عضو حملة مقاطعة داعمي العدو الصهيوني في لبنان:
التطبيع الإلكتروني نافذة صهيونية للترويج للعدو وتجنيد العملاء
بالتزامن مع المعركة القائمة على أرض الميدان ضدّ العدوّ الصهيوني المتغطرس، يبتدع العدوّ أساليب جديدة لخرق المجتمع اللبناني والعربي باستخدام الفضاء الإلكتروني، إذ انشأ مجموعات وصفحات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تضمّ لبنانيين وعرباً وصهاينة هدفها الأساسيّ الترويج للسّلام مع العدوّ. هي ليست مجرد إعجاب، أو مجرد تعليق يصل من أحد الأصدقاء على «فيسبوك» أو «تويتر» عندما يكون صهيونياً مَن يتفاعل مع حسابات عربية فالأمر أكبر من مجرد متابعة صفحة صهيونية ناطقة بالعربية والتفاعل معها، ليأخذ أبعاداً سياسية تصنف في خانة التطبيع الإلكتروني. التعريف المبسّط لكلمة التطبيع على محرّك البحث «غوغل» يعني العلاقات العادية أو الطبيعية، ولكنه لا يعرّف أشكال التطبيع، فالأخير قد يُعرّف بأنه عبارة عن علاقات سياسية مع العدو الصهيوني، معلنة أو غير معلنة، داخل الغرف المغلقة بعيداً من عدسات الإعلام. ولكن التطبيع الحديث وغير المباشر يكون عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيأخذ شكلاً مختلفاً للتأثير على الأفراد دون أن يدركوا ذلك. فما هو الهدف من إنشاء صفحات صهيونية ناطقة بالعربية كصفحات «بنيامين نتياهو» و«إيدي كوهين» و«أفيخاي أدرعي» وغيرهم؟ حول هذه الإستراتيجية الحديثة التي يلجأ إليها العدو الصهيوني، وكيفية توظيفه لمواقع التواصل الاجتماعي لصالحه، حاورت صحيفة الوفاق عضو «حملة مقاطعة داعمي العدو الصهيوني في لبنان» ورئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع الدكتور عبد الملك سكرية، وفيما يلي نصّه:
الوفاق / خاص
عبير شمص
فخ التطبيع الإلكتروني
من أخطر ما يواجه قضية فلسطين هو موضوع التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني، يرى الدكتور سكرية بأن التطبيع هو حلم مؤسسي الكيان الصهيوني" بن غوريون" وغيره من قيادات العدو والهدف هو نيل الشرعية وطمس الجرائم والمجازر المروعة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية منذ العام 1948 م وحتى اليوم، وأحدث وسائل العدو لاستقطاب الشباب العربي هو التطبيع الإلكتروني، للتطبيع أشكال عديدة أبرزها التطبيع السياسي والدبلوماسي والإقتصادي والأكاديمي والرياضي والفني وأخطرها التطبيع الثقافي، ولكن أحدث وسائل العدو هي التطبيع الإلكتروني خاصةً أن العدو في السنين الأخيرة استثمر كثيراً في ميدان التكنولوجيا واستطاع أن يجذب كبريات الشركات العالمية المصنعة للتكنولوجيا مايكروسوفت وأمازون وغيرها والتي بنت مصانع داخل الكيان الصهيوني ووظفت شباب كسبوا المعرفة والخبرة وهذا ما جعل الكيان الغاصب متقدم في عالم التكنولوجيا".
