تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
عراقجي، مُعلناً في ضوء زيارته إلى بكين:
بدء فصل جديد من التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين
وجاء في المقال: إنه لمن دواعي الفخر أنه عشية عيد الربيع الصيني أتيحت لي الفرصة للسفر إلى بكين للتشاور مع صديقي العزيز السيد وانغ يي. ولقد كتب الشاعر الصيني القديم "يي يونغ" قصيدة جميلة يصف فيها عيد الربيع، ويقول: "لقد اختفت الرياح والصقيع في السماء والأرض، وأصبح الهواء في العالم متناغمًا. وتضاف سنوات جديدة إلى التقويم ويملأ الربيع الجبال والأنهار القديمة".
وأضاف: تأتي زيارتي للقاء الأصدقاء القدامى في الصين بعد الاجتماع الناجح للقادة في قازان على هامش أول ظهور رسمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها العضو الرئيسي في البريكس، في ظل وضع مهم وتاريخي وفي ظل التطورات العالمية والإقليمية، حيث أصبح مسار التعاون العملي بين البلدين أوسع من ذي قبل باتفاق القادة.
وأكمل: لقد مرت خمس سنوات تقريبًا منذ آخر مرة أتيت فيها إلى بكين في عام 2019. وفي ذلك الوقت، ذهبت إلى الصين للمشاركة في "الاجتماع التشاوري المشترك حول خطة العمل الشاملة المشتركة" وأجريت محادثات جيدة مع الأصدقاء الصينيين. لقد حاولنا بشكل مسؤول إقناع الأطراف الأخرى بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة والالتزام بالتزاماتها، ومن خلال نهج مسؤول وعملي، أظهرنا أن القضايا النووية جزء لا يتجزأ من التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، وما يجعل الإتفاق يدوم هو "التصرف بمسؤولية" و"الالتزام بالالتزامات" ومع إيران كلاعب مهم وينبغي مناقشة قضايا المنطقة باحترام ومساواة.
نجاح الصين باعتبارها "دولة نامية"
وأردف عراقجي: إن نجاح الصين باعتبارها "دولة نامية" يفتح الكثير من الأمل أمام بلدان نامية أخرى قادرة على التغلب على أصعب المشاكل في ظل الانسجام والتعاطف والتعاون؛ إن بناء مجتمع إنساني بمستقبل مشترك كشعار أساسي للرئيس شي جين بينغ قد خلق عملية تاريخية لمجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، وأعتقد أنها متسقة ومتناغمة مع مبادرة الرئيس بزشكيان للتعاون والتقارب؛ إنه جهد لحماية إرث الماضي ومد الجسور للمستقبل، وفي الوقت نفسه تحديد الفرص وإنتقائها رغم التهديدات لتمهيد الطريق لتعاون جديد؛ لأن حكماء إيران يؤمنون بأن "الماضي هو نور المستقبل" و"وراء كل ظلام نور".
لقد بدأت إيران والصين منذ فترة طويلة تعاونهما العملي لتعزيز التعددية وتطوير القيم المحلية، ودافع كل منهما عن المصالح الأساسية للآخر في المنتديات الدولية. التنسيق السياسي والدفاعي الوثيق، وتبادل الوفود رفيعة المستوى والحزبية، والتعاون في مبادرة الحزام والطريق، والتعاون في تنفيذ "اتفاقية بكين الثلاثية" كبداية لسلسلة المصالحة في غرب آسيا. إن عقد محادثات النخبة ومراكز الأبحاث والتعاون الثقافي الوثيق وخاصة معرض مجد إيران القديمة، والذي أصبح الآن في محطته الثالثة بعد بكين وشانغهاي في شينجيانغ، هي أمثلة حديثة للتعاون العملي بين البلدين، والتي يتماشى مع تنفيذ المبادرات الثلاث للرئيس شي الذي لعب دورا هاما في تعزيز التعددية وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني.
مصالح ومخاوف مشتركة
وأكمل وزير الخارجية: هناك مصالح ومخاوف مشتركة بين إيران والصين ليس فقط على المستوى الثنائي والإقليمي، بل وأيضاً على المستوى الدولي، ومع الإيمان الراسخ بأهمية التعددية وفوائد التعاون الجماعي من أجل ازدهار المجتمع البشري، يواصل البلدان التعاون الوثيق في الآليات المتعددة الأطراف، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، إن التعاون مع الأعضاء والشركاء الآخرين بهدف الرخاء والتنمية والأمن والاستجابة للتحديات العالمية الجديدة هو إحدى أولويات إيران والصين. وأنا على ثقة من أن الصين ستوفر فرصاً جديدة للتعاون الجماعي مع رئاستها الناجحة لمنظمة شنغهاي للتعاون في عام 2025.
وقال عراقجي: سيواصل البلدان معاً التنمية وتوفير الأمن للمنطقة والعالم وسيواصلان ذلك بإرادة قوية. إن إجراء مناورات الأمن البحري 2024، الذي كان مظهراً للتعاون رفيع المستوى والجهود المشتركة لضمان الأمن البحري، يعد علامة أخرى على التعاون العملي والاستراتيجي بين البلدين.
وأكمل: تواجه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات، جوهرها القضية الفلسطينية، لقد تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة الناجمة عن الإبادة الجماعية المدعومة من بعض القوى بسبب تقاعس المجتمع الدولي وسلوكه غير المسؤول. لقد دافعت إيران دائماً عن المطلب المشروع للشعب الفلسطيني بالحق في تقرير المصير، إننا نتشاطر الرأي مع أصدقائنا الصينيين بأن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية هو الأولوية الأهم في الوضع الحالي في فلسطين. وفيما يتعلق بالتطورات في سوريا، أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على احترام وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها، وتعتبر أن اتخاذ القرار بشأن مستقبل سوريا هو مسؤولية شعب هذا البلد وحده دون تدخلات هدامة أو فرض أجنبي، وهذا المبدأ الأكيد يجب أن يأخذه كل الأطراف بعين الاعتبار وهو أن شعوب المنطقة هي التي لها الدور الحاسم في تشكيل مصيرها السياسي والاجتماعي وأمنها وتنميتها.
واستطرد وزير الخارجية: نواجه تغيرات غير مسبوقة في العالم، وقد وضعت هذه التغيرات الدول أمام "فرص" و"تحديات" معقدة في الوقت نفسه، ووضعت العالم على "مفترق طرق تاريخي" بين المواجهة أو التعاون، والاحتكار أو الشمول، والانغلاق أو الانفتاح، والفوضى واختيار السلام أو الاستقرار.
ومن أجل مواجهة الأحادية والبلطجة، ستدعم إيران والصين دائماً التنمية والازدهار والتعاون والصداقة بين دول الجنوب العالمي وستقفا على الجانب الصحيح من التاريخ، لأن "المواجهة والعداء" لن يؤدي إلا إلى إضعاف المصالح الجماعية للمجتمع الدولي، ولن يكون هناك فائزون في نهاية المطاف. إيران والصين، باعتبارهما حضارتين آسيويتين قديمتين، صديقتان في الأوقات الصعبة، وقد لعبا دورهما كدولتين مسؤولتين في توفير السلام وتنمية المجتمع البشري.
ووصل وزير الخارجية، صباح أمس، إلى بكين بدعوة رسمية من نظيره الصيني فانغ يي، وذلك بهدف إجراء مباحثات مع كبار المسؤولين في الصين.