الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة واثنا عشر - ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة واثنا عشر - ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في ظل تمادي الغرب في دعمه لأوكرانيا

روسيا بصدد تغيير عقيدتها النووية

الوفاق/ 25 سبتمبر، قدم فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، وجهات نظر حول التغييرات في العقيدة النووية الجديدة لبلاده. أشار إلى أن المهمة النووية في حالة "توسع" وذكر عدة تغييرات مقارنة بعقيدة 2020 السابقة. في حين أن العقيدة نفسها لم تُنشر بعد كوثيقة سياسية، إلا أن تصريحات بوتين وكذلك بعض المسؤولين الروس، مثل سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية، الذي قال في أوائل سبتمبر إن روسيا تحدّث عقيدتها استجابة لتدخل الغرب في تصعيد الحرب في أوكرانيا، تشير بوضوح إلى تغييرات في العقيدة النووية للكرملين.
سيكون من المهم مراجعة تعليقات بوتين مقابل وثيقة العقيدة عندما تُنشر. لكن توقيت تصريحات بوتين والتغييرات التي أعلن عنها تشير إلى أن روسيا تزيد من اعتمادها على الأسلحة النووية في محاولة لمنع الغرب من مساعدة أوكرانيا. قد يكون الهدف من العقيدة الجديدة ليس فقط الردع، بل أيضًا محاولة لخلق انقسام بين الحلفاء الأوروبيين على أساس مستوى المخاطرة التي يقبلونها في دعم أوكرانيا.
العقيدة النووية الروسية
كانت أحدث عقيدة نووية روسية هي "المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي في مجال الردع النووي" لعام 2020. تشير هذه الوثيقة إلى أهمية الردع النووي لضمان "سيادة روسيا وسلامة أراضيها". كما تحدد أربعة شروط تستخدم روسيا بموجبها الأسلحة النووية، وهي: تَلقّي معلومات عن هجوم صاروخي باليستي على أراضي الاتحاد الروسي أو حلفائه؛ استخدام الأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الشامل الأخرى ضد روسيا أو حلفائها؛ الهجمات على القيادة والسيطرة والبنية التحتية للاتصالات النووية الروسية؛ والهجمات ضد روسيا بأسلحة تقليدية تهدد "وجود" الدولة الروسية.
كما تشير هذه العقيدة إلى أهمية الأسلحة النووية في منع "تصعيد الأعمال العسكرية وإنهائها في ظروف غير مقبولة للاتحاد الروسي أو حلفائه".
منذ الحرب الروسية الأوكرانية، كرر السياسيون والمسؤولون الروس بشكل متقطع استخدام الأسلحة النووية إذا لزم الأمر،و وصف دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، تغيير العقيدة النووية بأنه ضروري لموسكو بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك تصاعد التوتر حول حدود روسيا. وأضاف بيسكوف: "من الواضح أنه في ضوء التطورات الدولية الأخيرة، وتصاعد التوترات حول حدودنا، ودعم القوى النووية لأوكرانيا، واقتراب البنية التحتية العسكرية لحلف الناتو من حدود روسيا، نحتاج إلى تغيير عقيدتنا النووية وتغيير سياسة الردع النووي". وأشار بيسكوف إلى أن "مثل هذا التحديث قد تم إعداده بالفعل والآن يصبح رسميًا".
قال سيرغي ماركوف، المستشار السابق للكرملين، مشيرًا إلى تغيير العقيدة النووية لموسكو، إن هذه التغييرات فتحت الأبواب أمام روسيا لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية في ساحة المعركة. وأضاف في مدونته الرسمية: "لقد انخفضت عتبة استخدام الأسلحة النووية. الآن سيكون من الأسهل لروسيا استخدام مثل هذه الأسلحة". كما عزا هذا المسؤول السابق سبب تغيير العقيدة النووية لموسكو إلى تهديد التوتر الشديد من جانب الغرب، مؤكدًا: "الغرب متأكد من أن روسيا لن تكون أول دولة تستخدم الأسلحة النووية، لكن روسيا تقول الآن إنها مستعدة".
اعتبر إيغور كوروتشينكو، المحلل العسكري الروسي، تغيير العقيدة النووية ضروريًا، قائلاً إن الغرب تجاهل العديد من التحذيرات السابقة.
التغييرات الجديدة
في ظل عدم اليقين بشأن دعم الولايات المتحدة وحلف الناتو للإجراءات الأوكرانية المقبلة، أعلن بوتين عن تغييرات في العقيدة النووية. أكدت تصريحاته أن الأسلحة النووية "إجراء ضروري لحماية سيادة البلاد"، وقال بوتين: "تم تحديد الظروف التي تنتقل فيها روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية بوضوح أيضًا".
بافتراض أن تصريحات بوتين تعادل أساسًا (أو تمثل بدقة) العقيدة النووية الروسية الجديدة، يمكن تحديد أربعة اختلافات رئيسية على الأقل بين العقيدة الجديدة ونسخة 2020. أولاً، تشير هذه العقيدة صراحة إلى بيلاروسيا كمحمية بالمظلة النووية الروسية، بدلاً من الإشارة إلى "الحلفاء" بشكل أوسع. وأوضح: "نحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية في حالة العدوان على روسيا وبيلاروسيا كإحدى الدول الحليفة".
