عراقجي، مؤكداً أن إيران ستواصل دعمها للمقاومة بقوّة:
نجحنا في خلق قوّة إقليمية موحّدة ضدّ الكيان الصهيوني
صرح وزير الخارجية عباس عراقجي، في مقابلة تلفزيونية مساء السبت، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مُستعدة للمفاوضات حول الملف النووي؛ لكنّه صرّح في الوقت ذاته انه "لو أصدر مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً ضد إيران، فسنتّخذ إجراءات جديدة لن يُحسدوا عليها".
وقال عراقجي: عندما جرت الرحلات الإقليمية، كنا في وضع خاص في المنطقة، حيث هاجم الكيان الصهيوني لبنان وحدث استشهاد السيد حسن نصر الله وبعد ذلك رد فعل إيران على هذا الأمر. وأضاف: لكن في النهاية نفذنا رداً حاسماً وقوياً للغاية على هذه الاعتداءات بعملية "الوعد الصادق 2"، حيث ان عدد الصواريخ التي تم إطلاقها وأصابت الأهداف بكل طبقات الدفاع الموجودة بنسبة أكثر من 90 بالمئة مؤشر على نجاح العملية، في تلك الظروف كانت المقاومة تعيش وضعاً صعباً، وهذا الوضع مستمر منذ عام في غزة، وكان قد بدأ للتو في لبنان، كما تلقى حزب الله اللبناني ضربات أيضاً.
إيران ستستمر في دعم المقاومة
وتابع وزير الخارجية: في تلك الظروف كان من الضروري أن نقوم بإظهار دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمقاومة، وكان من الضروري أن نكون حاضرين في الساحة ونجدد لأصدقائنا في جبهة المقاومة، أصدقائنا في حزب الله، التأكيد على أن إيران ستستمر في دعم المقاومة واستعادة ثقتها بنفسها، التي ربما ضعفت بعض الشيء بسبب هذه الضربات. وكان من الضروري أيضاً إظهار قدرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لإثبات أنها لن تتراجع عن أهدافها ومثلها العليا تحت أي ظرف من الظروف.
وقال عراقجي: خلال الزيارة إلى لبنان عقدت لقاءات مهمة مع المسؤولين فيه، وطبعاً الوضع الآن أفضل بكثير من تلك الأيام، والمقاومة استعادت قدرتها وكبدت الكيان الصهيوني الكثير من الخسائر. على أية حال، كانت تلك الأيام أياماً صعبة، سواء على الساحة السياسية أو على الساحة الميدانية. وتابع: إن صلاة الجمعة التي أمّها قائد الثورة الاسلامية عززت الروح المعنوية كثيراً. كما أن رحلة السيد قاليباف إلى لبنان بعد أيام قليلة ورحلة السيد لاريجاني إلى سوريا ولبنان قبل أيام، كل هذه الأمور أدت إلى إعادة بناء روح محور المقاومة، وقد عاد حزب الله إلى موقعه القوي في الميدان.
طمأنة دول المنطقة
وقال عراقجي: إن هدفي الأساسي من زياراتي للمنطقة كان عدة نقاط، أولاً طمأنة دول المنطقة بأن المقاومة لا تزال قوية وراسخة في مكانها، وإحباط التصورات التي خلقتها الدعاية التي يقوم بها الكيان الصهيوني وأميركا وآخرون بأن المقاومة قد انتهت. كشاهد ميداني، ذهبت إلى بلدان مختلفة وسردت ما رأيت، وقلت إن حزب الله إذا أصيب في الرأس؛ لكن جسمه سليم وقاعدته الاجتماعية لا تزال في مكانها.
