إلى اللقاء مع انتصار الدم على السيف

السيد هاشم صفي الدين على خطى الذين رسموا بدمائهم خريطة العزة

د. هناء سعادة

كاتبة وصحفية

/ في لحظة مفصلية من مسيرة الأمّة وتاريخ المقاومة الباسلة، ترجّل فارس من فرسان الكرامة والشرف، السيد هاشم صفي الدين، ليرتقي شهيدًا بجوار أسلافه راضياً مرضياً، مضرجاً بدماء الطهر على درب الشهادة.
هذا الفارس لم يكن مجرد اسم في سماء المقاومة، بل كان رمزاً متألقاً للصمود، حمل راية الحق والعدل، وسار على خطى الأبطال العظام الذين رسموا بدمائهم خريطة العزة، تاركاً للأجيال من بعده دروساً في التضحية والشجاعة.
هؤلاء الجبناء، الذين لا يعرفون سوى الغدر، اعتقدوا أنهم باغتيال السيد صفي الدين سيقتلعون جذور المقاومة ويزرعون الخوف في قلوبنا؛ ولكنهم لم يدركوا بعد أننا أبناء مدرسة سيد المقاومة، السيد حسن نصر الله، الذي لقنهم على مدى سنوات أن الدماء الطاهرة هي مداد الحرية. نصر الله، القائد الذي لم يحنِ جبهته يوماً، هو من أرسى معالم الصمود، وهو مَن علمنا كيف نحول الحزن إلى قوة، والدم إلى نبراس ينير درب التحرير.
وفي فلسطين، هناك مَن يحمل الشعلة ذاتها، يحيى السنوار، الذي جسّد بثباته وحنكته قيادة المقاومة الفلسطينية، وصار كالطود الشامخ في وجه الغطرسة الصهيونية. إن الذين يظنون أن باستهداف قادة مثل السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، ويحيى السنوار سيكسرون ظهر المقاومة لا يفهمون أن هؤلاء القادة هم قلاع شامخة، وقبورهم ليست سوى بوابات نحو الانتصار.
لقد أخطأوا الظن حين اعتقدوا أن رصاص الغدر يمكن أن يصيب قلب المقاومة. فكل قطرة من دماء قادة المقاومة في لبنان وفلسطين هي بذرة تنبت ألف مجاهد، وكل شهيد يرتقي هو شعلة تتقد في نفوسنا لتدفعنا نحو النصر الأكيد. في معاركنا مع هؤلاء الجبناء، لم نكن يوماً نطلب الحياة لأنفسنا، بل سعينا وراء الكرامة والحق، ونحن ندرك أن في الموت حياة جديدة، وحيثما تسقط أجسادنا، تنهض أمّتنا.
إن اغتيال الشهيد سماحة السيد هاشم صفي الدين هو محاولة يائسة لإخماد شعلة المقاومة؛ ولكن كيف لهم أن يطفئوا نوراً امتدت جذوره في أعماق قلوب الأحرار؟ كيف لليلهم المظلم أن يخفي شمسنا الساطعة التي لا تغيب؟ هؤلاء الأعداء اختاروا الغدر لأنهم يدركون عجزهم أمام مواجهة رجال الحق وجهاً لوجه؛ ولكن، هل يرتعد المؤمنون في ساحة الوغى؟ كلا، فالإستشهاد في سبيل الله هو أسمى أمانيهم، وأمثال هؤلاء الأبطال كتبوا أسمائهم في سجل الخالدين.
نحن قوم حملنا رسائل الخلود في جيناتنا.. تعلّمنا من السيد حسن نصر الله أن الإرادة لا تنكسر، وتعلّمنا من يحيى السنوار أن الصبر هو طريق النصر.
هؤلاء الرجال، الذين حملوا لواء التحرير على أكتافهم، تركوا خلفهم إرثاً من التضحيات لا يمكن لأي عدو أن يمحوه.
نقول لهؤلاء الجبناء: مهما ارتكبتم من جرائم، ومهما سفكتم من دماء، لن تستطيعوا أن تنالوا من عزيمتنا. اغتيال الشهيد السيد هاشم صفي الدين ليس إلّا فصلاً آخر في رواية النصر التي نكتبها بدماء شهدائنا. كل رصاصة غدر تطلقونها هي شهادة على جبنكم، وكل شهيد يسقط هو عهد جديد بأن النصر قادم، لا محالة.
سيد هاشم صفي الدين، لم يمت، بل ارتقى حيّاً عند ربّه، وترك لنا شعلة لا تنطفئ، ونحن على العهد باقون، حتى نحرر الأرض، ونرفع رايات العزة والكرامة فوق كل شبر من أرضنا الطاهرة.
إلى اللقاء، إلى اللقاء، مع انتصار الدم على السيف... إلى اللقاء في الشـهادة... إلى اللقاء في جوار الأحبّة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي