الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وستون - ١١ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وستون - ١١ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

الكتابة نجاة.. أبناء غزة لا يعدمون وسيلة للمقاومة

لا يستخفنّ أحد بموقفه، برأيه، بصوته، بكلمته، مهما كانت بسيطة ومتواضعة. كلمة فوق كلمة تبني عمارة الوعي، وترسّخ مداميك الحقيقة، وتمنع تزوير التاريخ مرة أخرى. التواصل مع غزة الآن، أياً كانت طبيعته، هو نوع من الدعم والمؤازرة في خضم المقتلة التي يرتكبها الاحتلال الاستيطاني بحق أهلها وأبنائها الذين قدّموا ويقدمون أمثولة في الصبر والصمود والمقاومة.
طبعاً، لا شيء يعوّض الأرواح التي زُهِقت، فكل روح عزيزة غالية، واللغة مهما بلغت من الفصاحة والبلاغة لا يمكنها الارتقاء إلى مصاف الدم البريء الذي يُسفك على مذبح الحرية والاستقلال، وعلى مرأى العالم ومسمعه.
دَم أسقط القناع عن وجه العالم القبيح، وكشف لنا جميعاً أننا نحيا في عصر الهمجية والتوحش، إذ لا قيمة للإنسان، ولا لحقّه في العدالة والحرية والحياة الكريمة. إنها مرحلة "قروسطية" بامتياز، تقدمت فيها البشرية علمياً وتكنولوجياً، لكنها تراجعت إنسانياً وأخلاقياً حتى تكاد تبلغ الدرك الأسفل.
واقعٌ مؤلم ومفجع يؤكد لنا أن العالم تحكمه القوة المتوحشة. أمام هذا الواقع، تبدو فلسطين اليوم، وغزة على وجه الخصوص، المحكّ الفاصل، ليس بين الحق والباطل فحسب، بل بين الإنسانية والوحشية أيضاً.
حجم التزوير والتزييف الذي تمارسه القوى الاستعمارية وأدواتها أمام أعيننا وعلى مسامعنا يستدعي الشك في كل ما وصلنا من تأريخ تمّت كتابته على أيدي المنتصرين الذين لم يكونوا دائماً للأسف على ضفة الحق، وفلسطين باتت بمنزلة الكاشفة لكل الحقائق التي أُرِيدَ لنا ألّا نعرفها.
لأن المعركة بهذا الوضوح، وبهذه الضراوة، ولأن العالم كله عاجز (قُلْ متواطئاً) عن وقف المجزرة، يغدو كل فعل ذا قيمة، فلا يستخفنّ أحد بموقفه، برأيه، بصوته، بكلمته، مهما كانت بسيطة ومتواضعة. كلمة فوق كلمة تبني عمارة الوعي، وترسّخ مداميك الحقيقة، وتمنع تزوير التاريخ مرة أخرى، فلا يقل أحدنا: ما جدوى كلمتي! ولا يقع في الإحباط والقنوط. نعم، حجم المذبحة مهول ويفوق الوصف، لكن ما دام هناك مَن يقاوم في غزة، وفي عموم فلسطين، فعلينا أن نكون صوته وكلمته.
الكلمة واجبة وضرورية. لذا، نجد أن أبناء غزة لا يعدمون وسيلة للمقاومة ولإعلان جدارتهم بالحياة وبالحرية، منهم مَن يكتب بالدماء، ومنهم مَن يكتب بالحبر، وما بدلوا تبديلاً، وها هو صديقي الشاعر الغزّي الشاب جواد العقّاد (ومثله عشرات الكتّاب الغزيّين) من قلب المعمعة ومن وسط النار والبارود يصرّ على الكتابة، فتغدو قصيدته شهادة حياة، فهل كثيرٌ على جواد ورفاقه أن نقرأهم بعين الحب والمؤازرة، وأن نساهم في إيصال كلمتهم إلى حيث نستطيع سبيلاً ؟
كتبتُ لجواد عبر إحدى منصات وسائل التواصل الاجتماعي: "سوف تنجو يا صديقي وتكتب شعراً كثيراً وجميلاً"، فكتب لي من قلب خان يونس المدمرة والمحاصرة نصّاً جميلاً بعنوان "أنجو":
أحملُ أحلامي في عينيَّ جمراً وصلاة
أعانقُ موتي في الطريقِ الوعرة إلى ذاتي
وإلى المدينةِ
يطلقون الرصاصَ الحيَّ على أحلامي الجامحة
كالحياةِ في شبقها الأول.
البحث
الأرشيف التاريخي