المنهجية القرآنية في الحوار مع الآخرين
السيد حسين بدر الدين الحوثي نموذجاً
إعداد: محمد محسن الحوثي
وكانت شخصيته الفذة والفريدة مصبوغة بصبغة إلهية من الهيبة، والجلال، والكبرياء، والبهاء الإلهي مقترنة بالحلم، والتواضع، وعلوّ مكارم الأخلاق بشكل منقطع النظير، فكان الكلّ يتقاطرون إلى مجلسه، ويتوافدون من كلّ مكان بكلّ لهف وشوق لرؤيته وسماع دروسه ومحاضراته.
وكان السيّد معروفاً ومشهوراً بكرم الضّيافة، وحسن الاستقبال للضيوف والزّوار الوافدين فيحسن ضيافتهم قولاً وعملاً، ويقوم بخدمتهم وتقديم وجبات الطّعام لهم على مدار ال24 ساعة، حيث كان الزّوّار يتوافدون عليه في كل الأوقات في الصّباح، والظّهر، والعصر، والليل بشكل مستمر، وكان يهتم بمساعدة الفقراء، والمساكين، والمحتاجين، ويسعى بنفسه في قضاء حوائجهم.
كما عُرف السّيد بقوّة الشخصية، والقدرة على اتخاذ القرارات الحكيمة في أحلك الظروف وأصعب المواقف، في الحرب والسّلم دون أن تلحظ أي تغيّر أو تأثر على التوجيهات والقرارات، فكلّها مصبوغة بالحكمة، والبصيرة النافذة، كما عُرف السّيد بالشجاعة والإقدام فكان رجلاً شجاعاً ومقداماً لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تهزّه التهديدات، ولا تضعفه الضّغوطات، فكانت كلمته، ومواقفه، وصرخته قويّه بقوة الحق والمنهج الذي يحمله لم يضعف، ولم يتراجع، ولم يتنازل، وكيف لا يكون كذلك وهو من واجه عدوان السّلطة وبغيها في العام 2004م وهو من أحيا فريضة الجهاد والشّهادة في سبيل الله والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وقدّم نفسه، وبذل روحه ودمه شهيداً في سبيل الله سبحانه وتعالى فكان سيّد وقائد شهداء المسيرة القرآنية المباركة، وهو من ربّى الرّجال المقاتلين المجاهدين الأبطال الذين خاضوا وواجهوا العدوان طيلة الفترات السّابقة
ولا زالوا.
بعد عودته من السودان: من الوهلة الأولى بدا عليه أنه من طبيعة مغايرة للفعاليات والنشاطات الزيدية التقليدية والإحيائية، وغير متصالح مع الأشكال السائدة من التدين التقليدي، ويتفارق مع منتدى الشباب (تأسس في 1991م)، من حيث الأهداف والوسائل والرؤية؛ لذا كان يتوقع أن يثير مشروعه الجديد بعض ردود أفعال مخاصميه من المرجعيات التقليدية الزيدية والإحيائيين الزيديين ومجموعة الشباب المؤمن.
المبحث الثاني: آداب الحوار ومرتكزاته
المطلب الأول: آداب الحوار
نظنّ أنّ هذا الجانب من أهم العناصر التي نريد التذكير بها من خلال القرآن الكريم، ونقول في البداية بأن الأمر لا يتجاوز المعالم الكبرى، ولا ندَّعِي لهذه الورقة أنها تستطيع الإحاطة، ولن تفعل ذلك ورقة بعدها حين يتعلق الأمر بالاستنباط من القرآن الكريم؛ فهذا الكتاب لا تنقضي عجائبه، ولا يبلى على كثرة الردّ.
ويمكن اعتبار: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أوجز صيغة دالة على المنهج الذي يدعو القرآن الكريم أتْبَاعَه إلى التزامه في الحوار مع القريب والبعيد؛ فقوله تعالى: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} تشمل المنهج والمضمون والزمان والمكان وكلّ العناصر المتداخلة في عملية الحوار... ومع ذلك فإن الناظر في القرآن يجد فيه إشارات تفصيلية للآداب الواجب التزامها في الحوار،
ومنها:
الثقافة القرآنية: يقول الشهيد القائد "وكل ما هدانا الله إليه في كتابه الكريم حتى لو لم يكن وراءه جنة لكان هو وحده المنهج الصحيح الذي لا تستقيم حياة البشر إلا به، ولا تستقيم الدنيا إلا بالسير عليه، حتى لو فرضنا بأنه ليس هناك جنة، أما عندما تكون المسألة بأن ما هدانا إليه هو وحده الذي لا منهج أقوم منه ولا شيء أفضل للحياة وفي الحياة منه ثم يثيبنا عليه، ثم يعطينا الجزاء العظيم عليه، هذا هو من أبلغ مظاهر رحمته، من أبلغ دلائل سعة رحمته لعباده. أنك لا تكاد تجد شيئا مما أرشد الله إليه في القرآن الكريم إلا وهو يؤكد أن فيه صلاح الحياة، هنا في الدنيا، لأنه هو الذي خلق الدنيا وخلق الإنسان وهو الذي يعلم السر في السموات والأرض".
يُتبع...