تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في ظل الإهمال الواضح والعجز الفاضح
حرائق لوس أنجلوس تعري ضعف النظام الأميركي
تشهد مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا حرائق هائلة غير مسبوقة منذ عدة أيام، تزامناً مع بداية فصل الشتاء، مما أدى إلى تشريد آلاف السكان وخسائر فادحة.
خسائر كبيرة
لم تنجح الجهود المبذولة حتى الآن في السيطرة على خمسة حرائق تمتد من ساحل المحيط الهادئ إلى باسادينا. ويُعتقد أن سبب الحرائق يعود إلى تماس كهربائي في خطوط الكهرباء خلال الرياح العاتية. وقد أفادت وسائل إعلامية محلية أن السلطات أمرت أكثر من 180 ألف شخص بإخلاء منازلهم، فيما يكافح نحو 400 رجل إطفاء النيران في المناطق الحساسة.
وقد التهمت الحرائق ما يزيد عن 200 ألف هكتار من الغابات والمناطق السكنية والبنية التحتية الحضرية. وتشمل الأضرار تدمير مئات المنازل وتشريد آلاف السكان. وتقدر شركة "أكيوويذر" الخسائر الناجمة عن هذه الحرائق بما يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، خاصة وأن المناطق المتضررة تضم بعضاً من أغلى العقارات في أمريكا.
قطاع التأمين أكبر المتضررين
تعرض قطاع التأمين لضربة قوية، حيث تتوقع شركات مثل مورنينغستار وجيه بي مورغان أن تتجاوز خسائر الممتلكات المؤمَّنة 8 مليارات دولار. وقد تم تدمير أكثر من 5300 منشأة في حريق باليسيدز و5000 منشأة في
حريق إيتون.
وقد صرح جوناثان بورتر، كبير خبراء الأرصاد في أكيوويذر، بأن هذا الجحيم الذي تفاقم بسبب الرياح وينتشر بسرعة، قد تسبب في واحدة من أكثر كوارث الحرائق تكلفة في تاريخ أمريكا الحديث.
ووفقاً لتقرير شركة التأمين "إيه أو إن"، لا يزال حريق عام 2018 في شمال كاليفورنيا، المعروف باسم "كامب فاير" والذي وقع بالقرب من مدينة باراديس، يعتبر أكثر حوادث الحرائق تكلفة في تاريخ أمريكا، حيث بلغت الخسائر المؤمن عليها حوالي 12.5 مليار دولار. وقد أدى ذلك الحريق إلى مقتل 85 شخصاً وتشريد أكثر من 50 ألف شخص.
بالإضافة إلى ذلك، يشير بعض الخبراء إلى التكاليف غير المباشرة، مثل انخفاض قيمة العقارات، والآثار النفسية والاجتماعية على السكان، وارتفاع أقساط التأمين. وتعتبر وسائل الإعلام المنتقدة هذه الأرقام دليلاً على عمق الأزمة وعدم كفاءة الحكومة في منع الحرائق وإدارتها، مطالبة بمزيد من الاهتمام بالتغيرات المناخية وإعادة بناء البنية التحتية
لمواجهة الأزمات.
كما أعرب سكان لوس أنجلوس عن قلقهم البالغ إزاء عدم توفر التمويل اللازم لإعادة بناء منازلهم المتضررة جراء الحرائق الأخيرة. تفاقمت هذه الأزمة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف الإصلاحات.
أفاد العديد من السكان بأن شركات التأمين تتأخر أو ترفض تغطية التكاليف بالكامل، مما يزيد من معاناتهم. بالإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور العمال إلى زيادة العبء المالي على المتضررين، الذين يجدون أنفسهم بين الحاجة الملحة للإصلاح وعدم القدرة على تحمل النفقات.
دعا السكان السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية إلى التدخل الفوري لتقديم الدعم المالي وإيجاد حلول عملية
لهذه المشكلة.
سوء إدارة وبنية تحتية ضعيفة
تعد الحرائق الحالية في لوس أنجلوس من أشد الكوارث الطبيعية في السنوات الأخيرة في ولاية كاليفورنيا، وقد خلفت أضراراً لا يمكن تعويضها. هذه الحرائق، التي انتشرت بسرعة غير مسبوقة، لم تدمر الموارد الطبيعية فحسب، بل كشفت أيضاً عن عيوب خطيرة في إدارة الأزمات والسياسات البيئية للحكومة الأمريكية.
أحد العوامل الرئيسية وراء انتشار الحرائق هو سوء إدارة الموارد الطبيعية والغابات. فقد خفضت الحكومة الأمريكية في السنوات الأخيرة الميزانية المخصصة لإدارة الغابات، مما أدى إلى تراكم المواد القابلة للاشتعال مثل الأغصان الجافة والأوراق في الغابات.
علاوة على ذلك، فإن عدم استخدام التقنيات الحديثة ونقص الخبراء المتخصصين لمراقبة حالة الغابات أدى إلى عدم اكتشاف هذه الأزمة والسيطرة عليها في مراحلها الأولى. نقاط الضعف، إلى جانب التغيرات المناخية، أدت إلى زيادة شدة وانتشار الحرائق.
إحدى المشكلات الأساسية الأخرى في هذه الكارثة هي البنية التحتية غير الكافية لمواجهة الأزمات. فنقص معدات إطفاء الحرائق، وعدم توفر موارد مائية كافية، ومحدودية القوى العاملة كلها عوامل جعلت السيطرة على الحريق أمراً صعباً.
بالإضافة إلى ذلك، أدى تأخر استجابة الحكومتين الولائية والفيدرالية للأزمة إلى زيادة حجم الأضرار. فعلى الرغم من التحذيرات الأولية بشأن اندلاع الحرائق، تصرفت الحكومة ببطء شديد في إرسال قوات الإغاثة والمعدات الضرورية. هذا التأخير لم يؤد فقط إلى زيادة التكاليف المالية، بل عرض حياة آلاف الأشخاص للخطر أيضاً.
و رغم أن التغير المناخي، يعد أحد العوامل الرئيسية في زيادة شدة وعدد الحرائق في كاليفورنيا، إلا أن سياسات الحكومة الأمريكية تتجاهله بشكل تام. فارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، وموجات الجفاف المتكررة خلقت ظروفاً مثالية لاندلاع الحرائق.
وعلى الرغم من هذه الأدلة العلمية، تواصل الحكومة الأمريكية دعم الصناعات الملوثة وتخفيض الميزانيات البيئية بدلاً من تبني سياسات مستدامة للحد من آثار التغير المناخي. هذا النهج لا يؤدي فقط إلى تفاقم الكوارث الطبيعية، بل يرسم مستقبلاً أكثر خطورة للناس والبيئة.
في ضوء هذه الكارثة التي تعصف بلوس أنجلوس، يتضح جلياً أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة الأمريكية التي فشلت في اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة وتجاهلت الإنذارات المبكرة. فتخفيض الميزانيات المخصصة لإدارة الغابات، وإهمال البنية التحتية، والتقاعس عن مواجهة التغير المناخي، كلها قرارات حكومية أدت إلى تفاقم
هذه الكارثة.