شاعر إيراني للوفاق:
لا توجد قصيدة أفصح من الدفاع عن المظلوم
الوقوف إلى جانب الشهداء والمقاومين الأبطال في فلسطين وغزة وجميع أنحاء العالم يُعتبر الشغل الشاغل للعديد من الشعراء والأدباء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وللتعرف على أبعاد هذا الالتزام، تحدّثنا مع سيد حسين متوليان، شاعر وكاتب ومقدم برامج تلفزيونية وسينمائية، وقد شارك في أعمال مثل مسلسل «نون وريحون» وبرنامج «تار وترنج».
الوفاق / خاص
أصغر علي كرمي
في حديثه مع مراسل الوفاق حول صدور كتاب "من النهر إلى البحر"، وهو عبارة عن مجموعة من أعمال الشعراء الإيرانيين عن فلسطين وغزة، والذي سيصدر قريبًا باللغات الفارسية والعربية والإنجليزية، قال متوليان: "بعد أن أثار سماحة قائد الثورة الإسلامية الامام الخامنئي حفظه الله ورعاه القضية، أطلقنا نداء بعنوان "من النهر إلى البحر" لجمع ما يقرب من 500 قصيدة لدعم الشعب الفلسطيني. ومن بين هذه الأعمال، تم اختيار حوالي 100 عمل، وسنرسلها قريبًا إلى المترجمين المحترفين باللغتين العربية والإنجليزية".
وأضاف متوليان: إن ما يميز هذا الكتاب هو تعاوننا مع مركز المحامين وخبراء المنزل والأسرة في السلطة القضائية، الذي ينشط بشكل خاص في القضية الفلسطينية. وقد ناشدوا السيد جيل دوفر، المحامي الدولي الشهير، للحضور إلى إيران، حيث شاركوه حوالي 3000 صفحة من الوثائق لتقديم شكواهم دوليًا. وتابع: قررنا نشر هذه الشكوى بثلاث لغات في الكتاب، وأعتقد شخصيًا أنه لا توجد قصيدة أكثر تعبيرًا من الدفاع عن المظلومين. ستكون هذه خطوة جديدة في دعم القضية الفلسطينية والشهداء، بما في ذلك تكريمي لسماحة الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي أهديت له قصائد في هذا الكتاب.
وعند سؤاله عن سبب شعور الفنان الإيراني بالواجب تجاه القضية الفلسطينية، قال: "نحن أمّة كتب فيها أحد أعظم شعرائنا بيتًا قبل عدة قرون يقول فيه:
بنی آدم اعضای یکدیگرند
که در آفرینش ز یک گوهرند
چو عضوی به درد آورد روزگار
دگر عضوها را نماند قرار
أي أن الإنسان كأجزاء من جسد واحد؛ إذا تألم جزء، تألمت له الأجزاء الأخرى. وإذا كان جزء من المجتمع البشري يعاني، فإن هذا الألم يمتد إلى بقية العالم. وأضاف: في قواعد الفيزياء، هناك مفهوم يُعرف بـ "أثر الفراشة"؛ أي أن رفرفة فراشة على جانب من الأرض تؤثر على الجانب الآخر. فكيف يمكن لنا أن نكون غير مبالين عندما يبكي الأطفال أو يسقطون جائعين على الأرض أو عندما يجبر إنسان على ترك وطنه؟
وأكد متوليان: "من واجبنا أن نكون واعين تجاه الأحداث الإنسانية العظيمة. إذا كنا نشطين وننظر إلى الأحداث بمسؤولية، فهذا يعني أننا ما زلنا بشراً وأن نبض الحياة لا يزال فينا.
الفن جزء لا يتجزأ من حياة الايرانيين
وفيما يتعلق ببرنامجه "تار وترنج"، الذي بُث مؤخرًا لمدة 100 ليلة على التلفزيون الإيراني، قال متوليان: كان هناك برنامج متخصص مدته ساعتان تناول مختلف قضايا الشعر والموسيقى، بما في ذلك قضية فلسطين وحرب غزة من قبل الخبراء وضيوف البرنامج من وجهة نظر ثقافية وفنية. وأضاف: نحن نعيش بلغة الشعر والموسيقى، مما يعني أن الفن جزء لا يتجزأ من حياتنا. وأشار إلى أن اللغة الحية تتدفق مثل النهر، ولا يمكن أن تكون غير مبالية بقضايا الإنسان وأنه علينا من خلال اللغة والشعر أن نظهر الحياة التي تتكون من الوعي بالأحداث المحيطة بنا، وهذه الأحداث المحيطة يمكن أن تكون فلسطين والمقاومة الإسلامية.
في برنامج "تار وترنج"، بدأنا بتسليط الضوء على الأدب الوطني والمحلي، ثم انتقلنا إلى الأدب العالمي الذي يُفترض أن يوجه الاتجاهات الثقافية العالمية، ومن هنا، أصبح موضوع المقاومة أحد المحاور الرئيسية لهذا البرنامج.
لقد تناولنا شعراء المقاومة من جميع أنحاء العالم، بدءًا من فيكتور خورا في تشيلي وصولاً إلى شعراء المقاومة في إيران. في الواقع، عكسنا صحوة المجتمع العالمي والأدب العالمي في مواجهة الاستبداد. كان البرنامج عبارة عن مجلة بُثت في 100 حلقة، حيث ناقشنا الأدب مع الجمهور على مدار 100 ليلة مختلفة، وسعينا جاهدين لعدم التهاون في تقديم محتوى يثري وعي جمهورنا.
كتاب "لو كنتُ كبيرًا"
أمّا كتاب "لو كنتُ كبيرًا"، فهو مشروع آخر تحت إشراف سيد حسين متوليان، يهدف إلى إيصال رسالة الشعب الفلسطيني والتعاطف مع الأطفال الذين استشهدوا خلال التفجيرات الأخيرة.
وفيما يتعلق بهذا الكتاب، يقول متوليان: بعد عملية "طوفان الأقصى"، أطلقنا مشروعًا بعنوان "لو كنتُ كبيرًا"، حيث عملنا مع حوالي 100 كاتب عالمي وخلال بحثنا، اكتشفنا أن نحو 9000 طفل قُتلوا على يد الكيان الصهيوني منذ عام 2016 وحتى قبل عملية "طوفان الأقصى" وهذا الرقم وحده يُعدّ صادمًا للإنسانية. وأضاف: لقد أردنا أن نقدم صورة حية لهؤلاء الأطفال، وأسمائهم، لكُتّابٍ مختلفين، وطلبنا منهم تخيل كيف سيكون حال هؤلاء الأطفال بعد 40 عامًا. مثلاً، نريد أن يكتبوا كيف يقول الطفل: "لقد كبرتُ، وأنهيت دراستي اليوم، أو أريد الذهاب إلى العمل"، أو كيف حدث شيء ما في حياته. وطلبنا من المؤلفين أن يكتبوا عن مصير هؤلاء الأطفال الذين استشهدوا على يد الكيان الصهيوني عام 2015، ولم تتحقق أحلامهم الكبيرة التي كانوا يتطلعون إليها بعد 40 عامًا؛ فقد دُفنت الأحلام، وقام الكيان الصهيوني بقتل المستقبل والإنسانية. وتابع: إن المجتمع الدولي، بالتعاون مع الصهاينة، ساهم في قتل هؤلاء الأطفال من خلال عدم مبالاته بإجرام الكيان الصهيوني، مما سمح لهذا الورم السرطاني بالتوسع وقيادة العالم نحو الدمار.