الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وستة وأربعون - ١٤ يوليو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وستة وأربعون - ١٤ يوليو ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

أكاديمي وباحث لبناني للوفاق:

ثقافة المقاومة من ثقافة عاشوراء

عتريسي: فلسطين اليوم مِن شعارات المناسبات العاشورائية، وما نشهده اليوم في معركة غزة، تشبه إلى حد كبير ما حصل في كربلاء المقدسة وأصبح يُطلق عليها كربلاء العصر

واقعة الطف الأليمة تركت أثراً عميقاً في العالم بأجمعه وخاصة في نفوس أحرار العالم، جيل بعد جيل، كما قال رسول الله(ص): ”اِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ(ع) حَرارَةً في قُلُوبِ الْمُؤمنینَ لا تَبْرُدُ اَبَداً”، فعلى أعتاب هذه الواقعة الأليمة التي أحرقت القلوب، أجرينا حواراً مع مدير قسم الدراسات الإستراتيجية بالجامعة اللبنانية الأستاذ الدكتور طلال عتريسي، الذي صدرت له مؤلفات ودراسات عدة في قضايا اجتماعية وتربوية وسياسية، وعُيّن عميداً للمعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية من العام 2014م حتى العام 2016م، ولديه نشاطات كثيرة، وفيما يلي نص الحوار:

