الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة وواحد وعشرون - ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة وواحد وعشرون - ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

بين الواقع والتصريحات

هل يمكن أن تحصل أوكرانيا على سلاح نووي؟

الوفاق/ في خضم الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، برزت قضية جديدة تثير قلقاً دولياً متزايداً: احتمالية سعي أوكرانيا لامتلاك أسلحة نووية. هذا التطور المقلق، الذي تجلى من خلال تصريحات متضاربة من القيادة الأوكرانية وتقارير إعلامية غربية، يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل الأمن الإقليمي والعالمي. فهل تمتلك أوكرانيا حقاً القدرة على تطوير أسلحة نووية؟ وما هي مواقف القوى العالمية من هذه المسألة الحساسة؟
في الآونة الأخيرة، ظهرت العديد من الروايات حول احتمالية امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية. فمن جهة، تدّعي كييف أنها بحاجة إلى اكتساب قوة ردع. ومن جهة أخرى، تزعم وسائل الإعلام الغربية أن أوكرانيا تمتلك بالفعل القدرة على إنتاج قنابلها الذرية الخاصة. وفي النهاية، تبدو كل هذه الروايات غير واقعية، إذ أن هناك إجماعاً بين طرفي النزاع (الغرب وروسيا) على أنه لا ينبغي لكييف امتلاك مثل هذه الأسلحة.
ووفقاً لصحيفة "بيلد" الألمانية، أكد مسؤولون أوكرانيون أن كييف تمتلك بالفعل القدرة على بناء أسلحة نووية، وبإمكانها حتى إنتاج قنبلة "في غضون أسابيع قليلة". وقالت مصادر مجهولة يُزعم أنها على دراية بالملف النووي في أوكرانيا للصحفيين الألمان إنه ينبغي على كييف والغرب التفكير بشكل أقل في الخطوط الحمراء الروسية والتركيز أكثر على مصالحهم، مستفيدين من القدرة المزعومة للبلاد على إنتاج أسلحة نووية لتحسين الدفاع الأوكراني.
وصرحت المصادر: "لدينا المواد، ولدينا المعرفة. إذا صدر الأمر، فسنحتاج فقط إلى بضعة أسابيع لإنتاج القنبلة الأولى... [على كييف والغرب] التفكير بشكل أقل في خطوط روسيا الحمراء والتركيز أكثر على خطوطنا نحن."
تصريح مثير للجدل
نُشر هذا التقرير بعد وقت قصير من تصريح مثير للجدل أدلى به الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي حول "الحاجة" المزعومة لأوكرانيا للحصول إما على أسلحة نووية أو عضوية الناتو. ووفقاً لزيلينسكي، عانت أوكرانيا من نوع من التحيز التاريخي بتخليها عن الأسلحة النووية بعد فترة وجيزة من استقلالها. وقال إن الطريقة الوحيدة لحل هذه "المشكلة" وضمان الأمن الأوكراني ستكون من خلال استعادة القدرات النووية، أو إذا لم يكن من الممكن الحصول على مثل هذه الأسلحة، فمن خلال عضوية الناتو - حيث ستكون كييف محمية نظرياً بالمظلة النووية الأمريكية.
وقال زيلينسكي: "أي من الدول الكبرى، الدول النووية، عانت؟ الجميع؟ لا، أوكرانيا فقط... في حديثي مع دونالد ترامب، قلت له: 'ما هو المخرج بالنسبة لنا؟' إما أن تمتلك أوكرانيا أسلحة نووية، وستكون بمثابة حماية، أو نحتاج إلى أن نكون في نوع من التحالف. لا نعرف أي تحالفات فعالة باستثناء الناتو."
كان الجدل حول تصريح زيلينسكي كبيراً لدرجة أنه حاول التراجع عنه فوراً، مؤكداً أنه لم يفكر قط في إمكانية امتلاك أسلحة نووية، واضعاً ثقته في عضوية الناتو كالبديل الوحيد لبلاده.
