تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
”الطنطورية”.. كيفية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم
بلغة شعرية انسيابية يتدفّق السرد وتتوزّع تفاصيله على كامل النص مستحضراً معاناة الشعب الفلسطيني الذي شُرّد عن أرضه بعد سلسلة مذابح قام بها الاحتلال الصهيوني في دير ياسين، والطنطورة.
تتداخل في الرواية أحداث ووقائع التاريخ الفلسطيني وخيال الكاتبة، مثقلةً بعبء التغريبة الفلسطينية من عام 1948 مروراً بكلّ حدث لامس شغاف هذه القضية من خلال شخصية "رقية الطنطورية" التي تُمثّل الشخصية الرئيسية والمحورية فيها، وهي امرأة بسيطة تحكي حياتها المليئة بالمآسي، مجسّدة شخصية المرأة الفلسطينية المناضلة التي تحاول الحفاظ على الهوية في الشتات، وتقدّم المرأة الفلسطينية من منظور نسوي بوصفها مقاومة بامتياز، فالمرأة هي بطلة التهجير الواقعية الأولى وهي تتحمّل أعباء النزوح والتنقّل
من مكان إلى آخر.
لقد غدت رقية شخصية الرواية المحورية ابنة الشتات الأكثر قسوة، وشرعت تحكي قصة عالم المخيّمات المفروضة في لبنان: "أغلب نساء المخيم يحملن مفاتيح دورهن تماماً كما كانت تفعل أمي. البعض كان يريه لي وهو يحكي عن القرية التي جاء منها. وأحياناً كنت ألمح طرف الحبل الذي يحيط بالرقبة وإن لم أرَ المفتاح، وأحياناً لا ألمحه ولا تُشير إليه السيدة ولكنني أعرف أنه هناك تحت الثوب".
ولا تنسى رضوى عاشور أن تُذكّر بمصائر النازحين ونجاحاتهم في الاغتراب، فصادق ابن رقية يعيش حالة من الرفاهية، يدرس الطب ويسافر إلى أبو ظبي للحصول على المال، ويحاول قدر المستطاع أن يتحمّل مسؤولية أسرته ومعيشتها. وحسن ابن رقية يمثّل خيار العلم، فيسافر إلى مصر للالتحاق بالجامعة، ثم إلى كندا لإكمال دراساته العليا، يطلب حسن من أمه كتابة قصة الطنطورية كشاهدة على ماحدث فيها من جرائم. غير أن هذه النجاحات تخفي وراءها حزناً عميقاً على تفرّق الأسرة الفلسطينية وتشتّتها في المنافي القصيّة، فأسرة رقية لا تجد إلا جزيرة بيريوس للاحتفال بزواج ابنها حسن، بعد أن تعذّر لقاء الأسرة بسبب تشرذمها في مختلف بِقاع الأرض.