الكاتب والإعلامي الفلسطيني ”حمزة البشتاوي” للوفاق:
الحراك الجامعي طوفان إنساني بوجه اللاإنسانية الصهيونية
«طوفان الأقصى» الحدث الذي غيّر بوصلة العالم بإتجاه فلسطين، وترأست القضية الفلسطينية أمّ القضايا عند شعوب العالم ولو حاولت بعض الحكومات في العالم تجاهل هذا التطور. والذي لم يكن متوقعاً هي الأحداث التي نشهدها يومياً في حرم الجامعات في الولايات المتحدة من إحتجاجات طلابية واسعة تنديداً بالإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني ومطالبة بوقف الحرب، فيما تُواجه هذه التحركات والمواقف بالقمع والإعتقال وإجراءات قمعیة من إدارات الجامعات في محاولة لإسكات الصوت الحر ومنعها من أن تصبح قوة ضغط ذات شعبية واسعة. وها هو الحراك يتجدد وبزخم قوي مع بداية العام الدراسي الجديد في الجامعات الأمريكية حيث عمّت تظاهرات في عدد من الجامعات وذلك استمراراً للحراك الذي كان بدأ العام الماضي احتجاجاً على الحرب الصهيونية والإبادة الجماعية على قطاع غزة. ودعا الطلاب المشاركون في المظاهرة إلى مقاطعة العدو الصهيوني أكاديمياً واقتصادياً وإلى مقاطعة الدراسة في ظل ما تعرضت له الجامعات في قطاع غزة من تدمير نتيجة اعتداءات قوات الاحتلال الصهيوني. وعلى ضوء هذه الأحداث، وفي إطار التعرف على سياق حركة هذا الحراك للسنة الحالية ومواجهة الإجراءات التقييدية الجدية التي فرضتها الجهات المسؤولة في الجامعات في محاولة لمنع الاحتجاجات نهائياً، حاورت صحيفة الوفاق الكاتب والإعلامي الأستاذ حمزة البشتاوي، وفيما يلي نص الحوار:
الوفاق / خاص
عبير شمص
مقاطعة إقتصادية وأكاديمية
يتمتع الحراك الطلابي خاصةً في جامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بعناوين مؤثرة وجدية، وفق الكاتب البشتاوي، وهي المقاطعة الإقتصادية والأكاديمية للكيان الصهيوني مع توقع بأن يكون الحراك في هذه الفترة والفترة القادمة أكثر تأثيراً وأكثر اتساعاً على مستوى طلاب الجامعات بل ويتوقع دخول طلاب المدارس الثانوية على خط هذا الحراك، والفرصة متاحة لاستخدام كل الوسائل التضامنية مع الشعب الفلسطيني وقضيته الحقة في هذا الحراك الذي سوف يعود أكثر تأثيراً عما بدأه في المرحلة الأولى".
يُراهن الكاتب والإعلامي البشتاوي على بروز قيادات شابة جديدة داعمة للقضية الفلسطينية في هذا الحراك، معتبراً أن توسّعه وشموله جامعات أخرى وبأعداد أكبر من الطلاب يخدم تماماً القضية الفلسطينية في مواجهة المواقف التي تحاول تشويه الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني عبر سيطرة الكيان الصهيوني على عدد كبير من وسائل الإعلام، وفي ظل غياب السردية والرواية الفلسطينية عن وسائل الإعلام العالمية نعتقد بأن هذا الحراك سوف يقدم الرواية والقصة الحقيقية الواقعية الفلسطينة في سياق هذا الصراع الذي نراه اليوم يتجسد أكثر فأكثر في العدوان الحالي على قطاع غزة".
دعم شعبي للحراك الجامعي
يتوقع الكاتب البشتاوي أن يكون الحراك هذه المرة تصاعدياً بحيث يشمل عدداً إضافياً من الجامعات وصولاً إلى المدارس الثانوية وهذا ما سوف يعطيه زخماً شديداً، وسيكون مدعوماً بحراك شعبي في بلدان هذا الحراك نتيجة ما تعرض له في المرحلة السابقة من محاولات قمع وتهديد وحرمان من الدراسة وغيرها من الأشكال القمعية التي مارستها الإدارة الأمريكية ضد هذا الحراك".
