حين يفلت ترامب حبل الأوكسجين من نتنياهو ويزول الكيان!
د. انور الموسى*
باتت قصة البلطجي الأزعر والبيك تنطبق على الكيان الصهيوني المتقهقر وسيده الأمريكي المأزوم.. وهي قصة إن دلت على شيء فإنها تدل على مؤشرات انهيار الكيان الغاصب وزواله رويداً رويداً... يروى أن بلطجيا ضرب سيداً فلم يعاقبه الأخير، بل دعمه في اعتداءاته إلى أن أعطاه سلاحاً قتل فيه مرة أحد الابرياء، لكن البيك لم يدعمه هذه المرة، بل سحب يده وقال له الآن انتقمت منك فاذهب إلى الجحيم...
فأميركا والغرب عامة، يدعمون الكيان الغاصب، ويمدونه بالأوكسجين المتمثل بالسلاح الفتاك المدمر لكل مقومات الحياة.. ولا سيما في حروب إبادة غزة ولبنان.. فهو يصفعهم كل يوم عبر سياسات الابتزار المالي والعسكري والخدماتي والتكنولوجي.. وهم بالمقابل يقدمون له ما يصبو إليه، تماما كمن يربي طفلا يود تنشئته تنشئة فاسدة... والنتيجة الحتمية توريط هذا الكيان بسحب اليد من دعمه ولا سيما العسكري، حيث سيكون مفلساً، أو بالأحرى متقهقراً
مهزوماً شر هزيمة.
فالدعم الأمريكي العسكري اللامحدود للكيان المجرم بالسلاح، وحتى بالرجال والاستخبارات، لم يشهد له التاريخ مثيلا، فهو مكلف جدا على الولايات الأمريكية التي تقتطع من مواطنيها الضرائب التي يصرف قسم منها لإبادة الشعب الفلسطيني واللبناني.
فصحيح أن اللوبي الصهيوني المتحكم بقرارات الحكومة الأمريكية في الانتخابات وصنع القرار هو المؤثر، لكن متى ما وجدت أمريكيا مصالحها في خطر ستعيد الحسابات ألف مرة، وستدرك أن هذه المستعمرة اللقيطة باتت عبئا عليها... ما يستوجب ضغطاً عربياً وإسلامياً وتهديداً فعليا لمصالح امريكا في المنطقة.
لكن المؤسف أن هذا الضغط لا يزال هزيلا جداً، وهذا ما تبدى من خلال قرارات المؤتمرات..ومع ذلك، فإن هناك بوادر إيجابية في أوروبا تتمثل في تظاهرات الشعوب الأوروبية والعرب والمسلمين الداعية إلى وقف مجازر غزة... فضلا عن الهبّات الطلّابية في غير جامعة أوروبية وحتى أميركية.
ولا نحتاج إلى دليل للقول إن أمريكا مشاركة شخصيا في حرب الإبادة، فهي لا تقتصر على إرسال السلاح والقنابل الفتاكة والمحرمة دوليا لهذا العدوان السافر، بل تشارك أيضا في الحرب، وهو ما ظهر في قصف اليمن والتدخل الفعلي في محاولات إسقاط الصواريخ الإيرانية في الاستهدافين الأخيرين للكيان ناهيك بإرسال فرقة اعتراض صواريخ المقاومة في لبنان، ولا ننسى الحرب الإعلامية الأمريكية واللعب على الخدعة الكبرى بالقول إن الكيان الصهيوني يستهدف حزب الله فقط أو حماس فقط.
فالكذبة الأخيرة لم تعد تنطلي على أحد، كون لبنان كله مستهدف في المجازر وكذلك الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات... والتدمير في لبنان مثلا نلحظه من شماله إلى جنوبه حتى الرضيع الذي أحالته القنابل الأمريكية إلى أشلاء... وحتى كذبة أميركا بتوسطها بالمفاوضات تجعل من المفاوض الأمريكي ألعوبة بيد الصهاينة... فهو ليس متحيزا وحسب، بل يلجأ إلى تأدية دور المخادع والمتملص من أي تقدم لوقف إطلاق النار...ولا ننسى الأعباء الاقتصادية التي تتكبدها المصالح التجارية الأمريكية في البحر الأحمر... فهي مؤلمة جدا لكل من يدعم الكيان، لأنه يترتب عليها خسائر هائلة... فمتى شعرت أمريكا أن مصالحها ستتأثر أكثر.. فإنها ستعيد حساباتها... فإن اضفنا تهديد مصالحها في البحر الأحمر إلى استهداف مصالحها في العراق والشرق الأوسط ككل... فإن المعادلة ستنقلب، وسيضاف عبء كبير إلى خسائر أمريكا في المنطقة... في المحصلة، سيدرك الرئيس المنتخب ترامب آجلاً أم عاجلاً أنه يغطي على مجرم مختل نفسياً هو نتنياهو الذي يتلهث على البقاء في الحكم بلا محاكمة على فساده... وسيدرك أكثر أن مصالحه مع هذا المختل مهددة داخليا وخارجيا.
* كاتب واديب لبناني