الوفاق/ خاص

موناسادات خواسته

محرم وصفر في كلام إمامَي الثورة
بداية تحدث الدكتور طلال عتريسي عن أهمية شهري محرم وصفر في كلام الإمام الخميني (قدس) والإمام الخامنئي(دام ظله)، وقال: منذ انتصار الثورة الإسلامية وحتى في أثناء الإعداد لهذه الثورة والمواجهات مع نظام الشاه المقبور، قدّم الإمام الخميني(قدس) رؤية مختلفة إلى حد ما عن الرؤية التقليدية الشيعية لشهري محرم وصفر والتي كانت تقتصر على ابعاد الحزن والإنكفاء، هذا البعد لم يتخل عنه الإمام الخميني(قدس) ومن بعده السيد القائد(دام ظله)، بالعكس هو شجّع عليه وشجّع على المحافظة عليه، وتوجيه الخطباء لتنظيم هذا الجانب، لكن الرؤية المختلفة ليست هنا، بل هي أن الإمام الخميني(قدس) في ما نعتبره مدرسة جديدة في التعامل مع هذين الشهرين وهذه المناسبات، هو أنه لم يقتصر فيها على هذا البُعد العاطفي وبُعد الحزن فقط وإنما ربط بين العاطفة والحزن بالوقوف والإستعداد والتضحية والمواجهة مع نظام الفساد والإستبداد ومع قوى الإستكبار في العالم، هذه هي مدرسة الإمام الخميني(قدس) وهذه المدرسة التي يستكملها الإمام السيد علي الخامنئي(دام ظله)، ومنذ انتصار الثورة نلاحظ أن هذه المدرسة بدأت تنتشر في العالم الإسلامي وفي العالم الشيعي بشكل خاص، بمعنى أن مناسبات الإحياء في هذين الشهرين خصوصاً في شهر محرم لم تعد تقتصر فقط على جانب اللطم والبكاء، والإحياء والمسيرات، هذا الجانب المهم الذي تتم المحافظة عليه، ترافق مع الجانب الفكري والسياسي أيضاً، والذي أصبح مرادفاً للجانب العاطفي، وجانب الحزن، بهذا المعنى تحوّل هذين الشهرين من أشهر إنكفاء والعودة إلى الماضي إلى أشهر حزن من أجل مواجهة الظالم وصناعة المستقبل، هذا هو الفارق وهذه هي المدرسة الجديدة التي كرّسها الإمام الخميني(قدس)، واستمر بها الإمام القائد(دام ظله)، ليس فقط في إيران، وإنما هذه المدرسة إنتشر فكرها ومعالمها في معظم أنحاء العالم الإسلامي.
نهضة عاشوراء والثورة الإسلامية
أما فيما يتعلق بتأثير نهضة عاشوراء على الثورة الإسلامية قال عتريسي: الثورة الإسلامية وكما يقول الإمام الخميني(قدس) هي من نتائج عاشوراء، بمعنى أن هذا التحول الذي حصل في إحياء عاشوراء الذي جذب هذا الإحياء من الماضي إلى الحاضر ومن أجل صناعة المستقبل، أنه ربما لأول مرّة في التاريخ الحديث لم تعد هناك مسافة بين الأفكار التي تتحدث عن عاشوراء وبين التطبيقات، قبل الثورة الإسلامية في إيران كان كل علماء الشيعة تقريباً، قد تحدثوا أيضاً عن عاشوراء وثورة الإمام الحسين(ع) وعن النهضة العاشورائية والتضحيات التي قُدّمت في عاشوراء، لكن عملياً كانت هناك مسافة طويلة، زمنية وعملية، بين أفكار العلماء وبين الواقع الإجتماعي للشيعة، كانت هذه الأفكار تركّز على ثورة الإمام الحسين(ع) وتضحياته، وعملياً كان الإحياء، إحياء الحزن والإنكفاء.
الثورة الإسلامية هي التي ألغت وقلّصت المسافة إلى حد كبير، بين الأفكار عن عاشوراء والأفكار عن الثورة الإسلامية وتطبيقات الثورة الإسلامية، وقامت ترتبط بين البعد الأساسي لثورة عاشوراء الذي هو الوقوف بوجه الظالم والوقوف بوجه الفساد والاستبداد، وبين وقوف الشعب الإيراني بوجه الفساد والإستبداد والتبعية للخارج، بهذا المعنى، نعم، الثورة الإسلامية هي من ثمار عاشوراء، وخصوصاً أن سقوط الشهداء وقراءة مجالس العزاء في تشييع الشهداء وإستمرار سقوط الشهداء خلق نوعاً من التلاحم بين الإحياء وبين المواجهة مع جلاوزة الشاه المقبور. الفكر العاشورائي هو الذي أخذه الإمام الخميني(قدس) في جوهره، جوهر التضحية والإلتزام والصدق والوفاء ووجود القائد، هو الذي صنع الثورة الإسلامية في ايران، ربما لهذا السبب يقول الإمام الخميني(قدس) أن كلّ ما عندنا هو من عاشوراء، ولو لم تكن هذه الخلفية الفكرية الثقافية موجودة، ربما لم يكن هناك استعداد للتضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب الإيراني خصوصاً في أثناء الحرب المفروضة عليه مع السنة الأولى لإنتصار الثورة الإسلامية، والتي قُدّم فيها عشرات الآلاف من التضحيات، لهذا نحن لا نستطيع أن نفصل بين أنصار الثورة الإسلامية في إيران وبين ثقافة عاشوراء، وعندما يقول الإمام الخميني(قدس) أن ثورتنا هي ذات طبيعة ثقافية، فأحد أبعاد هذه الطبيعة الثقافية هي الثورة العاشورائية من حيث الإستعداد للتضحية، ومن حيث تحديد الهدف في مواجهة الظالم ومن حيث التأسيس للمستقبل الذي كان في إيران هو الجمهورية الإسلامية اللاشرقية واللاغربية.
عاشوراء والمقاومة وفلسطين
وحول العلاقة بين عاشوراء والمقاومة وفلسطين، أبدى الأكاديمي اللبناني عن رأيه وقال: قضية فلسطين اليوم هي تجسيد حي لقيم عاشوراء وهذا يبدأ من تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي تحمل أيضاً قضية فلسطين وهي التي واجهت الإحتلال الصهيوني في لبنان طوال عقدين من الزمن، وعندما نقرأ في ثقافة الشهداء وفي وصايا الشهداء سوف نلاحظ أمرين، الأمر الأول هو العودة إلى الإمام الحسين(ع)، وإلى شهادة الإمام الحسين(ع)، وإلى التأسي بالإمام الحسين(ع)، يعني الشهيد يعتبر نفسه هو استمرار لخط شهادة الإمام الحسين(ع)، وعندما نلاحظ تشييع الشهداء في داخل البيوت والقرى والأماكن العامة، فهذا الأمر يترافق أيضا ًمع إستعادة ما جرى للإمام الحسين(ع) وأهل بيته، يعني ثقافة عاشوراء موجودة في ثقافة المقاومة، اليوم في فلسطين أيضاً، المواجهة هي مواجهة بين خط التضحية مع ما أصبح يُطلق عليه في أدبيات عاشوراء بعد الثورة الإسلامية في إيران، هو خط يزيد العصر الذي هو الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الأمريكية. وفي إيران، نحن لا نفصل هذه الثقافة الجديدة التي جعلت فلسطين في قلب السياسة للجمهورية الإسلامية وثقافتها، عندما تكون فلسطين والقدس، جزء من استراتيجية الجمهورية الإسلامية، وجزء من إحياء يوم القدس في شهر رمضان المبارك وخلفية ذلك، عاشوراء والتضحيات في عاشوراء، ندرك كيف حصل هذا الترابط خلال العقود الماضية، بين المقاومة من جهة والتي تقف إيران إلى جانبها بشكل ثابت، وبين ثقافة هذه المقاومة الذي هي من ثقافة الثورة الإسلامية وثقافة عاشوراء والتضحية والإمام الحسين(ع)، وكيف انتقلت هذه الثقافة حتى إلى فلسطين، والشعارات التي تُرفع وحتى إلى باقي دول العالم التي يتم فيها إحياء المناسبات العاشورائية، لهذا أصبحت فلسطين اليوم مِن شعارات المناسبات العاشورائية، وبحيث أصبحت تضحيات الشعب الفلسطيني في فلسطين مرتبطة بالتضحيات العاشورائية وتستعيد الشعارات العاشورائية، هذا الترابط حصل خلال العقود الثلاثة الماضية تدريجياً وبشكل مترابط مع التضحيات التي قُدّمت، وخصوصاً ما نشهده اليوم في معركة غزة، التي تشبه إلى حد كبير ما حصل في كربلاء والتي أصبح يُطلق عليها كربلاء العصر، بسبب هذا الترابط وبسبب حجم التضحيات، والوحشية الصهيونية، التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني، هذا الترابط هو ترابط بين المقاومة وفلسطين وإيران، وعاشوراء، هو ترابط فكري وثقافي، وميداني وجهادي، وترابط في التضحيات والثمار التي ستُجنى لصالح المقاومة ولصالح خط التضحيات، في مواجهة يزيد العصر والذي هو الكيان الصهيوني الذي سينتهي كما إنتهى ذكر يزيد ومن هو في خط يزيد عبر التاريخ.

البحث
الأرشيف التاريخي