سيرة شهيد
الشهيد أحمد قصير.. فاتح عهد الاستشهاديين
11 تشرين الثاني عام 1982، كان الحاكم العسكري الصهيوني في مبناه المحصن في مدينة صور، يتأمل خارطة لبنان، البلد الذي يمكن "احتلاله بفرقة موسيقية" وفق تعبير وزير حرب الكيان الغاصب موشيه دايان، لكن فتى في 18 من عمره كان له رأي آخر وقوة هائلة ومثالية على الاقناع، بالدم والبارود والنار، باللغة التي يفهمها الكيان الصهيوني تماماً.
الاستشهادي أحمد قصير، الإسم الذي بقي مجهولاً حتى 19 أيلول 1985، مع وضوح تفاصيل العملية وأهدافها وتداعياتها. تلك التي جعلت وزير الدفاع الصهيوني والمشرف على الحرب أرييل شارون، يقف على أنقاض مبنى الحاكم باكياً تبددَ مشروعه في احتلال البلاد.
كانت الساعة قرابة السابعة، أي في الوقت الذي ينتهي فيه دوام الدوريات الليلة وتبدأ عمليات التبديل، ما يعني وجود عناصر التبديل الليلي والنهاري في المبنى إضافة للبقية. وكان مبنى مقر الحاكم العسكري الصهيوني المؤلف من 8 طبقات، تحتوي على مكاتب تابعة لمخابرات جيش الاحتلال، فيما خصص أحد الطوابق كمقر لوحدة المساعدة التي تتبع للقيادة العسكرية في المنطقة، والطابق الرابع كمقر لمبيت الضباط والقادة والذي يبلغ عددهم إضافة للجنود 141 عنصراً، والموكل إليهم القيام بمهام لوجستية وتنسيقية والارتباط. كانت العمليات الادارية داخله تستمر بإجراءاتها الروتينية في إدارة المجازر والعمليات العسكرية، عندما اقتحمت سيارة بيضاء اللون مفخخة بعبوة ضخمة، اجتازت الحواجز الأمنية، وأطبقت المبنى على من فيه ومن بينهم الحاكم العسكري، في عملية كانت البداية لمرحلة جديدة لم يكن كيان الاحتلال قد حسب لها حساباً.
أول عملية استشهادية
عام 2001، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله(قدس) أن هذه العملية "هي أول عملية استشهادية من هذا النوع في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، والمرة التي يركب فيها شاب سيارة مليئة بالمتفجرات ويقتحم قلعة من قلاع العدو ويدمرها، وهذا يعني أن العملية سنّت سنّة حسنة في مجال العمل الجهادي التي له أجرها وأجر من عمل بها، لذلك كنّا نرى وجه أحمد قصير مع كل استشهادي في لبنان يقتحم قلاع وقوافل العدو وما زلنا نرى وجه أحمد يقتحم المجمعات العسكرية ومجتمع العدو في فلسطين... من يذكر تلك الأيام التي تميّزت بالتفوق الصهيوني والعلو، حتّى انّ الواحد منّا ما كان ليجرؤ أن يحلم بمواجهة الصهاينة، لكن بعد أشهر قليلة يفاجأ الصهاينة بهذا النوع الجديد من العمليات الذي لا يمكن استيراده لا من الولايات المتحدة ولا من الاتحاد السوفياتي، هذا النوع لا يمكن أن يصنع إلاّ من قيم وشرف هذه الأمّة".
عائلة مقاومة
ينتمي الشهيد إلى عائلة مقاومة، فقد ارتقى للشهيد أربعة أشقاء شهداء وفي تواريخ مختلفة، والشهداء هم موسى (1996)، وربيع (2006)، ومحمد (2024)، وكان آخرهم حسن صهر سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس جراء الغارة الصهيونية التي استهدفت منطقة المزة في دمشق.