الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة وثلاثة عشر - ١٨ فبراير ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة وثلاثة عشر - ١٨ فبراير ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

تحت ذريعة إعادة هيكلة المؤسسات الفيدرالية

ترامب يؤسس لدكتاتورية فردية في أميركا

 /  يشهد النظام السياسي الأمريكي تحولاً جذرياً في ظل خطط الرئيس دونالد ترامب لإعادة هيكلة المؤسسات الفيدرالية، وخاصة ما يتعلق بمكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب المدعي العام. وتثير هذه الخطط، التي تتضمن إقالة الموظفين واستبدالهم بأشخاص موالين للرئيس، قلقاً متزايداً في الأوساط السياسية والقانونية الأمريكية. حيث يرى المراقبون أن هذه الإجراءات قد تمثل تحولاً خطيراً في طبيعة النظام السياسي الأمريكي، خاصة مع عودة ما يعرف بـ"برنامج F" الذي يهدف إلى إلغاء الحماية عن الموظفين الفيدراليين غير الموالين للرئيس. ويأتي هذا في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات داخلية وخارجية متزايدة، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه التغييرات على مستقبل المؤسسات الديمقراطية الأمريكية ومكانة
الولايات المتحدة العالمية.
يصف منتقدو ترامب هذا الإجراء بأنه خطوة أخرى نحو "السلطوية" ويعتقدون أن ترامب يقود أمريكا نحو دكتاتورية فردية. يقولون إن هذه الإجراءات أثارت مخاوف حول إضعاف الديمقراطية وسيادة القانون في أمريكا.
إقالات بالجملة
أصدر إميل باو، نائب المدعي العام المؤقت للولايات المتحدة، مؤخراً أمراً بإقالة عدة مدعين عامين شاركوا في التحقيقات المتعلقة بمحاولات ترامب لتغيير نتائج انتخابات 2020. أدى هذا الأمر إلى طرد حوالي اثني عشر موظفاً في مكتب المدعي العام للولايات المتحدة في
واشنطن العاصمة.
باو، الذي كان محامي ترامب في القضايا الجنائية للجمهوريين، طالب أيضاً بتقاعد أو إقالة عدة مدراء كبار في مكتب التحقيقات الفيدرالي. طلب قائمة بجميع عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين عملوا في قضايا 6 يناير، والتي قد تشمل آلاف الأشخاص. يُنظر إلى هذا الإجراء على أنه خطوة نحو إقالة هؤلاء
العملاء أيضاً.
في مذكرة داخلية حصلت عليها واشنطن بوست، استشهد باو بأمر تنفيذي وقعه ترامب في يومه الأول كرئيس. تضمنت هذه المذكرة طلباً بوقف "تسييس" القانون.
كتب باو في هذه المذكرة: "أعتقد أن المسؤولين الحاليين في وزارة العدل لا يمكنهم الوثوق بعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي هؤلاء للمساعدة في التنفيذ المخلص لأجندة الرئيس."
انتقام و إهانة للقانون
واجه هذا الإجراء ردود فعل واسعة النطاق. وصف "جيمي راسكين" نائب ماريلاند وعضو كبير في اللجنة القضائية بمجلس النواب، هذا الإجراء بأنه "إهانة شنيعة
لسيادة القانون".
كما كتب السناتور "كوري بوكر" من نيوجيرسي في منشور على منصة X (تويتر سابقاً): "هذا الإجراء المروع هو ببساطة انتقام. كان عمل هؤلاء المدعين العامين وعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي هو الحفاظ على سيادة القانون ومحاسبة أولئك الذين انتهكوا القانون من خلال عدم المشاركة في النقل السلمي للسلطة."
يقول منتقدو ترامب إن إجراءاته وإجراءات فريقه أثارت مخاوف جدية حول مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة. وفقاً لهم، فإن إقالة المدعين العامين وعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين شاركوا في تحقيقات 6 يناير يمكن تفسيرها كمحاولة لتقويض استقلال القضاء وتنفيذ القانون. قد تؤدي هذه الإجراءات إلى خلق الخوف والترهيب بين موظفي الحكومة وتمنعهم من أداء واجباتهم