بالتأكيد، كانت بيلاروسيا تحت مظلة الردع الموسعة الروسية لعدة عقود كجزء من منظمة معاهدة الأمن الجماعي. ومع ذلك، لم تذكر روسيا صراحة بيلاروسيا في عقيدتها حتى الآن. قد يكون هذا رمزًا للعلاقات الاستراتيجية المتزايدة بين موسكو ومينسك، حيث نشرت روسيا أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا هذا العام.
ثانيًا، أوضحت عقيدة روسيا لعام 2020 أن الأسلحة النووية يمكن استخدامها ضد الهجمات التقليدية "عندما يكون وجود البلاد في خطر" وقالت إن الردع النووي "يضمن حماية السيادة الوطنية وسلامة أراضي البلاد". لكن شرح بوتين للعقيدة الجديدة يتخلى عن هذه العبارة، ويقول بدلاً من ذلك إن الأسلحة النووية يمكن استخدامها ضد "تهديد حيوي لسيادتنا". ما تظهره هذه الاستراتيجية هو أن بوتين يخفض عتبة الاستخدام النووي المحتمل بينما يزيد أيضًا من الغموض حول وقت استخدام الأسلحة النووية. هذا يدل على الاستعداد لقبول مخاطر أكبر في حرب أوكرانيا ومحاولة زرع عدم اليقين في أذهان أعداء روسيا.
ثالثًا، تحمل العقيدة الجديدة مسؤولية الدول الثالثة التي تدعم الهجمات التقليدية على روسيا، حتى لو لم تكن هي التي تنفذ الهجمات. قال بوتين: "تقترح النسخة المحدثة من الوثيقة أن العدوان على روسيا من قبل أي دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو دعم من دولة تمتلك أسلحة نووية، يجب أن يُعتبر هجومًا مشتركًا على الاتحاد الروسي". يبدو أن هذا التغيير يستهدف على وجه الخصوص أعضاء الناتو الذين يسلحون أوكرانيا في الحرب الحالية.
أخيرًا، كانت العقيدة السابقة تقول إن الأسلحة النووية يمكن استخدامها في حالة تأكيد بيانات الهجوم الصاروخي الباليستي الواردة، لكن النسخة الجديدة توسع أيضًا طبيعة الهجمات الواردة التي يمكن أن تؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية لتشمل الطائرات الاستراتيجية والتكتيكية والصواريخ الكروز والطائرات بدون طيار والطائرات فوق الصوتية وغيرها. إن إدراج الطائرات بدون طيار في هذا البند مهم للغاية، حيث شنت أوكرانيا هجمات واسعة النطاق بالطائرات بدون طيار ضد القواعد الاستراتيجية الروسية مرارًا وتكرارًا. كما يبدو أن هذا الأمر مصمم بوضوح للحرب الجارية في أوكرانيا ومحاولة لزيادة المخاطر على أعضاء الناتو الداعمين لأوكرانيا.
النتيجة الرئيسية لهذه التغييرات في العقيدة الروسية هي أنها تستهدف الناتو في سياق أوكرانيا، مما يشير إلى توسيع الظروف التي تستخدم فيها روسيا الأسلحة النووية وزيادة الاستعداد لتصعيد الحرب الحالية.
تشير هذه التغييرات في العقيدة النووية إلى أن روسيا تغير استراتيجيتها للاعتماد بشكل أكبر على الأسلحة النووية في ظل الحرب الجارية في أوكرانيا والدعم الغربي لها، وهو موضوع لم يكن فعالًا حتى الآن. أحد الأمثلة على سياسة ضبط النفس الروسي وتمادي الغرب هي تحذيرات روسيا في عام 2022 بأن إرسال صواريخ إلى أوكرانيا يتجاوز "الخط الأحمر". ومع ذلك، الولايات المتحدة والغرب تمادوا في عدوانهم و أرسلوا صواريخ لأوكرانيا، و استمروا في سياسة الناتو التوسعية.
بالنظر إلى ما يحصل، لماذا تصعد روسيا تهديداتها النووية ولماذا الآن؟ أحد الاحتمالات هو أن روسيا لا ترى تهديداتها النووية غير ناجحة، وبدلاً من ذلك تركز على المكاسب الاسمية للترهيب النووي. قد يشمل ذلك إبطاء تسليم القدرات الرئيسية إلى أوكرانيا بما في ذلك الدبابات والطائرات المقاتلة والصواريخ. احتمال آخر هو أن روسيا تعتقد أن جهود الردع السابقة قد فشلت لأنها لم تكن "كبيرة" بما يكفي. الاحتمال النهائي، وهو الأكثر ترجيحاً، هو أن بوتين يعتقد أن الظروف قد تغيرت، لذلك ربما تكون التهديدات أكثر نجاحًا في ظروف مختلفة. قد يدرك بوتين أن الناتو منقسم الآن بشأن مسألة الهجمات بعيدة المدى أكثر مما كان عليه في بداية الحرب، ويرى ذلك فرصة لخلق المزيد من الانقسام بين الحلفاء وإضعاف الدعم الخارجي لأوكرانيا.
البحث
الأرشيف التاريخي