مسؤول العلاقات الفلسطينية لحركــة الجهاد الاسلامي في لبنان للوفاق:
«هيهات منّا الذلة» بات يُرددها المقاومون في غزة
أبو سامر موسى: تركت الأمة نصرة المظلوم وإحقاق الحق متناسية «واعتصموا بحبل الله جميعاً»، إلا القليل المُتمثل بمحور المقاومـــة الذي حقق ما عجزت عنه الأمــــة الكبيرة في الدفاع عن الدين والعقيدة والأرض والكرامـــة ونصرة فلسطين وأهلها
نعيش اليوم ذكرى عاشوراء التي تجاوزت في معانيها ومدلولاتها الألم والحزن على هذه الفاجعة لتُكون بأحداثها وتفاصيلها مرحلة التأسيس لثقافة الثورة وتصحيح المسار للأمة عبر مفاهيم الحرية والتضحية من أجل العدالة ورفض الاستبداد، هذه المعاني والقيم التي خرج الامام الحسين(ع) من أجلها، وهو لم يكن شخص بعينه وإنما كان مدرســــة يُحتذى بها وكان عنواناً للإيثار والتضحيـــة باع الدنيا وطلقها كما فعل والده الامام علي(ع) ليبقى دين الرسول محمد (ص) ولتعلو الأصوات بذكره على مر السنين ولترتفع القبضات هاتفــــة بذكره لبيك يا حسين، وللتوسع في الحديث حول موضوع تأثير ثورة الامام الحسين(ع) في استنهاض الشعوب لمواجهة الظلم وخاصةً ما نشهده اليوم في غزة من مواجهة بين الدم والسلاح تماماً كما كانت المواجهة بين الدم والسيف في كربلاء، حاورت صحيفة الوفاق مسؤول العلاقات الفلسطينية لحركــة الجهاد الإسلامي في لبنان الأستاذ أبو سامر موسى، وكان الحوار التالي:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
صرخة كربلاء وصرخة فلسطين.. وجهان متشابهان
هذا التشابه إن دل فإنما يدل على أن نصرة الحق لا يمكن أن تتجزأ ولا يمكن أن يُضيِعها أصحاب الحق والعقيدة فكان موقف الامام الحسين(ع) في كربلاء هو تعبير عن عدم الركون والخضوع للظالم مهما بلغت قوته، يوضح الأستاذ موسى ويكمل قائلاً:" أراد عبر الصرخة التي دوت آنذاك وما زال صوتها يسمع فينا إلى الآن أننا لن نستكين للظالمين وسنبذل الجهد الكبير للوصول إلى إحقاق الحق عبر مواجهة الظالمين ولن نعطيهم إعطاء الذليل، وصرخـــة القدس اليوم مفادها أيضاً أنه لن تكون يوماً فلسطين لليهود ولن نسمح بأن تستمر هذه الهيمنة والظلم، فكان نداء الحفيد بشخص الامام الخميني(قدس) خير امتداد عبر تكريس صرخة جديدة في نفس الإطار اليوم إيران وغداً فلسطين والصرخة المدوية بإعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوماً للقدس الذي تحييه الأمة الاسلامية على امتدادها وبكل الطوائف واللغات لتكون ترجمة عملية لصرخة الامام الحسين(ع) والله إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما رفضاً لحق من حقوق الله قد اُغتصب، ولولا هذه الصرخة المدوية لنجح يزيد وأتباعه في تفريغ الإسلام العظيم من محتواه الرباني الرفيع وهذه مقارنة بين صرخة الإمام الحسين(ع) في كربلاء وصرخة القدس اليوم والتي تمثل صرخة شعب مظلوم شرد من وطنه، وسلب حقه التاريخي في الإشراف على المقدسات الدينية وضمان حق العبادة فيها، وهي صرخة ضد التحالف الشيطاني الشرس لقوى الاستكبار العالمي من الصليبية السياسية الجديدة بقيادة أميركا والصهيونية اليهودية العالمية، من أجل طرد شعب فلسطين المسلم من أرضه، وإبعاد الإسلام والمسلمين عن مركز الإشراف على القدس التي تلتقي الأديان السماوية على تقديسها وصرخة القدس في فلسطين، تؤكد وترسخ أهمية وتأثير كِلا الحدثين في التاريخ والوعي الإنساني".