يُشير الكاتب البشتاوي بأن:" الحراك هذه المرة يشير ليس فقط إلى تورط الإدارة الأمريكية بالحرب بل إلى عجزها عن ايقافها ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني عبر عدم الضغط على العدو الصهيوني لوقفها، وعدم أخذ الإدارة الأمريكية قرار وقف الحرب يفهمه بنيامين نتنياهو بأنه ضوء أخضر لإرتكاب المزيد من المجازر، ولذلك أتوقع أن يترك هذا الحراك تأثيره على الأوضاع السياسية الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية التي وقفت صامتة وعاجزة أمام هذا العدوان الكبير وهذه الإبادة الجماعية التي تُشن ضد الشعب الفلسطيني، أظهرت هذه الحرب بأن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية هي قيادات بلاستيكية معدمة المشاعر والفهم للعدالة والقوانين، لذلك سوف تكون صرخة الحراك أعلى وأكثر تأثيراً على الداخل الأمريكي وانتخاباته الرئاسية المقبلة".
ويتابع الكاتب البشتاوي حديثه بالقول:"يأتي هذا الحراك وسط الدعم اللامحدود من الإدارة الأمريكية ومشاركتها المباشرة في العدوان على غزة وتقديم كل الدعم خاصة الأسلحة الثقيلة والقنابل والصواريخ، بالتالي هذا الحراك سوف يؤثر على الرأي العام بشكلٍ كبير خاصة أنه يأتي في ذروة المعركة الإنتخابية الرئاسية الأمريكية التي هي معركة محتدمة، ولذلك سوف يؤخذ هذا الحراك وتأثيره بعين الإعتبار بشكلٍ أكبر من قبل الرأي العام وأيضاً من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري".
مع الحراك... القضية الفلسطينية عالمية
يؤكد الكاتب البشتاوي على وجود تخوف أمريكي وصهيوني من هذا الحراك سيصبح قضية رأي عام ، ويظهر هذا القلق عبر التهديدات التي يُطلقها وما زال الرئيس الأمريكي الأسبق والمرشح للرئاسة في الدورة الحالية ترامب ومنها وقف الدعم الحكومي لهذه الجامعات واتهام الحراك بأنه مناصر لحركة المقاومة الإسلامية حماس وغيرها من الإدعاءات التي يسوقها العدو الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه التهديدات تأتي انطلاقاً من تأثير هذا الحراك الذي بدأ يتحول إلى قضية تشغل الرأي العام الأمريكي والذي بدأت تتأثر به فئة الشباب خاصةً".
قيود جامعية أمام الحراك
واجهت الأجهزة الأمريكية الأمنية هذا الحراك بحملات قمع واعتقال، يلفت الكاتب البشتاوي ويقول بأن :" إدارة الجامعات قامت بإدخال تعديلات على قوانينها لمنع الحراك ومحاولة تقييد عمله وأنشطته التضامنية ولكن ذلك لم يؤثر مطلقاً على حراك الطلاب الذين يصرون على إقامة مخيمات تضامنية داخل الحرم الجامعي ويواجهون كل التهديدات بصلابة مميزة وباصرار أكبر على التضامن ورأينا كيف وصلت التهديدات إلى حد منع الدراسة حضورياً في الجامعات وتحويلها إلى دراسة عن بعد ولكن الطلاب لم يتراجعوا عن حراكهم وهم كما نتوقع سوف يستمرون رغم كل هذه الإجراءات".
الحراك يكشف زيف الديمقراطية الغربية
يرى الكاتب البشتاوي بأن:"الحراك الجامعي تعرض لأبشع أنواع القمع وحتى كيل الاتهامات المختلفة للطلاب بأنهم إرهابيون ومعادون للسامية وهذا دفع أجهزة الأمن والشرطة للتعامل معهم بقوة وقسوة بالغة وكشف الوجه الحقيقي لزيف الديمقراطية الغربية المتوحشة التي لا تحترم الرأي الآخر وهي تشن حرب كم الأفواه ومنع الطلاب من التعبير عن أرائهم بشكلٍ وحشي عبر الاتهامات والاعتقالات والترهيب ومحاصرتهم داخل الجامعات".
