تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
بسبب أسوأ موجة جفاف بتاريخ البرازيل
أسعار الغذاء العالمية معرّضة لخطر الارتفاع
ومع تأثر المحاصيل الرئيسية مثل البن، والسكر، وفول الصويا، فإن الأثر الاقتصادي والبيئي لهذا الجفاف الطويل يمتد بعيداً خارج حدود البرازيل، بحسب الوكالة.ومع تزايد تأثير التغير المناخي، أصبحت هذه الفترات الطويلة من الجفاف هي القاعدة، وهذا يقلب الحياة والاقتصادات رأساً على عقب.
محاصيل رئيسة في خطر
وتقول بلومبيرغ إنه بالنسبة للمزارعين مثل جوزيه أورلاندو سينترا فيلهو، الذي يعمل في زراعة البن منذ 36 عاماً، فإن الوضع غير مسبوق. لم تهطل الأمطار على محاصيله من البن لأكثر من 6 أشهر، وهذا أدى إلى فشل الأزهار البيضاء المعتادة في الظهور، وهي الأزهار التي تشير إلى موسم حصاد جيد لنبات البن «أرابيكا»، الذي يُستخدم في منتجات شركات عالمية مثل ستاربكس.
ولا يقتصر تأثير الجفاف على الإنتاج المحلي فقط، بل يمتد إلى العالم أجمع. فالبرازيل تعد مصدراً لثلث إمدادات البن في العالم ونصف تجارة السكر العالمية. وأي تعطيل في إنتاجها يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع على مستوى العالم.وذكرت الوكالة أن العقود الآجلة للبن العربي «أرابيكا» ارتفعت بنسبة 11% في سبتمبر/ أيلول الماضي وحده، مسجلة أعلى مستوى لها منذ 13 عاماً. ورغم تباطؤ الزيادة قليلاً في الأيام الأولى من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة، ويظل خطر فشل المحاصيل المستقبلية قائماً.
وبالمثل، ارتفعت العقود الآجلة للسكر الخام في نيويورك بنسبة 16% في سبتمبر/ أيلول الماضي، واستمرت الأسعار في الارتفاع لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 7 أشهر.
الحرائق تفاقم الكارثة
تذكر بلومبيرغ أنه إلى جانب تأثير الجفاف، تسببت الظروف القاسية في اندلاع حرائق واسعة النطاق، وهذا زاد من تفاقم الأزمة البيئية والاقتصادية. ففي أغسطس/ آب الماضي، شهدت ولاية ساو باولو، التي تعد أكبر منتج للسكر في البرازيل، حرائق غير مسبوقة دمرت مساحات كبيرة من محاصيل قصب السكر.وتقدّر بلومبيرغ أن الحرائق لا تهدد فقط إنتاج السكر في البرازيل، بل تسهم أيضاً في إطلاق كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، وهذا يزيد من أزمة المناخ. ومع احتراق الغابات وانبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يستمر تقلص غابات الأمازون بسرعة مخيفة، مما يزيد من تفاقم المشاكل البيئية.
أزمة النقل والطاقة
ويعتمد نقل بعض المنتجات الزراعية التي تنتجها البرازيل أيضاً على الأمطار. وانخفضت مستويات المياه في بعض الموانئ الرئيسة المعروفة باسم «القوس الشمالي»، وهي مجموعة من الموانئ المسؤولة عن حوالي ثلث صادرات البلاد من فول الصويا.
وإذا استمرت موجة الجفاف، فقد تضطر شركات النقل مثل هيدروفيا دو برازيل إلى تقليل حجم الشحنات لتتمكن البواخر الأخف وزنا من الإبحار عبر النقاط الحرجة. وتقول بلومبيرغ إن وضعاً مشابهاً أدى العام الماضي إلى انخفاض توقعات الأرباح لشركة النقل.
وتعتمد البرازيل أيضاً على الطاقة المائية لتوليد ثلثي احتياجاتها من الكهرباء، ومع نقص الأمطار ارتفعت أسعار الكهرباء، وهذا زاد من الأعباء الاقتصادية.
ووفقاً للاقتصادي برولو بورخيس، قد يضيف هذا الجفاف حوالي 3/0% إلى معدل التضخم بنهاية العام، وأضاف: «الجفاف يزيد من الضغط على التكاليف ويحد من نمو الناتج المحلي الإجمالي».
تداعيات عالمية
والجفاف في البرازيل ليس مجرد أزمة محلية؛ بل له تداعيات واسعة على الأمن الغذائي العالمي. فالبرازيل هي مصدر رئيسي للعديد من السلع الأساسية، مثل فول الصويا، الذي يستخدم في تغذية الحيوانات والوقود الحيوي.
وإذا استمر الجفاف، فقد يؤدي ذلك إلى تأخير زراعة محصول فول الصويا المقبل، مما يزيد من الضغط على الإمدادات العالمية، وفق بلومبيرغ.
وساهمت المخاوف من تأخير الحصاد في دفع الأسعار إلى الارتفاع في بورصة شيكاغو، وقال ماركوس جانك، أستاذ الزراعة العالمية في جامعة إنسبير في حديث لوكالة بلومبيرغ: «العالم لا يعتمد فقط على البرازيل؛ ولكن عندما تواجه البرازيل مشاكل كبيرة مثل هذا الجفاف، يمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير على الأسعار العالمية».
واستجابة لهذه الأزمة، أعلنت الحكومة البرازيلية أن المزارعين المتضررين من الحرائق والجفاف سيكون لديهم إمكانية الوصول إلى خطوط ائتمان خاصة للمساعدة في استعادة الأراضي المتضررة، في وقت تم توفير 5/6 مليارات ريال (2/1 مليار دولار) من خطة المحاصيل الوطنية لدعم هؤلاء المزارعين بشروط اقتراض أفضل من السوق.