الكاتبة اللبنانية والفائزة بجائزة الشهيد سليماني «هلا ضاهر» للوفاق:
رواية المقاومة.. تخليد بطولات المقاومين في إطار أدبي
يُعتبر أدب المقاومة، أدب المعبّر عن الذات الجمعية والهوية للحفاظ على القيم العليا، ويدعو إلى مواجهة الظلم، وبما أن الأدب صورة حيّة للحركات الإجتماعية والسياسية، لذلك يُرى أن الأدباء يستخدمون الفن للإسهام في إذكاء روح المقاومة. وإن كان للشعر مركز الصدارة في أدب المقاومة، ولكن جاءت القصة والرواية منسجمة في ذلك مع التطورات الإجتماعية والسياسية والثقافية. والكتابة للأطفال ورواية المقاومة بلغة الطفل تحتاج إلى خبرة خاصة، ومؤلف قوي، ومن هؤلاء الكتّاب هي المؤلفة اللبنانية الأستاذة «هلا ضاهر» التي لها تأليفات كثيرة في هذا المجال، وحصلت على جائزة الشهيد سليماني في هذا المضمار، ففي ظل الظروف التي تجري في غزة ومقاومة أطفال غزة، أجرينا حواراً معها، فيما يلي نصه:
الوفاق/ خاص
موناسادات خواسته
المقاومة ترسم حياة كريمة
بداية تحدثت لنا الأستاذة "هلا ضاهر" عن أدب المقاومة وتأثيره في المجتمع في إطار الرواية، فقالت: المقاومة حول العالم أبدعت ورسمت للأجيال القادمة حياة كريمة عزيزة مجبولة بعرق المجاهدين ودماء الشهداء وتضحيات الجرحى وعذابات الأسرى وصبر العوائل. وهناك حكايا لا تحصى عن هؤلاء الأبطال يأتي الأدب المقاوم ليكمل دورهم الرائد في صناعة التاريخ والأمجاد. ولكل فرد في هذا المجتمع دوره ،وهنا تأتي القصة وتأثيرها لتخليد بطولات المقاومين بقالب أدبي وكل حكاية تحمل في طياتها أسمى معاني الإنسانية. والهدف التأثير بالمجتمع وخاصة الشباب والمرأة لأنها المربي والأم. وفي كل سطر من تلك الحكايات وفي كل كلمة طريق للهداية إلى الحق وقد تكون القصة سببا لترك المنكر والأمر بالمعروف بأسلوب غير مباشر وهو أقوى من الوعظ.
الرواية الفائزة بجائزة الشهيد سليماني
بعد ذلك طلبنا من الأستاذة أن تحدثنا عن روايتها الفائزة بجائزة الشهيد سليماني، فقالت: أنا امرأة لبنانية من جنوب لبنان المقاوم من قرية صغيرة تدعى بليدا عند الحدود مع فلسطين المحتلة. عندما سمعت الإعلان عن فتح باب المشاركة بجائزة سليماني العالمية للأدب المقاوم سارعت للمشاركة بإحدى القصص التي احتفظ بها في ذاكرتي. وأنا ابنة تلك الأرض شعرت بواجب نقل تلك الحكاية البطولية لمقاوم فجريح فأسير لأن الجائزة تحمل اسم سيد محور المقاومة ونحن أبناء المقاومة الإسلامية في لبنان تحت راية سماحة السيد حسن نصر الله ضمن هذا المحور. ودائما يكرر سماحته أننا سنصلي في القدس يعني أن المقاومة مستمرة حتى تحرير فلسطين ولا أرضى أن أنتظر هذا اليوم من موقع الجلوس والمراقبة وتلقي النتائج بل أبحث لنفسي عن دور لأكون شريكة النصر. لهذا اعتبر أن القلم هو سلاحي والقصة الهادفة التي اختارها من المجتمع المقاوم هي الدشمة التي تتصدى للغزو الثقافي. أرى إن قلمي بموازاة سلاح اخواني المجاهدين في الثغور.
الإلتزام بمعايير أدب المقاومة
وحول ما يقع على عاتق المؤلف المقاوم، قالت الكاتبة اللبنانية: يقع على عاتق المؤلف المقاوم الالتزام بمعايير وأدبيات وحقائق تؤرخ مسار المقاومة بكل شفافية ومصداقية وتحث المجتمع على الإرتباط بالأرض والدفاع عن الوطن والعرض والشرف ورفض الذل والاحتلال والظلم. كل تلك الأحداث التي نشهدها اليوم في فلسطين والعالم نستطيع أن نقدمها بقالب قصصي شيق يصل إلى كل قلب معطّر بحبر الدم ورائحة جذور شجرة عتيقة متمسكة بالأرض.
