تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا قبل نهاية العام
الولايات المتحدة تواجه مأزقاً تقنياً وعسكرياً
يبدو أن الديمقراطيين سيحاولون إرسال أكبر قدر ممكن من الأسلحة إلى أوكرانيا قبل تنصيب دونالد ترامب، استباقاً لتوقعات بأن الرئيس القادم سينهي المساعدات العسكرية أو يقللها على الأقل. ووفقاً لتقرير حديث في وسائل الإعلام الغربية، هناك خطة لتسريع شحن الأسلحة وتسليم معدات متنوعة إلى كييف قبل نهاية العام. غير أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الصعوبات اللوجستية ووضع المخزونات العسكرية قد تعيق هذا المشروع بشكل كبير.
حزمة مساعدات ضخمة
وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، يبذل الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه جهوداً لإرسال حزم مساعدات عسكرية ضخمة إلى أوكرانيا، مستخدمين المبلغ المتبقي وقدره 7 مليارات دولار من ميزانية المساعدات المعتمدة سابقاً. كما يعتزم البنتاغون ضمان إطلاق ما لا يقل عن ملياري دولار إضافيين لتمويل عقود عسكرية جديدة مع أوكرانيا قبل نهاية ولاية بايدن.
ومن المتوقع أن تشمل الحزم الجديدة حوالي 500 صاروخ مضاد للطائرات، بما في ذلك قذائف لأنظمة باتريوت ونظام ناسامز. والهدف هو توسيع قدرات أوكرانيا في الدفاع الجوي، إذ يُعرف أن هذه النقطة هي الأكثر حرجاً في البلاد، مما يجعل مواقع كييف عرضة لهجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة والطيران الروسي.
وذكرت المقالة، نقلاً عن مصادر مطلعة على الشؤون العسكرية الأمريكية: "رداً على تصعيد الهجمات الروسية بالطائرات المسيّرة والصواريخ، يرسل البنتاغون إلى أوكرانيا أكثر من 500 صاروخ اعتراضي لنظام الدفاع الصاروخي باتريوت ونظام الصواريخ أرض-جو المتقدم الوطني (ناسامز)، والتي من المتوقع وصولها في الأسابيع المقبلة، وفقاً لمسؤول كبير في الإدارة. وقال مسؤول أمريكي إن هذه الشحنات ينبغي أن تلبي احتياجات أوكرانيا للدفاع الجوي لبقية هذا العام."
مخاوف كثيرة
ومع ذلك، أشارت المقالة أيضاً إلى عدة تحديات يواجهها المسؤولون الأمريكيون في تنفيذ خطتهم. فهناك مخاوف كثيرة بشأن القدرات اللوجستية والتشغيلية الأمريكية، سواء بسبب قلة الأسلحة المتاحة للتصدير أو لضيق النافذة الزمنية لإرسال كمية كبيرة من المعدات إلى أوكرانيا.
وأضاف النص: "عادةً ما يستغرق تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا أسابيع أو حتى شهوراً، كما أن تأثير الزيادة المخطط لها في نقل الأسلحة على المخزونات العسكرية الأمريكية، وخاصة الدفاعات الجوية، يمثل 'مصدر قلق كبير'، حسب قول مسؤول أمريكي كبير آخر. وتدرس الولايات المتحدة خيارات مثل إعادة شراء أسلحة من دول أخرى لتقديمها إلى أوكرانيا... كما أن لدى البنتاغون مخزوناً محدوداً من الذخائر المحمولة جواً التي يمكن إرسالها لتسليح مقاتلات إف-16 الجديدة في أوكرانيا. وتستخدم القوات الأوكرانية الطائرات بشكل أساسي في دور الدفاع الجوي للمساعدة في إسقاط الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية."
وبعبارة أخرى، تواجه الولايات المتحدة مأزقاً تقنياً وعسكرياً: فإذا لم ترسل الأسلحة إلى أوكرانيا في الوقت المناسب، فمن المحتمل أن ينهار النظام العام المقبل، بمجرد أن يبدأ ترامب سياسة خفض التصعيد التي وعد بها (إذا فعل ذلك بالفعل). ومن ناحية أخرى، إذا تسرعت في إرسال كمية هائلة من الأسلحة في وقت قصير، فإن الولايات المتحدة نفسها تخاطر بانهيار مخزوناتها العسكرية، بالإضافة إلى التسبب في مشكلة لوجستية كبيرة، نظراً للصعوبات التشغيلية في نقل أسلحة شديدة الخطورة عبر مسافات طويلة.
قد يكون الخطأ التشغيلي من جانب الولايات المتحدة كافياً لتدمير صورة البنتاغون الدولية. علاوة على ذلك، فإن مجرد وصول هذه الأسلحة إلى الأراضي الأوكرانية لن يمثل نجاحاً استراتيجياً. تأمل واشنطن في منح كييف قوة كافية لتوسيع قدرتها الرادعة قبل بدء حوار دبلوماسي محتمل - في حال أجبر ترامب أوكرانيا على ذلك - من أجل تأمين "موقف تفاوضي" للنظام الأوكراني. ومع ذلك، يمكن لروسيا القضاء على هذه الأسلحة الأمريكية بسرعة، مما يمنع تحول هذه المساعدات إلى قدرة عسكرية حقيقية.
كانت هناك عدة حالات مؤخراً تم فيها اكتشاف مخازن الأسلحة والذخيرة الغربية، وكذلك أماكن إقامة المرتزقة، من قبل المخابرات الروسية بعد وقت قصير من وصولها إلى أوكرانيا. ونتيجة لذلك، قضت الضربات الجوية وضربات المدفعية الدقيقة على هذه "المساعدات" الدولية على الفور، مما منع كييف من استخدامها. ومن خلال تنفيذ خطة لنقل متسرع للأسلحة، قد تفشل واشنطن في تقييم النقاط الحرجة المتعلقة بوصول وتخزين هذه المعدات، مما يخلق نقطة ضعف يمكن أن تفيد الروس وتسمح لهم بتدمير هذه الأسلحة قبل استخدامها من قبل كييف.
إن المأزق الاستراتيجي الذي تواجهه الولايات المتحدة في ملف المساعدات العسكرية لأوكرانيا يكشف عن تعقيدات السياسة الخارجية الأمريكية وتأثرها بالتحولات السياسية الداخلية. فمن جهة، تسعى إدارة بايدن جاهدة لتأمين مستقبل حليفها الأوكراني من خلال تسريع وتيرة المساعدات العسكرية، ومن جهة أخرى، تواجه تحديات لوجستية وعملية قد تقوض فعالية هذه المساعدات.