تنمية السياحة الدينية في العراق من خلال الربط السككي مع دول الجوار
الوفاق/ خاص
هاني الخاطر صحفي عراقي
يستطيع العراق، الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على عائدات النفط الخام بين دول منطقة غرب آسيا، على تنويع مصادر دخله وتقليل اعتماده على النفط من خلال تطوير السياحة الدينية. ويعتمد هذا الإجراء على إنشاء بنية تحتية للنقل البري، وخاصة خطوط السكك الحديد مع تركيا وإيران.
ولأن العراق يعتبر أحد أكبر الدول التي تمتلك احتياطيات نفطية في العالم، يصدر العراق حوالي 4 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، وهو مصدر الدخل الرئيسي للحكومة العراقية.
وبحسب تقرير البنك الدولي لعام 2022، شكلت عائدات النفط خلال العقد الماضي أكثر من 99% من صادرات العراق ، أي ما يقارب 85% من موارد الموازنة الحكومية، وبمعنى آخر، ضمن ميزان الإنتاج 42% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وإنّ درجة الاعتماد على النفط بشكل أساسي جعل اقتصاد العراق القائم على منتج واحد عرضة للتغيرات العالمية في أسعار النفط.
في الوقت نفسه، يستطيع العراق أن يعتمد على إمكانياته الأخرى وخاصة السياحة الدينية. وهنا بيت القصيد في هذه المقالة، طبعاً إيرادات السياحة الدينية يمكن أن تكون من ركائز المصادر بالإضافة إلى تنوع مصادر دخل العراق، حيث ينبغي حماية العراق ومصادر الدخل العراقي من الأضرار الناجمة عن تقلبات أسعار النفط.
يحتضن العراق حالياً أكبر وأهم المراقد الدينية المباركة في العالم الإسلامي وتقع حوالي 90% من المراقد الدينية المتعلقة بالأنبياء والأئمة في العراق. ومن مميزات هذا النوع من السياحة يمكن القول أنها مفتوحة طوال السنة وقرب منشآتها من دولة العراق وكثرة المناسبات الدينية للزيارة مما يدل على الفوائد الدائمة والمستقرة منها، ومع كل ذلك فإن تطوير السياحة الدينية والحصول على الفوائد منها في العراق يواجه العديد من المشاكل وأبرزها ضعف البنية التحتية المناسبة للاتصالات البرّية بين العراق والدول المهمة لهذا النوع من السياحة والتي من ضمنها تركيا وإيران وباكستان والدول الآسيوية والقوقاز.
يتطلع العراق حالياً للارتباط بتركيا وإيران عبر خطين للسكك الحديد وهما «طريق التنمية أو التطوير» للاتصال بتركية وطريق «البصرة - شلمجة» للاتصال بإيران. يحتاج طريق الاتصال بتركيا إنشاء نحو 1200 كيلومتر من الطرق والسكك الحديد واستثمارات بقيمة 17 مليار دولار، ذلك على الرغم من أن مشروع خط سكة حديد «البصرة - شلمجة» لا يتطلب سوى مد نحو 33 كيلومتراً من السكك الحديد، وتنفيذ أول 16 كيلومتراً من الخط، وبناء جسر فوق أروند رود، لذلك يمكن ربط الجانبين ببعضهما البعض من خلال خط السكة الحديد بإنفاق أقل ووقت أقل.
ومع انطلاق خط سكة الحديد هذا، سيتم ربط العراق بالمصادر الرئيسية للسياحة الدينية، بما في ذلك دول باكستان والهند وآسيا الوسطى وحتى القوقاز.
في الوقت الحالي يسافر حوالي 9 ملايين شخص من إيران إلى العراق وبالعكس في كل عام، ويسافر حوالي 300 ألف سائح ديني من باكستان إلى العراق في كل عام، وإن إنشاء خط سكة حديد يمكن أن يزيد من عدد السائحين ضمن اقتصاد السياحة الدينية، فهم يدخلون العراق من هذه الدول وأول خطوات السياحة هي النقل، فمن خلال تسهيل حركة السياح وتقليل الوقت وزيادة الأمن، تكون نتيجة ذلك زيادة دخل الحكومة العراقية وخلق المزيد من فرص العمل في مختلف المدن العراقية، ولذلك فإن بناء خطوط سكك الحديد بين العراق والدول المجاورة بما فيها تركيا وإيران عبر حدود البصرة - شلمجة ضروري لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه.