الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وتسعون - ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وتسعون - ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في ظل توجهها نحو الشرق

ما هي استراتيجية روسيا في منطقة الهند والمحيط الهادئ ؟

الوفاق/ في سياق النزاع الحالي بين روسيا وأوكرانيا وتصاعد المواجهة بين روسيا والغرب في السنوات الأخيرة، برزت استراتيجية "التوجه نحو الشرق" كرد ضروري على العقوبات المتزايدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. أصبحت منطقة الهند والمحيط الهادئ حيوية لروسيا من الناحيتين السياسية والاقتصادية، مما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من المشاركة الروسية في هذه المنطقة منذ بداية الحرب في أوكرانيا. ونتيجة لذلك، اكتسبت العلاقات الثنائية لروسيا مع قوى منطقة الهند والمحيط الهادئ أهمية أكبر في تحليل أولويات السياسة الخارجية الحالية للبلاد، والتي تسعى إلى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية وسط انفصال أعمق عن الدول الغربية. كما يجب الأخذ في الاعتبار تأثير العلاقات الرباعية بين روسيا والصين والهند والولايات المتحدة على تفاعلاتها الثنائية والتطور الأوسع لمنطقة الهند والمحيط الهادئ.
في حين أن تطوير الأطر متعددة الأطراف مثل بريكس+ منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، إلى جانب تعزيز العلاقات مع بعض دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN)، قد تقدم بشكل جديد بما يتماشى مع مصالح السياسة الخارجية الروسية، فإن العلاقات الثنائية لموسكو مع القوى الآسيوية الكبرى تلعب دورًا أكثر أهمية في نهجها الاستراتيجي. يدفع تزايد العداء بين روسيا والغرب موسكو نحو مزيد من التقارب مع بكين، على الرغم من أن الصين تميل إلى تجنب بعض المخاطر المرتبطة بالعقوبات الثانوية. في حين أن التقارب بين روسيا والصين يُعتبر محدودًا إلى حد ما، فإنه بلا شك يؤثر على العلاقات الروسية الهندية، خاصة في ضوء الخلافات الحدودية والمنافسات الاستراتيجية بين الهند والصين في آسيا.
إعادة النظر في السياسة الخارجية الروسية
وفقًا لاستراتيجية السياسة الخارجية الروسية الجديدة لعام 2023، تعتزم موسكو التركيز بشكل أكبر على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ارتفعت هذه المنطقة من الأولوية السابعة في السياسة الخارجية الروسية في عام 2016 إلى الأولوية الرابعة العام الماضي. في الوقت نفسه، ارتفعت القارة الأوراسية، مع التركيز بشكل خاص على الصين والهند، إلى الأولوية الثالثة، محتلة مكان المنطقة الأوروبية الأطلسية التقليدية. يؤكد هذا التحول الاستراتيجي على أهمية الصين والهند كشركاء موثوقين من بين 30 دولة "صديقة" قاومت الانحياز إلى الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
من الجدير بالملاحظة أن الاستراتيجية الجديدة تتجنب استخدام مصطلح "الهند والمحيط الهادئ"، حيث تعتبر موسكو هذا المفهوم في الغالب استراتيجية أمريكية لمواجهة الصين، وليس مبادرة هندية لتوسيع نفوذها في المحيط الهندي. من منظور المواجهة مع واشنطن، ترى موسكو المجموعات الصغيرة متعددة الأطراف بقيادة الولايات المتحدة، مثل "كواد" (Quad) و"أوكوس" (AUKUS)، على أنها مماثلة لحلف الناتو في آسيا وجزء من استراتيجية أمريكية أوسع لاحتواء الصين. من ناحية أخرى، تسعى الولايات المتحدة لجذب الهند إلى الاصطفافات المناهضة للصين.
حدود التعاون الروسي الصيني
كان التقارب بين روسيا والصين بين عامي 2022 و2024 مدفوعًا بشكل أكبر بعوامل أيديولوجية واقتصادية. كلا البلدين غير راضيين عن الهيمنة العالمية للولايات المتحدة وترويج "القيم الليبرالية"، لكن تعاونهما محدود نسبياً. استفادت الصين، بصفتها أكبر شريك تجاري لروسيا بحجم تجاري سنوي يبلغ 240 مليار دولار، من شراء النفط الروسي والحصول على جزء كبير من سوق السيارات الروسي في عام 2023.
بعد العقوبات الغربية الجديدة على بورصة موسكو التي حظرت المعاملات المالية بالدولار واليورو في الخارج، أصبح اليوان العملة الرئيسية للتجارة الخارجية الروسية اعتبارًا من 12 يونيو 2023، رغم المشاكل العديدة التي اعترضته.
إحياء العلاقات الروسية الكورية الشمالية
فيما يتعلق بعلاقات روسيا مع الدول الرئيسية الأخرى في منطقة الهند والمحيط الهادئ، جذب التأكيد الأخير لموسكو على التعاون العسكري والسياسي مع كوريا الشمالية اهتمامًا كبيرًا، حيث يُعتبر هذا خطوة غير عادية ولكنها ضرورية.
يمكن لمعاهدة التعاون الاستراتيجي الشامل بين روسيا وكوريا الشمالية، التي تم توقيعها في 19 يونيو 2024، أن تغير توازن القوى في منطقة الهند والمحيط الهادئ، حيث توفر لروسيا آليات لتعزيز نفوذها في شرق آسيا. ومع ذلك، فإن المعاهدة الدفاعية الفعلية في هذه الاتفاقية تسمح لموسكو بتجنب التدخل المباشر في النزاعات الحدودية لكوريا الشمالية أو الصراعات الصغيرة، بينما توفر في الوقت نفسه إطارًا لدعم كوريا الشمالية لروسيا في النزاع الأوكراني.
