الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • مقالات و المقابلات
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة وتسعة وتسعون - ٠١ فبراير ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة وتسعة وتسعون - ٠١ فبراير ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

بين التفاؤل والحذر

كيف سيكون شكل العلاقة التركية-الأميركية في الفترة القادمة؟

 / في خضم المشهد الجيوسياسي المعقد والمتغير باستمرار، تمثل العلاقات التركية الأمريكية نسيجاً متشابكاً من المصالح والتحديات الاستراتيجية. مع انطلاق الدورة الثانية للرئيس دونالد ترامب، تتجلى أهمية فهم دقائق هذه العلاقات المتعددة الأبعاد، والتي تتجاوز مفهوم التحالف التقليدي إلى شراكة معقدة تحركها المصالح المتبادلة والحسابات الجيوبوليتيكية. يكتسب هذا التحليل أهمية خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، حيث تسعى كل من تركيا والولايات المتحدة لتعظيم مكاسبها الاستراتيجية.
مع بدء الدورة الثانية للرئيس الجمهوري دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة، توجه العديد من الصحف والمحللين التركيين إلى دراسة مسار العلاقات بين واشنطن وأنقرة خلال هذه الفترة.
بعض الصحف القريبة من حزب العدالة والتنمية في أنقرة مثل صباح وأكشام وحرييت، تبنت نظرة متفائلة تجاه سياسات ترامب، متوقعة تحسناً كبيراً في العلاقات الأمريكية التركية وازدهاراً في المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية. بينما يرى محللون آخرون أن ترامب لم يكن يحمل نظرة إيجابية للغاية تجاه تركيا وأردوغان خلال الفترة من 2016 إلى 2020، ولا ينبغي توقع تغيير جذري مفاجئ.
العلاقات الاقتصادية: أهم اهتمامات تركيا
تشير الأدلة إلى أن بعض الخلافات السياسية الدائمة بين أنقرة وواشنطن ليست سهلة الحل. لكن هذا لم يؤثر على العلاقات الاقتصادية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والولايات المتحدة من 21.7 مليار دولار في عام 2020 إلى 27.8 مليار دولار في 2021، ثم 32.1 مليار دولار في 2022. وفي عام 2023، بلغ المبلغ 30.7 مليار دولار. خلال الولاية الأولى لترامب، بلغ متوسط التبادل التجاري السنوي 21.6 مليار دولار.
وأعلنت وكالة الأناضول الحكومية أن الهدف الجديد للحكومة هو تسجيل أرقام قياسية في المبادلات التجارية مع أمريكا. في عام 2024، ارتفع حجم التجارة بنسبة 50٪ تقريباً مقارنة بعام 2020 ليصل إلى 32.5 مليار دولار، مع صادرات تركية مهمة في مجالات المراجل البخارية، الآلات، المعدات الميكانيكية والمجوهرات. ويبقى الهدف الطموح للوصول إلى 100 مليار دولار سنوياً قائماً.
ارتفعت أيضاً السياحة الأمريكية إلى تركيا، حيث سجلت 1,015,363 سائحاً في عام 2022 و1,348,400 سائح في عام 2023. وفي 11 شهراً من عام 2024، سُجل 1,364,631 سائحاً، وهو ما يعتبر رقماً قياسياً مهماً.
صرح وزير التجارة التركي عمر بولاد بوجود علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة في المجالات العسكرية والدفاعية والسياسية والاقتصادية والتجارية، متوقعاً زيادة الاستثمارات المتبادلة. حالياً، يوجد أكثر من 2000 شركة برأس مال أمريكي تعمل في تركيا.
في العام الحالي، يتوقع توسع فرص جديدة في قطاعي النقل والاتصالات. تستعد الخطوط الجوية التركية لزيادة وجهاتها إلى 15 رحلة خلال أشهر الربيع.
من المتوقع أن يساهم خروج تركيا من "القائمة الرمادية" لـ FATF وتخفيض التصنيف الائتماني في فتح الباب أمام مستثمرين أمريكيين جدد. لكن الواقع يشير إلى أن العديد من المستثمرين الأمريكيين فضلوا العمل في أسواق الإمارات والسعودية والكويت وقطر والبحرين على السوق التركية.
الجمارك والتسلح والفضاء
يعد فرض التعريفات الجمركية من أهداف ترامب التي تثير قلق الأتراك. وزير التجارة التركي يأمل في خفض الرسوم الجمركية في قطاع المنسوجات وإزالة القيود على قطاع الفولاد. تأمل تركيا في زيادة التعاون في مجالات الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة، خاصة بعد إطلاق أول رحلة فضائية مأهولة والقمر الصناعي TÜRKSAT 6A العام الماضي.
أما في مجال التسلح، فإن إقصاء تركيا من قائمة مشتري طائرات F-35 كان حدثاً مؤلماً. يسعى أردوغان الآن للتفاوض على عودة تركيا للمشروع أو الحصول على بدائل مثل طائرات F-16.
تحذيرات وفرص
يلخص المحلل مراد يتكين رؤيته لترامب بأنه ليس عشوائياً كما يبدو. يجب على تركيا أن تدرك أن ترامب يتوقع مكاسب متبادلة، مستفيداً من الموقع الاستراتيجي التركي مثل مضيقي البوسفور والدردنيل وقاعدة إنجرليك.
تبدو العلاقات التركية الأمريكية في مرحلة دقيقة من التوازن الاستراتيجي المعقد، حيث تتشابك المصالح الاقتصادية والسياسية والدفاعية بطرق متداخلة وغير متوقعة. يكمن جوهر هذه العلاقة في قدرة البلدين على التفاوض والمناورة في المساحات الرمادية الدبلوماسية، متجاوزين الخلافات السطحية نحو مصالح أعمق وأكثر استدامة.
المفارقة الكبرى تكمن في طبيعة العلاقة المتقلبة التي تجمع بين استراتيجية التنافس والتعاون، حيث يبدو كل طرف في سعي دائم لتحقيق مكاسب نسبية دون المساس بالمصالح الجوهرية للطرف الآخر. يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل ستنجح تركيا في استثمار موقعها الاستراتيجي الفريد وتوظيف أوراقها التفاوضية بالشكل الأمثل خلال هذه المرحلة الحساسة؟ المستقبل وحده سيكشف عن مدى نجاح البلدين في إدارة هذه العلاقة المعقدة والمتغيرة باستمرار.
البحث
الأرشيف التاريخي