تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في إطار تنويع التحالفات
رغبة ماليزية بالإنضمام إلى بريكس
أعلن رئيس الوزراء داتوك سري أنور إبراهيم في 18 يونيو أن الإجراءات الرسمية للعضوية ستبدأ قريبًا، مؤكدًا على طموح ماليزيا لإعادة تأكيد نفوذها على الساحة العالمية. هذه الخطوة الاستراتيجية هي جزء من جهد أوسع لوضع ماليزيا كلاعب محوري في الدبلوماسية الدولية، مع توفير رئاستها القادمة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) فرصة لقيادة المبادرات الإقليمية وتعزيز التعاون الاقتصادي.
ويعتقد المحللون أن المشاركة النشطة في بريكس يمكن أن تكمل هذه الطموحات، مظهرة قدرات القيادة والدبلوماسية للبلاد. كما يعكس قرار الانضمام إلى بريكس أيضًا نية ماليزيا في تنويع شراكاتها الاقتصادية. يسلط تعاون أنور مع الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الضوء على التزام ماليزيا بتعزيز العلاقات مع الاقتصادات الناشئة وتقليل الاعتماد على الأسواق الغربية.
يأتي هذا التحول في السياسة الخارجية في وقت حاسم، حيث تسعى ماليزيا لاستعادة نفوذها الدولي من خلال إعادة تنظيم استراتيجياتها وإقامة تحالفات جديدة لتحدي الهيمنة الغربية والدعوة إلى نظام دولي أكثر توازنًا وإنصافًا.
تحالفات جديدة
أبرز المحلل السياسي رضال حمدان أن التحول الاستراتيجي لماليزيا لتنويع تحالفاتها الدولية له أهمية كبيرة، مؤثرًا على مكانتها الإقليمية والعالمية. وأشار إلى أن ماليزيا قد سعت إلى مثل هذا التنويع منذ فترة رئيس الوزراء الراحل تونكو عبد الرحمن.
وقال رضال لـ "ذا ماليزيان ريزيرف": "كدولة متوسطة القوة، نحن دائمًا نراهن على مصالحنا في ظل تنافس القوى الكبرى". وأضاف أن فلسفة بريكس "متوازية" مع طموح أنور للتعاون المتبادل بين دول الجنوب العالمي، خاصة في استكشاف نهج إزالة الدولرة في التجارة الدولية.
وقال إن كل رئيس وزراء يريد أن يبرز في نهج السياسة الخارجية لختم إرثه. ونظرًا لعدم فعالية التحالفات الدولية الأخرى التي انضمت إليها ماليزيا، يجب الاستفادة من نهج جديد.
"لذلك، بريكس هو التجسيد الجديد للمنظمات الدولية الفعالة التي تتعاون ليس فقط في التجارة والاستثمار ولكن لديها أيضًا نفوذ العضوية من قبل الأسواق الناشئة. و"في عالم متعدد الأقطاب، كونك عضوًا في هذه الكتلة أمر مهم لضمان بقاء المرء وقوة التفاوض. لذلك، لن تدع ماليزيا هذه الفرصة تضيع"، مضيفًا أن الناتج المحلي الإجمالي المجمع لبريكس يبلغ 25.85 تريليون دولار أمريكي (121.4 تريليون رينجيت ماليزي).
قيادة آسيان
في غضون ذلك، بالنسبة للدكتور عزمي حسن، كبير الأعضاء في أكاديمية نوسانتارا للبحوث الاستراتيجية، فإن نهج ماليزيا المحايد في علاقاتها الدولية يكون دائمًا مفيدًا للبلاد.
وقال إن مكانة ماليزيا سترتفع أكثر مع توليها رئاسة آسيان في عام 2025. هذا الدور لن يوجه المنطقة فحسب، والتي تشمل دولًا ذات توجهات مختلفة في العلاقات، بل سيرضي أيضًا شركاء آسيان مثل الصين وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا. وقال لـ "ذا ماليزيان ريزيرف": "أعتقد كرئيس، سنقود آسيان للحفاظ على موقف محايد للغاية. عندما يتعلق الأمر بالتجارة، ستسعى ماليزيا إلى تقليل العوامل الجيوسياسية قدر الإمكان".