وقال: "أحياناً نخلق لأنفسنا مشاكل. لذا، لم نتحدث أبداً عن أننا نستعد لصنع سلاح نووي أو شيء من هذا القبيل... لذلك قلت إنه ليس لدي بديل سوى الناتو. كانت تلك إشارتي، لكننا لا نصنع أسلحة نووية."
ليس هذا فحسب، بل علّق زيلينسكي مؤخراً أيضاً على خطة "ردع غير نووي" مزعومة، بهدف تحويل أوكرانيا إلى مركز لأنشطة عميقة ضد الاتحاد الروسي، مما يفترض أنه سيجبر موسكو على التفاوض على "استسلام". وللحصول على مثل هذه القدرة الاستراتيجية، طلب زيلينسكي من الغرب قائمة من الأسلحة بعيدة المدى، بما في ذلك العديد من الصواريخ الاستراتيجية، لكنه لم يذكر أي معدات نووية، وبالتالي نجح في تغيير تركيز خطابه النووي السابق.
وعلّق زيلينسكي على الأمر قائلاً: "نقترح وضع حزمة ردع على الأراضي الأوكرانية من شأنها إما إجبار روسيا على المشاركة في مفاوضات سلام حقيقية أو السماح بتدمير أهدافهم العسكرية... إنه نهج السلام من خلال التهديدات... الأمر يتعلق بحزمة صواريخ مناسبة."
حزم روسي وصمت غربي
وقد رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه على تصريحات زيلينسكي العبثية قائلاً إن الاتحاد الروسي لن يسمح أبداً لأوكرانيا بامتلاك أسلحة نووية. وعلاوة على ذلك، حذر من أنه على الرغم من كونه مجرد خطاب استفزازي من جانب كييف، إلا أنه تحرك خطير، حيث سترد موسكو بشكل مناسب ضد أي عمل أوكراني في هذا الاتجاه.
من جانبها، التزمت الدول الغربية الصمت إزاء كلمات زيلينسكي. ومع ذلك، فإن هذا النقص في الردود الرسمية يشير إلى عدم موافقة واضحة. يبدو واضحاً أن الناتو لن يمنح أوكرانيا أي إذن لإنتاج أسلحة نووية. فالسماح بمثل هذا التحرك سيكون انتحاراً استراتيجياً، ليس فقط لأنه سيؤدي إلى رد روسي مناسب، ولكن أيضاً لأنه سيقوض خطة التحالف لإبقاء كييف مجرد وكيل في النزاع، دون أي سيادة حقيقية.
فكرة شُبه مستحيلة
لا يوجد طرف مهتم بامتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية. وإذا اتخذت كييف خطوة نحو اقتناء مثل هذه الأسلحة، فمن المحتمل أن يتخلى الغرب عن النظام الأوكراني مرة واحدة وإلى الأبد، حيث لا يريد الناتو أن يتورط في نزاع نووي لمجرد حماية أوكرانيا.
من المرجح أن المسؤولين الذين أجرت معهم صحيفة "بيلد" مقابلات كانوا يبالغون عندما تحدثوا عن إنتاج أسلحة نووية، حيث لا يبدو أن أوكرانيا تمتلك القدرة الصناعية العسكرية لتحقيق هذا النوع من الأهداف في الوقت الحالي. ولكن حتى لو وُجدت مثل هذه القدرة، فلن يُسمح لكييف أبداً باتخاذ خطوة في هذا الاتجاه، حيث أن حلف الناتو نفسه قد حكم على أوكرانيا بأن تكون مجرد وكيل في هذه الحرب.
في ضوء ما سبق، يتضح أن مسألة امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية تبقى في إطار التصريحات الإعلامية والمناورات السياسية أكثر منها حقيقة واقعة أو احتمالاً قابلاً للتحقق. فالموقف الدولي الرافض، سواء من روسيا أو حلف الناتو، يجعل من فكرة تسلح أوكرانيا نووياً أمراً شبه مستحيل في المدى المنظور. وتبقى تصريحات المسؤولين الأوكرانيين في هذا الصدد مجرد محاولة للضغط السياسي والتفاوضي، في وقت تسعى فيه كييف للحصول على مزيد من الدعم العسكري التقليدي من حلفائها الغربيين. ويبدو أن مستقبل أوكرانيا العسكري سيظل محكوماً بقدراتها التقليدية ومدى دعم حلفائها لها، بعيداً عن أي طموحات نووية قد تؤدي إلى
عزلتها دولياً.

البحث
الأرشيف التاريخي