الاحتلال يستخدم سياسة التجويع للضغط على السكّان

إطعام غزة بـ«القطّارة».. ما يدخل يسدّ 1% من الحاجات

يعيش قطاع غزة الذي يشن الكيان الصهيوني الغاصب حرب الإبادة عليه للشهر الحادي عشر على التوالي على وقع حالة تجويع مستمرة في ظل التحكم الصهيوني الكامل في عدد الشاحنات التي تصل إلى مليونين ونصف المليون فلسطيني مشتتين داخل القطاع، إلى جانب طبيعة السلع وأنواع المواد التي تسمح بها سلطات الاحتلال.
ورغم أن الشاحنات الواردة للقطاع يومياً تعتبر بالعشرات في أفضل الأحوال ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، يتسابق وزراء حكومة بنيامين نتنياهو للتحريض على القطاع وتشديد تجويعه والدعوة إلى حرمانه من الغذاء والدواء وكل أسباب الحياة الآدمية.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية دعوات من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسئليل سموتريتش من أجل تجويع سكان القطاع حتى عودة جميع الأسرى والمحتجزين الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية.
وقبل حرب الإبادة الصهيونية كان القطاع يصل إليه قرابة 500 شاحنة من مختلف السلع والبضائع يومياً في الوقت الذي لم يصل إليه مثل هذا العدد منذ بداية الحرب، في حين يزعم الاحتلال أنه يدخل من البضائع ما يُبقي الفلسطينيين أحياء.
ويسيطر الاحتلال على معبري رفح وكرم أبو سالم التجاري جنوبي شرقي القطاع، عدا عن حاجز بيت حانون/إيرز ما يجعله المتحكم الوحيد في حركة الشاحنات والواردات للقطاع ويبقيه مسيطراً على طبيعة السلع الغذائية.
 نقطة في بحر الاحتياجات
تقول إيناس حمدان القائمة بأعمال مدير الإعلام في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»: إن الفترة الأخيرة لم تشهد أي تغيير على تدفق المساعدات الإغاثية التي تدخل من معبر كرم أبو سالم.
وتضيف حمدان: أن عدداً قليلاً من الشاحنات فقط التي تحمل الإمدادات الإنسانية تدخل إلى مناطق جنوب ووسط قطاع غرة عبر معبر كرم أبو سالم وهي نقطة في بحر الاحتياجات الرئيسية الملحّة.وتشير حمدان إلى أن هذه الشاحنات قد تتعرض لعمليات سرقة بسبب انهيار القانون والنظام، وهذا يعرقل الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى أوامر الإخلاء المتكررة وإعلان مناطق عديدة مناطق قتال مما يزيد التحديات والقيود على حركة العاملين في المجال الإنساني، ناهيك عن الطرقات والبنى التحتية المدمرة بشكل كبير.
وتلفت إلى أن معظم البعثات الإنسانية التي تطلب الوصول إلى مناطق مدينة غزة وشمال القطاع يتم رفض طلباتها مما يزيد الأمر تعقيداً على مستوى الأمن الغذائي، ومن ثم إن 96% من النساء الحوامل والمرضعات لا يستطعن الحصول إلا على مجموعتين غذائيتين أو أقل خلال اليوم الواحد وتضطر معظم العائلات إلى تخطي وجبات الطعام أو تقليل كمية الطعام المقدمة نظراً إلى عدم توفر كميات كافية من المواد الغذائية. وتضيف: أنه بحسب الإحصائيات والتقارير الدولية، فإن أكثر من 500 ألف طفل دون سن الخامسة، وكذلك النساء المرضعات والحوامل هم في حاجة إلى دعم غذائي منقذ للحياة بصورة عاجلة وفورية.
 نيّة مبيّتة
من جانبه، يؤكد مديرعام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، أن الاحتلال لديه نية مبيتة منذ اليوم الأول للحرب على غزة، وهو ما عبر عنه وزير الأمن يوآف غالانت ووزراء صهاينة مثل بن غفير وسموتريتش.
ويقول الثوابتة: إن الاحتلال أغلق المعابر التي كان يدخل منها نحو 600 شاحنة يومياً من البضائع وبات المتحكم الوحيد في حركة الشاحنات والبضائع ومن ثم ما يدخل لا يكفي احتياجات السكان.
ويشير إلى أن الاحتلال استخدم سياسة التجويع في إطار الضغط على السكان واستخدامه ورقة للتحكم في السكان والضغط على الفصائل الفلسطينية، عدا عن إغلاق النقطة الإنسانية التي يدخل إلى غزة والشمال منها الشاحنات منذ أكثر من 100 يوم.
ويلفت إلى أن الاحتلال يمنع إدخال الحليب والتطعيمات والمكملات الأغذية ضمن سياسة التجويع وهو ما أدى إلى تضاعف نسبة الوفيات الطبيعية مقارنة بما كان عليه الحال قبل الحرب بنحو 6 أضعاف ونصف الضعف. ويشدّد على أنه منذ نحو 90 يوماً لم تدخل مساعدات إنسانية إلى المحافظات الجنوبية، ومنذ 100 يوم لم تدخل إلى مناطق الشمال وغزة أي سلع ومواد غذائية، حيث إن المتوفر من السلع والبضائع تدخل إلى بعض مناطق الجنوب في القطاع. ويشدد الثوابتة على أن إجمالي ما يدخل من السلع والبضائع لا يكفي لتلبية احتياجات 1% من سكان مناطق الجنوب والوسط في القطاع، في الوقت الذي لا تصل فيه أي من السلع والبضائع إلى مناطق غزة والشمال. وينبه إلى أن القطاع بات يحتاج حالياً إلى أكثر من 1000 شاحنة يومياً في ظل النقص الكبير في السلع والمواد الغذائية، حيث إن هناك ربع مليون «رب أسرة» يعيشون مع عوائلهم ويعتمدون بدرجة أساسية على المساعدات الإنسانية.
 سياسة عقابية
من جانبه، يرى الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد أبو قمر، أن التجويع استخدمه الاحتلال سياسة عقابية بعد رفض المواطنين النزوح جنوباً بعد استخدام عدة سياسات، منها القصف الشديد والاجتياح البري.
ويقول أبو قمر: إن الاحتلال عمل على إغراق جنوب القطاع بالشاحنات في حين عمل على سياسة القطارة (إدخال كميات قليلة جداً) في مناطق الشمال في فترة من الفترات ضمن سياسة الضغط على السكان منذ بداية الحرب.
ويقدّر أبو قمر حجم البضائع والشاحنات التي وصلت إلى مناطق الشمال بنحو 10% فقط من عدد الشاحنات التي كانت تصل إلى المواطنين قبل الحرب الصهيونية على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويوضح أن الشاحنات التي تصل باتت من دون جودة باستثناء الطحين فقط، حيث إن الاحتلال يدخل السلع مثل المعلبات وبعض السلع الأخرى التي يدخلها بكميات بسيطة مثل البرغل أو العدس في ظل غياب لمواد التنظيف والأحذية والملابس.
ووفقاً لأبو قمر، فإن السلع ذات الجدوى التي تصل إلى السكان لا تتجاوز معدل 6% فقط، في حين يستمر في إدخال المعلبات التي تنعكس بالسلب على صحة الفلسطينيين ويندرج ضمن سياسة التجويع التي يعيشها السكان. ويشير إلى أن الناس تعيش حالة من التجويع غير مسبوقة في ظل نقص أصناف أساسية من السلع مثل اللحوم وحفاظات الأطفال والحليب والمكملات الغذائية ضمن إطار الضغط على السكان بالتجويع.
البحث
الأرشيف التاريخي