايا التي اتفقنا على بحثها في اللجنة الاقتصادية المشتركة هي مشاركة إيران والشركات الإيرانية في إعادة إعمار السودان. لقد خلفت الحروب الأخيرة الكثير من الأضرار، وسيتم الاستعانة بالقدرات الفنية والهندسية للشركات الإيرانية لإعادة البناء والاعمار. كما أن تصدير البضائع الإيرانية والسودانية وتلبية احتياجات البلدين مدرج على جدول الأعمال. توجد في السودان أيضًا بعض السلع التي يمكن للتجار الإيرانيين استيرادها إلى البلاد.
ووقع وزيرا خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية والسودان، مساء الإثنين في طهران، مذكرتي تفاهم، تتضمنان «إلغاء التأشيرات لحاملي جوازات السفر السياسية والخدمة» و»تشكيل لجنة سياسية مشتركة».
إيران مستعدة للمفاوضات
من جانب آخر، أعلن وزير الخارجية استعداد طهران لمواصلة المفاوضات مع ثلاث دول أوروبية، وشدّد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تتحمل لغة التهديد والضغط، وإن سياسة الضغط الأقصى ستفشل حتماً.والتقی عراقجي، الإثنین، المبعوث السويسري الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «ولفغانغ أماديوس برولهارت» على هامش المؤتمر الثامن للمحيط الهندي في سلطنة عمان. وأشار عراقجي في هذا اللقاء إلى العلاقات الطيبة وطويلة الأمد بين البلدين على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف.