«هيهات منا الذلة» حاضرة في فلسطين
حقيقـــة الأمر أن كلام سيد شباب أهل الجنـــة اليوم يُترجمه الشعب الفلسطيني بعد أن أصبح واضحاً أن الحق قد انصرف عنه الكثير وسادت شريعة الغاب وتحكم لغة القوي على الضعيف منذ أكثر من 76 عاماً من الجهاد والمقاومـــة من أجل رفض سياسة الظلم التي حلت عليه نتيجـــة التآمر الدولـــــي والإقليمي، يشرح الأستاذ موسى ويذكر:" أن الامام الحسين(ع) حينما توجــــه لكربلاء كان قد أخذ المواثيق والعهود لمساندتــه ونصرته والدفاع عن دين جده دين الله الاسلام والمفارقـــــة أن كثير ممن أعلن الولاء له تخلوا عنه تحت عاملين أساسيين هما الخوف من جبروت يزيـــــد وجنده وفئـــة أخرى تحت الإغراء والمال. ورغم المشهد الواضح للإمام(ع) ورغم الإغراءات التي قُدمت، إلا أنه لم يأبه، وأصر على الموقف الحق في مواجهــــة موقف الباطل وأراد أن يقول ويُعلم الأمـــة أن معادلـــــة الشهادة هي التي تصنع الحياة ومازال ذكره لم ينقطــــع عبر مرور الأزمان ويُذكر بإمام المجاهدين. ولكن يزيــد وجنده إن ذكروا إنما بالسوء والشر يذكرون ونحن اليوم كشعب فلسطيني إجتمع علينا القريب والبعيد وتآمر علينا أبناء جلدتنا وباعونا وباعوا قيّمهم وعزتهم وكرامتهم خوفاً من أمريكا والكيان الصهيوني واستسلموا مقابل بضع دولارات، وموقف الامام الحسين(ع) حينما قال والله لا أعطيكم إعطاء الذليل وهيهات منا الذلـــة تُترجمه اليوم على امتداد فلسطين التاريخيـــــة السواعد والأيدي المتوضئــــة التي حملت السكين منذ أيام في الجليل الأعلى في مستعمرة "كرمئيل" على يد إبن قريـــة نحف "جواد ربيع" وصولاً للضفــــة الغربية التي تواجـــه بشكلٍ يومي صلف الاحتلال والأيدي السمراء المجاهدة في غزة العزة لنقول ونكرر موقف الامام الحسين(ع) أننا طلاب حياة ولكن إذا كان الموت فيه عزة ورفعة لدين الله وجهاداً من أجل الله لإقامـــة شرع الله فلا نرى فيه إلا كرامــــــة وهدفنا هو إحدى الحسنيين إما نصر أو شهادة".
فلسطين .. تركتها الأمة ونصرها محور المقاومة
يتأسف الأستاذ موسى على الواقع التعيس والمرير والمؤلم للأمة اليوم: "إلا ما رحم ربي فمنذ سنوات طويـــلة والأمة تعيش حالة الضياع والتشرذم والهوان وقد أثبت ذلك الواقـــع الحديث فمنذ عملية "طوفان الأقــــصى" كنا نحلم أن إسقاط مفهوم الكيان الصهيونـــي وضرب عقيدته القتالية كانت ستُحرك الأمــــة للوحدة ومساندة المقاومــــة في فلسطين، لكن ما نشهده وما شهدناه أن دول الكفر والظلم اتحدت لمواجهة المقاومـــة، بينما 57 دولــــة عربية وإسلامية اجتمعت في الرياض ولم تستطع مساعدة المحتاجين في غزة وإدخال الماء والطعام والدواء ولم تستطع للشهر العاشر على التوالي، من إيقاف المجازر والقتل الذي يلحق بهم وكأن حديث الرسول الأكرم (ص) يتحقق اليوم بهذه الأمــــة إذ قال: " توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل". وهذا واقعنا لم نلتفت لنصرة المظلوم وإحقاق الحق متناسين "واعتصموا بحبل الله جميعاً"، إلا القليل وهذا القليل المُتمثل بمحور المقاومـــة يُحقق ما عجزت عنه الأمــــة الكبيرة في الدفاع عن الدين والعقيدة والأرض والكرامـــة ونصرة فلسطين وأهلها".
صرخــــة الإمام(قدس) في يوم القدس أعادت لفلسطين مكانتها وبريقها
يؤكد الأستاذ موسى بأنه:"منذ الحظات الأولى للثورة الاسلامية في إيران ركز الإمام الخميني(قدس) على إحياء قيم الإسلام ومساعدة المستضعفين بشكلٍ كبير، وقاد الثورة الإسلامية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والدينية والصرخة التي جاءت بها الثورة كانت للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والدينية والسياسية. وسعى قائدها لتحقيق نظام إسلامي يعكس تطلعات الشعب بل ذهب لمستوى أكبر بكثير، فقد كان يتطلع إليـــه، وهو مبدأ الوحدة الاسلامــــية ورص الصفوف لمواجهـــة الشيطان الأكبر أمريكا ولإستئصال الغدة السرطانيـــة المزروعة في المنطقة أم الفتن وعنوان كل المصائب، وأسس لذلك الكثير من المنتديات والهيئات، صرخــــة الامام(قدس) بخصوص فلسطين أعادت لها مكانتها وعنوانها وبريقها عبر إحياء يوم القدس العالمي الذي أصبح اليوم يبعث الخوف والهلع في كل أنظمة الكفر والطغيان. نعم ركز الامام (قدس) على سماحـــة الدين وإنفتاحــــه على المجتمعات التي تحب الخير والعدالـــة ولو كانت من غير ديانة لتدخل الجمهوريــــة بقوة في السياسة الدوليــة ويستمر تأثير هذه الثورة حتى اليوم في السياسة والدين والمجتمع في إيران وخارجها، بل وعلى مستوى نصرة المظلومين من كافـــــة الشعوب".
ويختم مسؤول العلاقات الفلسطينية لحركــة الجهاد الاسلامي في لبنان الأستاذ موسى بالقول:"ما نراه من مساندة ودعم من الجمهوريـــة الإسلامية للشعب الفلسطيني وقواه المقاومــــة لهو خير دليل على كذب الكثيرين من شياطين الإنس ومحاولـــــة الطعن بإيران أنها مذهبيــــة وما إلى ذلك، فهي من أجل نصرة فلسطين المسلمة السنية دفعت وما زالت لأكثر من أربعين عاماً حصاراً قاتلاً لوقف الدعم عن المقاومة في فلسطين ولبنان إلا أنها كانت راسخــــة كرسوخ قضيـــة كربلاء بمزيد من الثبات والإصرار حتى باتت محوراً يقلق الأعداء".