وتابع وزير الخارجية: في المرحلة المقبلة كان هناك تحذير من خطر الكيان الصهيوني، وأن أهداف هذا الكيان لا تقتصر على غزة ولبنان، وأن لديه أهدافاً ومخططات أكبر لتحويل المنطقة بأكملها إلى منطقة حرب ونار. رسمت سيناريو واقعياً لما يمكن أن يحدث لدول المنطقة، وكانت معلوماتها قليلة نوعاً ما ولم تكن تحليلاتها صحيحة بعض الشيء؛ ولكن بعد ذلك، رسمنا قلقاً مشتركاً حول أهداف الكيان الصهيوني والجرائم التي يرتكبها وبالطبع الأهداف التي يريد أن الوصول اليها في المستقبل.
صوت منسق وموحّد ضد الكيان
وقال: قلنا لهم إننا نواجه كياناً يمارس الإبادة الجماعية والجرائم في المنطقة، وقلنا لهم أنه يجب أن يكون لدينا صوت منسق وموحد ضد هذا الكيان ونوقف آلته الحربية وجرائمه. وأضاف: في هذا الصدد، تم تحقيق نجاح جيد وقمت برحلات إلى دول مختلفة في المنطقة، معظمها الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا وبعدها بقليل باكستان، وأعتقد أننا نجحنا في خلق قوة إقليمية موحدة ضد الكيان الصهيوني، وأصبح ذلك عامل ضغط على أمريكا والغربيين والكيان الصهيوني، ونجحنا في منع المزيد من توسيع الحرب والذهاب نحو الكارثة التي كان الكيان الصهيوني يبحث عنها.
حركة موحّدة في المنطقة
وأوضح وزير الخارجية: مع هذا التحرك الدبلوماسي الإقليمي، بالإضافة إلى جاهزية قواتنا المسلحة للرد على أي عمل يقوم به الكيان الصهيوني، واستعداد الحكومة لدعم المقاومة في المنطقة، شهدنا على الفور أن مختلف الدول في المنطقة أبدت رد الفعل على عدوان الكيان الصهيوني على ايران، وأدانت تصرفات هذا الكيان، ومازالت هذه الإدانة مستمرة، وقد رأينا في الاجتماع الأخير الذي عقد في الرياض أن (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان أدان هجوم الكيان الصهيوني على إيران، وعلى الاثر ادانت الدول الاخرى ايضا هذا العدوان.
وقال عراقجي: لدينا الآن حركة موحدة في المنطقة، فهم مشترك وقلق مشترك بشأن تهديدات الكيان الصهيوني، والذي سيكون فعالا في السيطرة على آلة الحرب الصهيونية.
كيفية التعامل مع الحكومة الأميركية
وقال وزير الخارجية: سنتصرف تجاه الحكومة الأمريكية الجديدة بناء على سياساتها، وما تطبقه في العمل يهمنا، الأشخاص الذين تم تعيينهم الآن يحملون خصائص متطرفة في دعم الكيان الصهيوني. وأضاف: أهدافنا وسياساتنا واضحة وننتظر لنرى كيف سيتحركون وسنتصرف بناء على ذلك. في الولاية الأولى لترامب، أتذكر أن مثل هؤلاء الأشخاص جاءوا؛ ولكن بعد فترة قصيرة تغير شخصان أو ثلاثة. ولعل من سمات إدارة ترامب السابقة أنه لم يكن هنالك شيء يمكن التنبؤ به، وكانت هناك تغييرات مستمرة جعلت العالم ينظر إلى ترامب على أساس عدم الثقة تماماً. على أية حال، من السابق لأوانه الحكم على ذلك، ونحن ننتظر أن يعلنوا سياستهم لنتصرف وفقًا لها.