وقال الاقتصادي الأستاذ المشارك الدكتور مزلان علي إن تحول ماليزيا في السياسة الخارجية من المرجح أن يفيد البلاد، نظرًا للمشهد العالمي اليوم مع توازن القوى الذي يشمل قوى سياسية واقتصادية ناشئة مثل الصين وروسيا، إلى جانب الغرب.
وقال الدكتور عزمي حسن أنه في ظل إدارة أنور، حققت ماليزيا اعترافًا أكبر على الصعيد العالمي بسبب سياستها الخارجية الناضجة والقابلة للتكيف، كما يتضح من حزمها تجاه الهيمنة الغربية، و إن هذا الحزم يكتسب احترام الدول الأخرى. "في الوقت نفسه، تحافظ ماليزيا على علاقات إيجابية مع الكتلة الغربية والدول الأخرى. هذا النهج سيخلق فرصًا أفضل لماليزيا لاستكشاف الآفاق الاقتصادية، مثل قطاع زيت النخيل والقطاعات الأخرى".
تقارب مع الصين
قام رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ مؤخراً بزيارة تاريخية رسمية إلى ماليزيا، تزامنًا مع الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. و خلال الزيارة، رفض أنور فكرة أنه يجب الخوف من هيمنة الصين، واصفًا الصين بأنها "صديق حقيقي". وبينما ناقش القادة بعض القضايا الثنائية المثيرة للجدل، أكد أنور أنهم ناقشوها كـ "شركاء متساوين، كأصدقاء
موثوق بهم".
و قال أنور لحوالي 200 من رواد الأعمال في غداء حضره لي:
"يقول الناس، 'حسنًا، ماليزيا هي اقتصاد نامٍ. لا تدع الصين تسيء استخدام امتيازها وتبتز البلاد.' قلت لا. على العكس من ذلك، نريد أن نستفيد من بعضنا البعض، نريد أن نتعلم من بعضنا البعض، ونريد أن نستفيد من هذا الارتباط".
و وعد لي بأن الصين ستواصل العمل مع ماليزيا لتعزيز صداقتهما وعلاقاتهما الثنائية للمنفعة المتبادلة ومستقبل أكثر إشراقًا لكلا البلدين، كما وصف العلاقة بأنها مثال رائع للتعاون الإقليمي. وأكد أن هذه المناسبة هي نقطة انطلاق جديدة لكلا البلدين لرسم مستقبل مشترك أقوى وأكثر ازدهارًا معًا، وقال: "سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، تظل الصداقة السمة المميزة للعلاقات الصينية الماليزية. لقد وصلنا بهذه العلاقة إلى نقطة انطلاق جديدة ونتشارك الطموح لنقلها إلى
الأجيال القادمة"
كانت الصين أكبر شريك تجاري لماليزيا لمدة 15 عامًا متتالية منذ عام 2009، حيث بلغ إجمالي التجارة في عام 2023 ما قيمته 451 مليار رينجيت. كما قامت الصين باستثمارات كبيرة في ماليزيا، خاصة من خلال المشاركة في مشاريع البنية التحتية الرئيسية. وبشكل ملحوظ، تشمل هذه خط السكة الحديدية للساحل الشرقي (ECRL)، وهو مشروع سكة حديد مهم يهدف إلى تعزيز الاتصال في النقل على طول الساحل الشرقي لماليزيا. بالإضافة إلى ذلك، كانت الصين منخرطة بنشاط في مشروع مدينة الغابة الواقع في جوهور، وهو تطوير واسع النطاق يضم مكونات سكنية وتجارية وترفيهية تهدف إلى جذب الاستثمار المحلي والدولي. وتمثل هذه المشاريع الجهود الاستراتيجية للصين للمساهمة في التنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية لماليزيا، ما يعزز العلاقات الثنائية الوثيقة من خلال استثمارات كبيرة في القطاعات الرئيسية.