كسر الحاجز النفسي بين العرب والصهاينة
يؤكد الدكتور سكرية بأن:" العدو لا يدخر جهداً بالمحاولات المستمرة والمستميتة في جذب الشباب العربي والتأثير في وعيه وممارسة التضليل وحرف البوصلة وتبديل الحقائق وتزييف التاريخ، لذا استغل العدو مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وغيرها لتصبح ملعباً جديداً له لاستقطاب الشباب العربي محاولاً إيقاعهم في فخ إنشاء علاقة معه وهذا يشكل خطراً امنياً على المجتمعات العربية، وبالفعل نجح باستقطاب عدد كبير من الشباب العربي المتابع للصفحات التي أنشأها صهاينة كصفحة "أفيخاي أدرعي" وصفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" و"إسرائيل في مصر" وصفحة بإسم رئيس وزراء العدو الصهيوني " نتنياهو" ، بالتأكيد يستثمر العدو سذاجة وجهل شرائح واسعة من الشباب العربي بالمعرفة والثقافة والتاريخ بما يكفي وإستدراجه لمتابعة هذه الصفحات والتي يتابعها بعض الشباب بحسن نية على مبدأ الفضول في معرفه طبيعة هذا العدو وهم ينشرون فيها كتابات ضد العدو معتبرين أن هذا جزء من النضال والجهاد وكشف فضائحه وجرائمه والبعض الآخر يتابع ويتفاعل عن سوء نية لا بل عن تواطؤ دون أي اعتبار للمسألة الوطنية"، ويعتبر الدكتور سكرية بأن المتابعة والتفاعل مع هذه الصفحات كسر للحاجز النفسي وتسويق مفهوم التعايش بين مزدوجين الذي يركز عليه العدو في كل مشروعه للتطبيع مع العرب، يعمل العدو بحرفية عالية جداً إذ يعتمد على علم الهندسة الاجتماعية الذي يُعنى بتغيير قناعات الشعوب تدريجياً عبر دراسة الخصائص النفسية ويستخدم علم النفس وعلم الاجتماع وتقديم محتوى إعلامي مقبول لديها، ومن وسائل الدعاية التي يعتمدها العدو لترويج صفحاته إستخدام عناوين براقة جذابة تثير اهتمام الشباب مثل " دولة سلام" وغيرها من المصطلحات، كما يستغل هذا الكيان الغاصب المناسبات والأعياد لتقديم التهاني والتبريكات للجمهور العربي فيحاول كسر الصورة النمطية عن طريق تقديم وجه جديد له، واستغل العدو أيضاً بعض الكوارث التي حصلت بالدول العربية على سبيل المثال ما حصل في سوريا، ففتح حدوده لإستقبال الجرحى، وقام مسؤولون صهاينة بزيارة الجرحى في المستشفيات بعد أن قدموا لهم يد العون والطبابة المجانية واستغلوا ذلك كثيراً في وسائل الإعلام لتبييض صورة الكيان أمام الرأي العام العالمي وللتأثير في الشباب السوري وتجنيد أعداد كبيرة منه".
ويشير الدكتور سكرية بأن العدو الصهيوني استغل ما قامت به بعض الدول العربية من تصنيف لحركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله في لبنان على أنهم جماعتان إرهابيتان لإثبات مقولة أن لديهم أعداء مشتركين ونحن أصدقاء مع هذه الدول العربية، وفق الدكتور سكرية الذي اعتبر أن أخطر مجالات التطبيع الإلكتروني إنشاء العدو لحسابات مزورة لا تقدم نفسها بهويتها الصهيونية بل بجنسيات أخرى مقبولة لدى الشباب العربي وتخاطبه بلغة جذّابة وتطرح مواضيع مشتركة في مجالات البيئة والفن والموسيقى وتبدأ بالتواصل والتأثير، ومهام هذه الصفحات في الدرجة الأولى استدراج الشباب وتجنيدهم لصالح العدو الصهيوني".
حملات في مواجهة التطبيع
يلفت الدكتور سكرية بأن حملة المقاطعة للعدو الصهيوني ورفض التطبيع معه في لبنان نفذت بالتواصل والتنسيق مع حملات المقاطعة ومناهضة التطبيع في عدد من الدول العربية نشاطات متعددة لمقاومة مثل هذا الخطر المحدق بالشباب العربي، فأطلقت حملات منذ عدة سنوات تدعو الشباب العربي للإنسحاب من صفحات "افيخاي أدرعي" وتفاعل الشباب العربي مع حملاتنا وانسحب عشرات الآلاف منهم من هذه الصفحات". وكان الهدف من هذه الحملات أولاً نشر ثقافة المقاطعة ومخاطر التطبيع الإلكتروني ثانياً إبلاغ مكاتب المقاطعة في الدول العربية والأجهزة المعنية بتطبيق قانون مقاطعة العدو الصهيوني الصادر عن جامعة الدول العربية عام 1955م بأن التواصل مع العدو الصهيوني ممنوع ويعاقب عليه القانون خاصةً أن الصهاينة كانوا ينشرون عبر صفحاتهم إعلانات وأخبار عن نشاطات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية بما فيها طرق الاستحصال على تصاريح الدخول إلى كيان العدو بهدف العمل أو العلاج وذلك في محاولة لتلميع صورة الإحتلال والإيهام بأن الصهاينة يسهلون أعمال الفلسطينيين ويهتمون بعلاجهم من الأمراض التي لا يتوفر لها علاج في مناطق السلطة الفلسطينية" ويتابع الدكتور سكرية حديثه بالقول:" كان لنا معارك كثيرة في هذا الموضوع ووقفات عدة لمنع التطبيع الإلكتروني منها حملة توعية حول منصة "ويكس" وتطبيقها وأبلغنا مكتب المقاطعة والأجهزة المعنية ما أدى إلى حجب هذه الصفحة من الإعلام الإلكتروني الموجه إلى لبنان".