وحول الزيارة الأخيرة التي قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران ولقائه به، قال وزير الخارجية: إن سلوكنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو سلوك مهني تماماً، وعليه أن يقوم بواجباته في المجال الفني، وليس له الحق في الدخول إلى المجالات السياسية، وطالما قامت الوكالة بواجبها المهني فسوف نتعاون معها. عندما التقيت بالسيد غروسي، فان أول ما قلته، هل رحلتك فنية أم سياسية؟ فقال إنه سؤال جيد وذو صلة، ثم أوضح أن الرحلة تقنية تماماً. وقال عراقجي: في كل مرّة أصدروا قراراً، أبدينا نحن ردّ الفعل وكل المسؤولين يقولون، وأقولها مرة أخرى، إذا حدث هذا الأمر سنتخذ إجراءات جديدة ولن يكونوا سعداء بها بالتأكيد. وأضاف: من المحتمل أن تبدأ المفاوضات مع الأطراف الأوروبية مرة أخرى قريباً؛ لكن الحديث عن عملية المفاوضات في مسقط متوقف لأنه يتعين علينا أن نرى ما هو النهج الذي ستتبعه الحكومة الأمريكية الجديدة وسنتصرف وفقا لذلك. وأوضح: نحن على استعداد تام للمفاوضات.
الدبلوماسية الإيرانية
وتطرق عراقجي إلى العلاقات الخارجية والسياسة الدبلوماسية التي تعتمدها ايران، قائلاً: إنها تركز على دول الجوار ومن ثم الدول الصديقة كالصين وروسيا والبحث عن مجالات جديدة للعمل والنشاط الدبلوماسي، موضحاً ان العلاقات الإيرانية بروسيا والصين قد تقدمت بصورة جيدة خلال الشهور الماضية رغم الأزمات الدولية، وان قمة دول مجموعة بريكس كانت مجالاً جيداً للعمل الدبلوماسي الإيراني، وقد أجرى الرئيس بزشكيان لقاءات جيدة جداً مع قادة الصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند.
وشدد بأن الدبلوماسية الايرانية تركز جهدها على العلاقات مع الدول الجارة ودول المنطقة ومن ثم دول مجموعة بريكس. وتابع: في الواقع، فإن الاهتمام الرئيسي لسياستنا الخارجية ينصب أولاً تجاه المنطقة والجيران ومن ثم الدول التي شكلت بريكس بهدف إصلاح النظام العالمي القائم. ومن أهداف مجموعة بريكس إزالة الدولرة، أي تقليص دور الدولار في المؤسسات الاقتصادية من خلال إنشاء مؤسسات التوازن مثل بنك التنمية الجديد الذي أنشأته مجموعة البريكس أمام البنك الدولي، أو من خلال المؤسسات والمحافل الدولية.
الردّ على العدوان الصهيوني الأخير
وتابع عراقجي: إن إيران اثبتت خلال السنوات الماضية وخاصة خلال السنة الأخيرة وبعد بدء الحرب في غزة أنها تتصرف بحكمة وذكاء وتتحرك بموجب الحكمة والمصلحة والعزة. وأكد حتمية الرد على العدوان الصهيوني الأخير على إيران، وقال: الموقف الإيراني كان واضحاً جداً منذ اليوم التالي لوقوع العدوان الصهيوني، حيث لإيران حق الرد وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ونحن مَن نقرر موعده وطبيعته وسنقوم به في الموعد المعين.
وفيما يخص التهديدات الصهيونية ضد المنشآت النووية الإيرانية، قال عراقجي: إن الكيان الصهيوني لا يلتزم بأي قوانين ومبادئ دولية ويمكن أن يرتكب أي فعل، كما أن المنظمات الدولية تغض الطرف عن ذلك بسبب النفوذ الأميركي وتواجد القوى الأوروبية في هذه المنظمات ولا يوجد أي تصد لجرائم الحرب وجرائم الإبادة، لقد أطلق هؤلاء تهديدات كثيرة ونحن قلنا بصراحة لغروسي، ولجميع الذين كان ضرورياً أن نبلغهم، وأيضاً خلال جولاتي الإقليمية، بأن أي فعل صهيوني ضد إيران سيجابه بفعل يوازيه تماماً وانهم يعلمون إذا هاجموا منشآتنا النووية ما الذي سيحصل.