الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • ملحق خاص
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وسبعون - ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وسبعون - ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٦

زيارة الأربعين.. رمزية دينية، دور الشعب العراقي، وأثرها التربوي

الوفاق/ خاص

د. بتول عرندس

زيارة الأربعين من أكبر الشعائر الدينية التي تجسد الحب والولاء للإمام الحسين(ع)، حفيد النبي محمد(ص)، والتي تُذكّرنا بتضحياته في معركة كربلاء من أجل الحق والعدل. هذه الزيارة تمثل مناسبة مهمة للمسلمين، لاسيما الشيعة منهم، حيث يقطع الملايين من الزوار مسافات طويلة للوصول إلى كربلاء المقدسة في العراق لإحياء ذكرى الأربعين، وهي مرور أربعين يوماً على استشهاد الإمام الحسين(ع) في العاشر من محرم.
أهمية الزيارة
تأتي زيارة الأربعين كفرصة روحية للتأمل وتجديد العهد بمبادئ الإمام الحسين(ع) في الوقوف ضد الظلم والجور. تعتبر هذه الزيارة رمزاً للإيمان الراسخ بالعدالة الإلهية والانتصار للقيم الإنسانية السامية التي تجسدها ثورة الإمام الحسين(ع). كما أنها فرصة للتواصل الروحي بين الزائرين من مختلف الجنسيات، حيث تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية والدينية.
دور الشعب العراقي
يلعب الشعب العراقي دوراً محورياً في نجاح وإبراز هذه الزيارة العظيمة. يفتح العراقيون أبواب بيوتهم وقلوبهم لاستقبال الزوار من مختلف أنحاء العالم، مقدّمين كل أنواع الضيافة والخدمات مجاناً. هذا العطاء الكريم من الشعب العراقي، المتجذر في قيم الكرم والضيافة الإسلامية، يعد من أعظم صور التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني. يقدم العراقيون الطعام والشراب والمأوى للزوار، ويقيمون محطات استراحة على طول الطرق المؤدية إلى كربلاء المقدسة، بما يشمل توفير الخدمات الصحية والمساعدة في تأمين الاحتياجات اليومية. يُظهر الشعب العراقي خلال هذه الفترة أعلى درجات الكرم والضيافة، مكرساً قيم التواضع والخدمة للآخرين، تتحول بيوتهم إلى فنادق مفتوحة مجانًا، وقلوبهم ممتلئة بالعطاء. زيارة الأربعين ليست مجرد مناسبة دينية، بل هي فرصة لتجديد الروابط الاجتماعية والتعبير عن القيم الإنسانية، كالإيثار والتضحية. العراقيون يبذلون جهودًا جبارة لخدمة الزوار وكأنهم في سباق مع الزمن لتقديم أفضل ما لديهم، وهكذا أصبح العراقيون مثالًا حيًا للكرم والإيثار، إنه حقًا مشهد استثنائي يظهر فيه نقاء القلوب وعمق الإيمان.
كيف أصبحت زيارة الأربعين مليونية؟
تحوّلت زيارة الأربعين إلى حدث مليوني بفضل إلتزام الملايين من الزوار من جميع أنحاء العالم. في كل عام، يشارك في هذه المسيرة الملايين من الأشخاص، منهم مَن يأتي سيراً على الأقدام من أماكن بعيدة، مجسدين بذلك قوة الإيمان والتفاني. ومع انتشار وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الزيارة حدثاً عالمياً يجذب انتباه المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، ما يعزز من دورها كحدث إنساني وديني يجمع بين الناس حول قيم مشتركة من التضحية والعدالة.
الضيافة والكرم في زيارة الأربعين
تعد الضيافة والكرم من أبرز سمات زيارة الأربعين، حيث يتسابق الناس في العراق لتقديم كل ما يستطيعون من خدمات للزوار. لا تقتصر الضيافة على تقديم الطعام والشراب فحسب، بل تشمل أيضاً الخدمات الصحية، الإرشاد، توفير المأوى، وحتى العناية بالأطفال وكبار السن. تجسد هذه الأفعال قيم العطاء والتضحية، وتعكس الروح الإسلامية السامية في تقديم العون والمساعدة لكل محتاج.
الشعب العراقي يعتبر زيارة الأربعين فرصة لردّ جميل الإمام الحسين(ع) من خلال خدمة زائريه، وهي خدمة يرونها شرفاً عظيماً. لا تقتصر هذه الضيافة على فئة معينة، بل يشارك فيها الجميع من مختلف الطبقات الاجتماعية، مما يعزز من روح الوحدة والتكاتف.
التأثير التربوي لزيارة الأربعين
من الناحية التربوية، تُشكّل زيارة الأربعين درساً عميقاً في القيم والأخلاق الإسلامية. تُعلّم الزيارة الزوار مفاهيم العطاء بلا حدود، التضحية من أجل المبدأ، والصبر على المشاق. كما أنها تغرس في النفوس روح التضامن والتكافل الاجتماعي، وتعزز من فكرة التعايش السلمي بين مختلف الثقافات والشعوب.
لزيارة الأربعين تأثير تربوي واضح على الجيل الناشئ، حيث يتم ترسيخ قيم الكرم، الاحترام المتبادل، والتفاني في خدمة الآخرين. تتعلم الأجيال الشابة من خلال هذه الزيارة أهمية الوقوف إلى جانب المظلومين ودعم العدالة، بما يعزز من انتمائهم إلى الأمة الإسلامية وقيمها النبيلة.
الخاتمة
زيارة الأربعين ليست مجرد حدث ديني، بل هي تجربة إنسانية عظيمة تجمع بين الشعوب وتغذي روح الإيمان والتضحية. من خلال دور الشعب العراقي المتميز في الضيافة والكرم، تصبح هذه الزيارة تجسيداً حيّاً لقيم الإسلام الحقيقية في العطاء والرحمة. كذلك، تترك زيارة الأربعين أثراً تربوياً عميقاً في نفوس المشاركين، مما يجعلها فرصة للتعلم والتأمل الروحي والأخلاقي.

البحث
الأرشيف التاريخي