بشكل محايد.
وقد وُصفت هذه الإجراءات من جانب آخر بأنها خطوة نحو السلطوية. يقول مختصون إن ترامب، من خلال استهداف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين العامين، يقوم بإنشاء نظام حكم فيه الولاء للرئيس يأتي قبل سيادة القانون.
يمكن للوضع الحالي أن يقوض ثقة الجمهور في المؤسسات القانونية والقضائية الأمريكية التي هي بالفعل ليست في وضع جيد. يقول المنتقدون إنه إذا ساد الاعتقاد بين الناس بأن المؤسسات الحكومية تخضع للضغوط السياسية، فقد يفقدون الثقة بشكل كامل في نظام العدالة الفيدرالي.
عودة برنامج " F " و الولاء السياسي
يمكن الآن اعتبار خطط ترامب متماشية مع التحذير الذي أطلقه فرانسيس فوكوياما، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد وواضع نظرية "نهاية التاريخ" المثيرة للجدل. فقد كتب مؤخراً في مقال في مجلة فورين أفيرز، مشيراً إلى مخاطر فترة رئاسة ترامب الثانية، معتبراً أن أكبر خطر هو احتمال العودة إلى برنامج F المقصود بهذا البرنامج هو الأمر التنفيذي الذي وقعه دونالد ترامب في أكتوبر 2020 والذي سعى إلى إلغاء بعض أشكال الحماية عن موظفي الحكومة غير الموالين للرئيس.
كتب فوكوياما: "أكبر تهديد قائم هو احتمال العودة إلى برنامج F. كان هذا اسم أمر تنفيذي في نهاية فترة ترامب الأولى والذي وضع جميع البيروقراطيين الفيدراليين تحت سلطته بحيث يمكن لترامب فصلهم واستبدالهم بأشخاص موالين."
ويضيف: "كان هذا في الأساس النظام السائد في القرن التاسع عشر قبل إقرار قانون بندلتون عام 1884. في ظل برنامج F، يصبح الجميع سياسيين وسيكون لهذا تداعيات كبيرة على المتخصصين في الحكومة. تنفيذه، كما في القرن التاسع عشر، سيتيح فرصة كبيرة للفساد لأن البعض يمكنهم الوصول إلى المناصب من خلال دفع المال."
لكن تهديدات ترامب لا تقتصر على المصالح الداخلية الأمريكية فقط. فإجراءاته والتوترات التي يخلقها داخلياً لها دور أيضاً في تراجع قوة أمريكا خارج حدودها.
يكتب فرانسيس فوكوياما في هذا الصدد: "منذ فترة وأنا أشعر أن العامل الوحيد الذي يقيس حقاً تراجع أمريكا هو التوترات القطبية داخل بلدنا، لأنه لا يهم مدى قوة اقتصادك أو جيشك. إذا لم تتمكن من الاتفاق على كيفية استخدام هذه الموارد، فكأنك لا تملكها أصلاً. أعتقد أننا في هذا الوضع حالياً. نرى هذا في قضية أوكرانيا. كان بإمكاننا الوقوف بحزم ضد الروس لكن الجمهوريين أوقفوا كل المساعدات العسكرية لأوكرانيا لمدة 6 أشهر في الشتاء الماضي."
تشير مجمل التطورات التي يشهدها النظام السياسي الأمريكي، وفق تحليل موقع فوكس نيوز وتحذيرات فرانسيس فوكوياما، إلى أن الولايات المتحدة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة تتسم بتراجع الثقة في نظام الحكم الأمريكي. فخطط الرئيس ترامب لإعادة هيكلة المؤسسات الفيدرالية، وخاصة ما يتعلق بمكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين العامين، إلى جانب إحياء "برنامج F"، تشير إلى تحول محتمل نحو نظام يعطي الأولوية للولاء السياسي على حساب الكفاءة المهنية والاستقلال المؤسسي. كما أن هذه التطورات الداخلية تنعكس سلباً على المكانة العالمية للولايات المتحدة، كما يتضح من قضية المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مما يشير إلى استمرار تراجع النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن التحديات التي تواجه النظام السياسي الأمريكي لم تعد تقتصر على القضايا الداخلية فحسب، بل امتدت لتشمل قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على دورها القيادي في النظام العالمي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي