الردّ الحتمي على الكيان آتٍ.. ماذا لو تأخر أكثر؟
شارل أبي نادر
كاتب ومحلل سياسي
مع تأكيد المقاومة على أنّ الردّ على جريمة اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر آتٍ حتمًا، ومع المصداقية الثابتة والمعروفة والأكيدة للمقاومة، يبقى الكلام فقط محصورًا بأسئلة ثلاثة: متى يحصل هذا الردّ ؟ وكيف يمكن أن يحصل ؟ وأين سيكون؟
طبعًا بالنسبة إلى المقاومة الأجوبة عن هذه التساؤلات الثلاثة معروفة مبدئيًا؛ لأنّ العمل عليها جارٍ، ولإكمال مشهد عملية الردّ فقط يحتاج الأمر إلى إكمال الدراسة. لذلك؛ لا وجود للغموض أو للحيرة أو للتشنج أو للخوف أو الارتباك من جانب المقاومة، أو من جانب بيئتها الحاضنة والمؤمنة بخيارات حزب الله كلّها. أما بالنسبة إلى مجتمع العدو، فهو يعيش اليوم أصعب مرحلة بانتظار ردّ حزب الله، حيث الغموض القاتل مع الخوف والارتباك، وحيث عدم الثقة بقيادته التي رمته عبر الاعتداءات التي نفذتها، في أتون هذا الانتظار المميت.
من الناحية العسكرية
يجهد العدو لتأمين أعلى درجات التجهيز والتحضير على صعيد تنظيم مناورة دفاع جوي مناسبة لمواجهة الردود الثلاثة، الإيراني واليمني واللبناني، في الوقت الذي لا فكرة لديه بتاتًا إذا كانت هذه الردود ستحصل مجتمعة أو مستقلة. لذلك؛ عليه أن ينشر كل ما يملكه من أنظمة دفاع جوي بجهوزية كاملة، ولا يمكن أن يتراخى بها في أي وقت معين، كون احتمال حصول الردّ واردًا في أي لحظة. ولا يمكن أن تكون هذه الجهوزية مركّزة في منطقة أكثر من الأخرى؛ بل عليها أن تكون بالمستوى نفسه في الأمكنة كلها؛، لأنّ ما يمكن أن يكون أهدافًا للرد، من منشآت عسكرية أو استراتيجية أو مواقع وقواعد يوجد فيها قادة عسكريون، موزع بشكل تقريبي في الكيان كله، أو في فلسطين المحتلة كلها. وكل هذه الأمكنة يمكن أن تكون أهدافًا محتملة ومناسبة لشروط أي رد من الردود الثلاثة، الإيراني واليمني واللبناني.
أما بالنسبة إلى الدعم الواسع من أنظمة الدفاع الجوي والاعتراضي، والذي سوف يحصل عليه العدو من الخارج، وفي مقدمته الدعمان الغربي والأميركي تحديدًا، فهو قد اكتمل تقريبًا مع تركيز أساسي على شرق الكيان باتجاه إيران واليمن، مع إعطاء نسبة معقولة للدفاع عن الكيان من اتجاه الساحل الغربي لفلسطين. وهذا الانتشار الغربي، أو حتى الإقليمي إذا حصل، وفشلت الدول العربية المعروفة برفضها للطلب الأميركي، سوف يكون بعيدًا بنسبة كبيرة عن الدفاع عن الكيان من اتجاه لبنان، حيث قرب المسافة وتداخلها تقريبًا مع جغرافية فلسطين المحتلة، والفاعلية التي أثبتتها أسلحة حزب الله النوعية، لن يسمحا لأي منظومة دفاعية خارجية بالتدخل الناجح لحماية أهداف حزب الله المحتملة عند تنفيذه الردّ المرتقب.
من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية
من دون انتظار الردود الثلاثة المرتقبة، ومع ما يحيط الكيان أساساً من شبه انهيار اقتصادي واجتماعي، على خلفية الحرب على غزة وتداعياتها الكارثية على الكيان، بعد أن طال وقتها بشكل لم يتوقعه أحد -دخلت في شهرها الحادي عشر- أصبح هناك ما يشبه الاستحالة بالنسبة إلى الكيان في أن ينجح في مواجهة واستيعاب تداعيات الانتظار القاتل للردّ أو للردود الحتمية المرتقبة. فقد توقفت العجلة الاقتصادية كلها، ويعيش الكيان اليوم في مرافقه كلها همّ التحضير للملاجىء وهمّ الحصول على الحاجات اللوجستية التي سوف تتأثر بنسبة كبيرة ، والتي حتمًا سيصبح صعبًا الحصول عليها في مجتمع لم يتعوّد بتاتًا على
فقدانها أو قلَّتِها .
يبقى السؤال الأساس بالنسبة إلى الكيان؛ وهو: ما هي قدرته على استيعاب هذا الوضع غير المتوازن بانتظار ردٍّ أو أكثر فيما لو طال التنفيذ المزيد من الوقت؟