أهمية السياسات القطبية الروسية
وضعت استراتيجية السياسة الخارجية الروسية لعام 2023 القطب الشمالي في مرتبة مهمة في الأولويات. يبدو أن روسيا تعتزم ربط الممر البحري الشمالي (NSR) بمشروع الشراكة الأوراسية الكبرى والمسارات اللوجستية البحرية إلى شرق وجنوب شرق وجنوب آسيا. ومع ذلك، فإن تعليق عضوية روسيا في المجلس القطبي والقدرات الإنتاجية المحدودة لمشروع NSR يشيران إلى الحاجة إلى مشاركة نشطة من الصين والهند. يمكن للممر البحري الشمالي، كبديل للمسارات البحرية الرئيسية في منطقة الهند والمحيط الهادئ، أن يقلل من ضعف الصين أمام حصار ناقلات النفط في مضيق ملقا ونقاط رئيسية أخرى في جنوب شرق آسيا.
التعاون بين روسيا والهند في ظل العقوبات
تتأثر الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمميزة بين روسيا والهند بشدة بعلاقات كل منهما مع الولايات المتحدة والصين. فكلما اقتربت روسيا من الصين، من المرجح أن تميل الهند نحو الولايات المتحدة والعكس صحيح. إن تعزيز التعاون العسكري-التقني والتكنولوجي المتقدم بين الهند والولايات المتحدة، إلى جانب زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، يضع العلاقات الهندية الروسية تحت تأثير متزايد للمواجهة الحالية بين روسيا والغرب. تحد هذه الديناميكية من تفاعلات موسكو ونيودلهي مع بكين وواشنطن، وفي الوقت نفسه تقلل من إمكانات التعاون الأوسع بين روسيا والهند، بما في ذلك في المجالات التقليدية مثل التعاون العسكري-التقني.
على الرغم من بعض التقدم في المشاريع اللوجستية المشتركة مثل ممر النقل الدولي الشمالي-الجنوبي، بلغ حجم التجارة الثنائية في عام 2023 65 مليار دولار (مقارنة بـ 11-12 مليار دولار في السنوات السابقة لعام 2022)، ويرجع ذلك أساسًا إلى توريد الهيدروكربونات الروسية. أصبحت روسيا أكبر مورد للنفط إلى الهند في 2023-2024، مما وفر لنيودلهي أكثر من 10 مليارات دولار من خلال الأسعار المخفضة. كما كانت عائدات إعادة بيع المنتجات المكررة مربحة للهند. ومع ذلك، فإن رغبة الهند في تجنب مخاطر العقوبات الثانوية في المعاملات المالية مع روسيا، جديرة بالملاحظة.
قيل إنه في 2022-2023، ظل حوالي 40 مليار دولار من المدفوعات مقابل النفط الروسي في الحسابات الهندية. ومع ذلك، يشكك الخبراء الاقتصاديون الروس في هذا الرقم ويعتقدون أن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة ربما يكون أقل بكثير. قد يكون هذا الوضع غير مرغوب فيه استراتيجيًا لكلا الطرفين، حيث يسعى كلاهما إلى تعميق علاقاتهما الشاملة. يشير استمرار توريد الهيدروكربونات الروسية إلى الهند في عام 2024 إلى أن هذه العقبة قد تم التغلب عليها، ولكن لا يزال تقدم التجارة الثنائية في القطاعات الموردة وغير الموردة وتحسين آليات المعاملات في التسويات الثنائية أمرًا حيويًا لموسكو في علاقاتها مع نيودلهي.
سياسة عدم المواجهة والتوازن في الهند والمحيط الهادئ
في مواجهة الظروف الدولية المعقدة، تسعى روسيا إلى تحقيق توازن نسبي في علاقاتها مع الصين والهند، خاصة في إطار العلاقات الثنائية بين الصين والهند، وتعاونهما مع الولايات المتحدة، والحاجة إلى تقليل مخاطر الاعتماد المفرط على شريك واحد. يؤكد هذا التوازن على أهمية تفاعل الهند مع روسيا، حيث يمكن اعتبار زيارة رئيس الوزراء مودي إلى موسكو في يوليو عنصرًا مهمًا وأساسيًا في استراتيجية روسيا في منطقة الهند والمحيط الهادئ. بغض النظر عن موعد انتهاء الأزمة العسكرية الروسية الأوكرانية، من غير المرجح أن ينخفض نظام العقوبات الغربية ضد روسيا بشكل كبير. نتيجة لذلك، سيستمر التحول في السياسة الخارجية الروسية نحو الشرق بهدف تعزيز التعددية القطبية في العلاقات الدولية إلى اتجاه طويل الأمد سيركز بشكل خاص على الدول الصديقة. على الرغم من أن العقوبات قد تعيق التعاون في المشاريع المشتركة، إلا أنها من غير المرجح أن تجبر الشركاء الرئيسيين لروسيا في آسيا على تقليل علاقاتهم الاستراتيجية مع موسكو بسبب الضغوط الخارجية.
في هذا السياق، يبدو أن سياسة "عدم المواجهة" هي نهج أكثر فعالية لروسيا، حيث تسمح لها بالتعاون في وقت واحد مع الهند والصين وكوريا الشمالية، مع تنفيذ استراتيجيتها في الهند والمحيط الهادئ في المواجهة المستمرة مع الغرب.
البحث
الأرشيف التاريخي