الناشط والمفكر اليمني ”إبراهيم الكحلاني ” للوفاق:
السيد نصرالله لم يرحل عنّا إلّا وقد صنع آلاف الرجال والقادة
مع تواصل جرائم الكيان الصهيوني الغاصب، استهدف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ولحق بأحبته ورفاقه الشهداء العظام الخالدين، إلى جوار ربّه شهيداً عظيماً قائداً بطلاً مقداماً شجاعاً حكيماً مستبصراً مؤمناً ملتحقاً بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة(ع)، حول شخصية ومكانة الشهيد السيد حسن نصرالله وتأثير اغتياله على إرادة حزب الله لبنان والمقاومة الإسلامية والإنجازات والتضحيات التي قدّمها إزاء القضية الفلسطينية ودعم غزة،وفي هذا الصدد أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الناشط والمفكر اليمني إبراهيم الكحلاني، فيما يلي نصّه:
الوفاق / خاص
سهامه مجلسي
كيف تقيّمون شخصية ومكانة الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله؟
هي شخصية العصر، وهي ملهمة النصر، فكيف لنا أن ننسى ابتسامته.. ضحكته.. نبرته.. نظرته.. طلَّته.. إنّه سيد القلوب.. شخصية استطاعت من اختراق قلوب جميع الناس بلا استئذان.. قريبة منهم تلامس مشاعرهم، تخاطب عقولهم، تحترم توجهاتهم.. تجسد فيه قوله تعالى: "فَاجعَل أَفئِدَة مِنَ النّاس تَهوِي إِلَيهِم»؛ فقد هوت إليه قلوب الناس وأفئدتهم.. مشاعرهم وأحاسيسهم.. مواقفهم وقبضاتهم..
ألقى الله على الناس محبته هديةً منه سبحانه له، تلك أبرز ما ميزته عن بقية المقاومين والقادة المجاهدين، فكلهم عظماء ولكن السيد حسن نصرالله تميز بعشق عامة الناس له، وحبهم الكبير له، حتى أصبح هويتها التي لا يقدرون العيش بدونها، فهو يعيش في وجدانهم، ويعيش في مشاعرهم، ويعيش في أرواحهم، ويعيش في ضمائرهم، ويعيش في مواقفهم، ويعيش في قبضات بنادقهم، ويعيش في كل تفاصيل حياتهم، لن يستوعب أغلبهم رحيله عنهم، وحياتهم بدونه، وأيامهم بفراقه، فكيف بهم أن يصحون غداً صباحاً بلا حسن، وبلا ابتسامة حسن، وبلا طلَّة حسن!!
برأيكم هل سيؤثر إغتيال الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله على إرادة المقاومة؟
خسارة الأمّة لعظمائها هي خسارة كبيرة؛ لكن أن تخسر الأمّة عظماءها في مرحلة هي من أهم مراحلها في مواجهة الأعداء فهي تعتبر خسارة كبيرة جداً جداً، فرسول الله(ص) تألم جداً على حمزة؛ لأنه كان في ظرف أحوج ما يكون إلى شخص كحمزة، رجل شجاع، ورجل مخلص، ورجل مؤمن، ورجل قوي في ذات الله، وأي قائد يدخل في مواجهة مع آخرين يعرف قيمة الرجل المهم؛ لكن السيد حسن نصرالله لم يرحل عنّا إلّا وقد صنع آلاف الرجال والقادة من طراز ووزن حسن نصرالله.. من قوته، من شجاعته، من صلابته، من وعيه، من بصيرته، من ثباته على قيمه، من إيمانه بقضيته، من شدته على عدوه، ولهذا فعلى العدو الصهيوني أن يتأهب لمواجهة آلاف الرجال الأبطال من نوعية السيد حسن نصرالله.