البرامج الذكية وسيلة تطبيعية
يؤكد الدكتور سكرية أن من أخطر الأمور في موضوع التطبيع الإلكتروني ليس فقط صفحات "السوشيال ميديا" بل التطبيقات والبرامج الإلكترونية التي يتم تنزيلها على الهواتف الذكية وهنا تصبح عملية المتابعة والملاحقة في غاية الصعوبة لأننا على صفحات السوشيال ميديا يمكننا مراقبة من يدخل على الصفحة ويتفاعل أما على الهاتف الذكي فتصبح المسألة أصعب بكثير، وتواجهنا صعوبة أخرى في مواجهة هذا النوع من التطبيع هي قيام صفحات خارجية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بالترويج والدعوة للسلام بين اللبنانين والعرب، وتستقطب ألوف من المتابعين ولا نستطيع ملاحقتها وتعقبها وإقفالها فلا سلطة لمكاتب المقاطعة في أوروبا أو في الولايات المتحدة الأمريكية".
تجنيد العملاء عن طريق الإبتزاز والتهديد
يعتبر الدكتور سكرية بأنه لا يقتصر الخطر الكامن في التطبيع الإلكتروني في إعطاء الشرعية للكيان الغاصب والترويج لروايته بل يتعداه الى إمكانية تجنيد العملاء من الشباب العربي ويكون ذلك إما برضا الطرفين أو عن طريق الابتزاز والتهديد أو عن طريق الجهل والغباء والسذاجة، لذا دعونا وندعو دائماً الشباب إلى عدم الوقوع في فخ العدو ومعرفة قدراته الاستخباراتية الهائلة وتقدمه الكبير جداً في عالم التكنولوجيا عبر الابتعاد عن مساحات النقاش الإفتراضية مع الصهاينة أو الدخول الى صفحات صهيونية معروفة بالإسم وعدم التفاعل معها لأن أغلب من يدير هذه الصفحات ليس شخصاً واحداً فقط بل أجهزة المخابرات والأمن الصهيونية وهم مدربون وضالعون في عملهم ويعرفون تماماً كل كلمة يتداول فيها وكل ما يريدون قوله وفعله، كما يقدم الصهاينة إغراءات كثيرة للشباب العربي للإنضمام والتفاعل في صفحاتهم المختلفة، ومن هذه الأساليب ما قام به "افيخاي ادرعي" منذ بضع سنوات كتب على صفحته موجهاً الكلام للشباب العربي "أنت الأدمن" أي بإمكان الشاب العربي كتابة ما يريده وخاصةً في صفحة يتخطى عدد متابعيها مئات الآلاف، وهذا عامل جذب لبعض الشباب، وبواسطته يستقطبهم الاحتلال الصهيوني ويعمل على تجنيدهم إما أمنياً او ثقافياً وإعلامياً للترويج له ولثقافته ولسلامه المزعوم".
ويختم الدكتور سكرية حديثه بالقول:" يتوجب على كل الشباب العربي أن يعرف معرفة جيدة أن السلام والتعايش مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب مستحيل، وأن الحرب معه هي حرب وجود وليقرأ الشباب العربي عما يفكر به العدو الصهيوني ورغبته في السيطرة على كل البلاد العربية ونهب ثروات كل المنطقة دون استثناء، واستعباد شعوبها و تفتيت الدول وإشعال الحروب والفتن بين الشعوب على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي ليبقى هو الأقوى ويكون هو المسيطر في المنطقة ويؤمن مستقبله لعشرات السنين وتدور في فلكه دول ضعيفة فقيرة متهالكة، وهذا موجز عن المشروع الصهيوني الذي يجب على الشباب العربي فهمه ومعرفته، يستهدف المشروع الصهيوني كل البلاد العربية والإسلامية لذا علينا النهوض لمقارعة العدو دفاعاً عن أنفسنا وذلك عبر دعم حركات المقاومة التي تتصدى للمشروع
الاستعماري الصهيوني".