روسيا تعزز قدراتها الردعية
كتبت صحيفة "فزغلياد" الروسية الإلكترونية في تحليل لها أن إجراء تغييرات في العقيدة النووية الروسية وإنتاج واختبار صاروخ "أورشنيك" كانت من بين الإجراءات التي اتخذتها روسيا في عام 2024، وبالتالي غيرت واقع الردع النووي في أوروبا والعالم بشكل عام. أرسلت موسكو رسالة واضحة إلى واشنطن وبروكسل: لن يمر انتهاك المصالح الأمنية الروسية دون رد. والأهم من ذلك أن هذه الإجراءات تمت دون تصعيد مستوى التوتر.
شهد العام الماضي تغييرات مهمة في النهج الروسي في مجال الأمن الاستراتيجي. في نوفمبر، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إجراء تعديلات على مبادئ السياسة الحكومية في مجال الردع النووي، والتي تحدد بشكل أدق معايير استخدام الأسلحة النووية. وفقاً لهذه الوثيقة، ستعتبر موسكو الآن أي هجوم من دولة غير نووية مدعومة من قوة نووية بمثابة هجوم مشترك من كلا الطرفين.
وبعد فترة، عززت موسكو التغييرات في عقيدتها من خلال اختبار صاروخ "أورشنيك" الباليستي متوسط المدى الجديد. تم استخدام هذا النظام الصاروخي في الهجوم على مصنع "يوزماش" في دنيبروبتروفسك الأوكرانية. كان هذا الإجراء رداً على استخدام الأسلحة الأمريكية والبريطانية للهجمات على عمق الأراضي الروسية. علاوة على ذلك، يمكن تجهيز صواريخ "أورشنيك" برؤوس حربية نووية. وفي هذا السياق، من الجدير بالذكر أن هذه الأنظمة سيتم نشرها في أراضي بيلاروسيا في المستقبل القريب.
ووفقاً للمحللين، فإن هذا الإجراء الروسي، مع الأخذ في الاعتبار التغيير في العقيدة النووية، سيساعد في تحقيق توازن مقابل التفوق العددي لدول الناتو في أوروبا. وشرح الخبير العسكري أليكسي أنبيلوغوف قائلاً: "شهد قسم الأسلحة النووية في العقيدة الروسية تغييرات تبدو صغيرة لكنها مهمة للغاية. يظل المبدأ الأساسي في هذه الوثيقة قائماً، والذي ينص على أن روسيا لن تقوم أبداً بضربة نووية استباقية."
وأضاف: "لكن في هذه الوثيقة، تم توسيع قائمة الإجراءات المحتملة للعدو التي يمكن أن تؤدي إلى استخدام روسيا للأسلحة النووية. وفقاً للتعديلات، تم اعتبار الإجراءات التي يمكن تفسيرها على أنها حرب هجينة. على سبيل المثال، تدعم القوات المسلحة الأوكرانية عدة قوى نووية تستخدم قدراتها الهجومية للتأثير على القدرات النووية الروسية."
وذكر هذا الخبير أن القوات المسلحة الأوكرانية حاولت عدة مرات استخدام الطائرات المسيرة وكذلك صواريخ كروز والصواريخ العملياتية-التكتيكية لمهاجمة البنية التحتية النووية الروسية.مما يعني أن روسيا تعتبر نفسها محقة في استخدام الأسلحة النووية رداً على مثل هذه الإجراءات. ومع ذلك، شدد على أن هذا لا يعني أن تنفيذ مثل هذه الإجراءات أمر مؤكد.
وقال أنبيلوغوف: "تقيّم القيادة العسكرية-السياسية الروسية بعناية العواقب المحتملة للتصعيد. من الواضح أن استخدام الأسلحة النووية سينقل الصراع فوراً إلى مستوى أكثر خطورة. وهنا يبرز دور عامل 'أورشنيك'."
كما أشار هذا الخبير إلى أن نظام صواريخ "أورشنيك" وفر لموسكو إمكانية تنفيذ المهام العسكرية التي كانت سابقاً ممكنة فقط باستخدام الأسلحة النووية، باستخدام أسلحة غير نووية. والسبب في ذلك هو سرعة رؤوس "أورشنيك" عند اصطدامها بالهدف، والتي تصل إلى 3 كيلومترات في الثانية. الطاقة الحركية لهذه الرؤوس لديها القدرة على إلحاق أضرار تتجاوز بكثير الذخيرة التقليدية الكبيرة بالعدو. وبالتالي، فإن نشر "أورشنيك" يوفر لموسكو رافعة خطيرة للردع غير النووي. وبالطبع، إذا لزم الأمر، يمكن تجهيز هذه الذخيرة برأس نووي، وإذا كان هذا النظام يحمل عدة رؤوس نووية، فإن الحديث عن قوته التدميرية سيكون مختلفاً تماماً. وذكر أن فلاديمير بوتين وافق على نشر نظام صواريخ "أورشنيك" في أراضي بيلاروسيا، وربما يكون هذا الإجراء رداً استباقياً من موسكو على الخطة المعلنة لنشر صواريخ أمريكية متوسطة المدى في ألمانيا بحلول عام 2026. وبالتالي، أظهرت روسيا مسبقاً أن أي خطة لنشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في الأراضي الأوروبية سيتم الرد عليها بإجراءات مضادة.