كيف تقيّمون إنجازات وتضحيات حزب الله لبنان والسيد حسن نصرالله إزاء القضية الفلسطينية ودعم غزة؟
إنجازاتهم وتضحياتهم لا ينكرها إلّا جاحد، ولا يتجاهلها إلّا حاقد، ولا يقللها إلّا حاسد، حزب الله قام بما عجزت عنه دول وجيوش، تحمّل المسؤولية وتبنى القضية فكان نعم السند لها ونعم الحامي لها ونعم المدافع عنها، لا تُذكر القضية الفلسطينية إلّا ويُذكر معها حزب الله والسيد حسن نصرالله، فقد صارت القضية الفلسطينية همهم الأول وشغلهم الشاغل، بذلوا لها كل أوقاتهم وأعطوها كل جهدهم، وفرغوا لها كل تفكيرهم، وأعطاها السيد حسن نصرالله ما لم يعطه لغيرها من القضايا والاهتمامات، بل إن دمه الطاهر لم يسفك إلّا في طريق القدس، وفي طريق القضية الفلسطينية، وفي طريق "طوفان الأقصى" وليس في طريق قضية شخصية أو قضية داخلية.. فصدق ما عاهد الله عليه، فربحت تجارته، وانتصرت قضيته، وأثمرت تضحياته.
كيف سيكون ردّ محور المقاومة على جريمة إغتيال الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله؟
على قدر الوجع والألم تكون ردة الفعل، ولا وجع كوجع رحيل السيد حسن نصرالله، ولا ألم كفراق السيد حسن نصرالله.. فهو سيد المجاهدين وروح المقاومين وملهم الأحرار المقاتلين، فلا يعرف قيمته مثلهم، ولا يقدِّر مكانته سواهم، ولا يدري بمنزلته غيرهم، فبحجم ثقله في قلوبهم وقدره في نفوسهم يكون على العدو انتظار حجم ردة الفعل منهم، فلن يضيع دمه هدراً، ولن تذهب روحه هملاً..
هل لديكم ما تودون قوله إزاء هذه الجريمة الهمجية وحول الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله؟
الذي يبذل ماله ونفسه فيقتل في سبيل الله، فقد انتصر للقضية، وحصل على الغاية التي ينشدها، حتى وإن كان صريعاً فوق الرمضاء، ألم يصبح شهيداً؟ حظي بتلك الكرامة العظيمة التي وعد الله بها الشهداء، دمه ودم أمثاله، روحه وروح أمثاله، أليست هي الوسيلة المهمة لتحقيق النصر للقضية؟ المؤمن لا ينظر إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخاصة، خِطته المعينة، موقفه الخاص. المسيرة هي المسيرة الطويلة: العمل على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله، في هذه المرة أو في المرة الثانية أو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا.. حتى تنتصر، ولابد أن يتحقق النصر. وأنت منتصر أيضاً عندما ترتقي شهيداً في سبيل الله، أنت منتصر أيضاً، أنت عملت ما عليك أن تعمله فبذلت نفسك ومالك في سبيل الله. فإن يرى المسلمون، أو يرى المؤمنون بعضهم صرعى في ميادين الجهاد، كما حصل في غزوة أحد، ألم يتألم رسول الله(ص) عندما رأى حمزة صريعاً؟ وصرع كثير من المجاهدين؛ ولكن هل توقف بعدها؟ لم يتوقف أبداً، وإن كانت تلك خسارة أن يفقد أشخاصاً مهمّين كحمزة؛ لكنه نصر للمسيرة، نصر لحركة الرسالة بكلها.. ولابد في هذه المسيرة أن يرتقي شهداء، وإن كانوا على أرفع مستوى، مثل هذا النوع كالسيد حسن نصرالله.
المهم أننا نريد أن نقول: أنه في حالات الشدائد، وهي الحالات التي يضطرب فيها ضعفاء الإيمان، يضطرب فيها من يفقدون نسبة كبيرة من استشعار تنـزيه الله سبحانه وتعالى، الذي يعني تنـزيهه عن أن يخلف وعده وهو القائل: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».