المؤلفات الأدبية في خدمة المقاومة
وعندما سألناها عن أدب المقاومة ودوره في تخليد شخصيات محور المقاومة قالت "ضاهر": تأليفات المقاومة تخلّد الشخصيات البارزة في محور المقاومة من كرم وإخلاص النية ، والقادة الكبار يعملون في السر والخفاء ولا يتكلمون عن أنفسهم وعن انجازاتهم واحيانا لا يظهرون عبر الشاشات الا بعد الاستشهاد. هنا يأتي دور المؤلفات والكتّاب وأصحاب الأقلام، عليهم الخفاء وعلينا النشر، كانوا مجهولون في الأرض والآن بفضل المؤلفات الأدبية المقاومة يصبحون معروفين.
رواية المقاومة بلغة الطفل
وعندما سألنا عن رأيها حول اللغة التي يجب استخدامها في الكتابة للأطفال، هكذا أبدت عن رأيها وقالت: اللغة التي يجب استخدامها عند الكتابة للأطفال حول مفهوم المقاومة ينبغي أن تكون لغة بسيطة سهلة قريبة من تفكير الأطفال وعقول الأطفال ومحببة لهم تتضمن التشويق والأفكار الجديدة التي ترسخ في ذهن الطفل وفي الوقت نفسه تحمل مضامين واعية لأننا أمام جيل ذكي وواع ولديه مستقبل مشرق.
معاناة أطفال غزة في إطار رواية
وفيما يتعلق بالتركيز في مؤلفاتها للأطفال ورسم معاناة أطفال غزة في إطار رواية، قالت الأديبة اللبنانية: التركيز في مؤلفات الأطفال على القضايا الكبرى بأسلوب مناسب للأطفال مثل قضية احتلال فلسطين واعتداءات اسرائيل والمجازر والاعتقال ومعاناة أيتام الشهداء ومعاناة الجرحى ،كلها قضايا لنختار منها مقتطفات وحوداث مناسبة لحبك رواية ترسم معاناة أطفال غزة ،ولدينا مئات الأفكار منذ بدء طوفان الأقصى. أذكر بعض المشاهد التي تؤرخ الحدث على سبيل المثال وليس الحصر مشهد الطفلة التي بحثت بين انقاض منزل أهلها المدمر عن كتبها ووجدتهم ووقفت أمام الإعلام شامخة مرفوعة الرأس وقالت: أريد أن أكمل تعليمي وأصبح دكتورة.
الكلمة بلسم الجروح
وحول استخدام الكلمة كبلسم للجروح، قالت ضاهر: بالطبع يمكن استخدام الكلمة كبلسم للجروح بل أعتبر أن الكلمة أهم بلسم للجروح لأنها تدخل إلى القلب مع العقل وتؤثر برفع المعنويات والدعم الفكري والنفسي والعاطفي ،والكلمة هي طريق إلى القلوب بشرط استخدام الأسلوب السلس واللّين غير المنفر. قال تعالى مخاطباً النبي موسى(ع) وأخاه هارون: "إذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا" (طه/ 43 و44) لذا اعتقد ان الكلمة اللّينة هي المعيار الصحيح للتأثير.
أدب المقاومة بعد طوفان الأقصى
وفيما يتعلق بأدب المقاومة بعد طوفان الأقصى ،هكذا تبدي عن رأيها الكاتبة اللبنانية: بعد طوفان الأقصى أصبح أدب المقاومة في مرحلة جديدة أكثر تحدياً وأكثر وضوحاً وأكثر حاجةً لأقلام كل الكتاب والكاتبات ،لأن محور المقاومة يسطر ملحمة بطولية ويتصدى لعدو متوحش ويدافع عن الأرض والعرض ولا يساوم ولا يتنازل ولا يتراجع بل يلقّن الكيان الصهيوني درساً لن ينساه، وهي معركة من أهم وأكبر المعارك مع هذا العدو الغاشم، فهي ترسم وتكتب تاريخاً جديداً لا مثيل له، وقدمنا في تلك المعركة مئات الشهداء من قادتنا ومن خيرة شبابنا ومن كوادرنا ومن فتيان التعبئة وقادة كشفيين ونساء مقاومات وشيوخ قضوا أعمارهم في جبهة المقاومة وآن لهم أن يرتحلوا وأطفال أيضاً .كل تلك الفئات تشكل مادة مهمة وأساسية لكل من يهتم بالأدب المقاوم ليتم تحويلها إلى روايات وقصص قصيرة وملاحم شعرية وقصص للأطفال وأفلام وثائقية وسيناريوهات لشاشات التلفزة.
رسالة إلى أطفال غزة
وأخيراً سألنا عن رسالتها لأطفال غزة في ظل الظروف المأساوية الحالية، فقالت ضاهر: رسالتي إلى أطفال غزة ــــــ نحن معكم وإلى جانبكم ولن نتخلى عنكم رجالنا وشبابنا وأبناءنا يقاتلون هذا العدو المتوحش إكراماً لعيونكم ودفاعا عنكم، بالمقابل نحن نحمل القلم ونكتب كل قصصكم التي تفضح هذا العدو والتي تبين للعالم مظلوميتكم وشجاعتكم وجمالكم وحقكم الثابت بالحياة والعيش بأمان في فلسطين الحبيبة.