تدابير الجامعات غير قانونية
يستطيع الطلاب رفع دعاوى قانونية ضد إداراتهم الجامعية، يقول الكاتب البشتاوي ويتابع:" أتوقع أنهم بصدد تشكيل لجان قانونية بهذا الشأن لمواجهة الإجراءات العقابية المتخذة بحقهم ومحاولة تحويل نشاطهم التضامني إلى أعمال عنف تمارسها الشرطة ضدهم، وهم عبر هذه الدعاوى سوف يحصّنون أنفسهم قانونياً ضد هذه التهم ومحاولة منع حراكهم بالقوة وعبر الاعتداء عليهم من قبل رجال الشرطة".
مدارس وجامعات غزة مقفلة للعام الدارسي الثاني
يرى الكاتب البشتاوي بأننا:" سوف نشهد أنواعا جديدة من أنشطة الحراك الجامعي في ظل تفاقم العدوان الصهيوني والمجازر التي تُرتكب ضد النازحين في الخيام ومراكز الايواء مع ملاحظة أن كل جامعات ومدارس العالم قد فتحت أبوابها لاستقبال الطلاب، إلا طلاب قطاع غزة، فهم محرومون من دخول المدارس والجامعات التي دُمرت وسويت بالأرض بفعل العدوان وما تبقى منها تحول إلى مراكز ايواء للنازحين الذين يعانون بشكل قاسٍ وصعب ظروف التهجير والنزوح القسري".
طوفان إنساني بوجه اللاإنسانية الصهيونية
يُشبه الكاتب البشتاوي هذا الحراك الجامعي مثل طوفان إنساني داعم للشعب الفلسطيني يُشارك فيه الجميع، حتى الطلاب اليهود والتي تؤكد مشاركتهم بأن جرائم حكومة الإحتلال تُشكل خطراً على الإنسانية جمعاء ولا يستطيع أي إنسان أن يتقبل هذه الوحشية وهذه الجرائم ضد الإنسانية وحرب الإبادة التي تُشن على الشعب الفلسطيني، من هنا يتخطى الحراك ويتجاوز أي حدود ومسميات، وهو يرفع شعار التضامن الإنساني بوجه اللا إنسانية الوحشية التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني".
غياب حراك جامعي عربي وإسلامي
يؤكد الكاتب البشتاوي بأنه:" يجب على الجامعات في الدول العربية والإسلامية التحرك ليكون هذا الحراك عالمياً وينتقل إلى كل القارات مما يضمن الاستمرارية والتوسع عبر رفع شعار مناهضة الحرب والمطالبة بوقف العدوان كأساس للتحرك على المستوى العربي والإسلامي وعلى المستوى الدولي، ويتوقف موضوع استمرارية الحراك وتوسعته على المزيد من التضامن والدعم ليس فقط في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بل هناك حاجة للتحركات من الجامعات في الدول العربية والإسلامية".
خوف صهيوني من الحراك
يعيش الكيان الصهيوني حالة خوف كبيرة من هذا الحراك وفقاً للكاتب البشتاوي، الذي يعتبر أن الخوف الأكبر استخدام الكيان الصهيوني في مواجهة الحراك أعمال أمنية قذرة بشكلٍ مباشر وليس فقط عمليات التحريض ضده، إذ تشن الدعاية الصهيونية حملة ضد محاولة تشويه صورته عن طريق البعد الإنساني والأخلاقي، وهذا الخوف واضح في ظل تطرف شديد للعدو الصهيوني في حالة لم نشهدها من قبل بهذه الشدة، ومن الممكن ان يستخدم اسلحة مختلفة في مواجهة رفض العدوان والوحشية ورفض ممارساته ليس من قبل شعوب المنطقة لا بل من شعوب العالم اجمع وخاصةً شريحة الشباب، وهذا يرعبه، وما قام به مؤخراً من ردة فعل دموية مؤذية ضد الفلسطينيين والتي لا ترعوي لأي معايير أو قوانين إنسانية أو دولية خير دليل على ذلك".