أديبتان من لبنان للوفاق:
العتبة العباسية.. منبر وحدوي جامع يدافع عن قضايا الأ مّة
أقامت العتبة العبّاسيّة المقدّسة في العراق أسبوع الإمامة الدّولي الثّاني تحت شعار (النبوّة والإمامة صنوان لا يفترقان) وبعنوان (الإمامة نظام الأمّة)، ولم تقتصر فعّاليّات الأسبوع على المؤتمرات والجلسات البحثيّة فقط، فقد أولت العتبة العباسية المقدّسة عناية خاصة بتنظيم المسابقات الفنية للقصيدة العموديّة والقصّة القصيرة لما لها من أهمية كبيرة في إيصال المعلومات إلى الجمهور المتلقي. وقد شارك (172) عملاً فنيّاً وأدبيّاً لشعراء وقاصّين وكُتّاب وأدباء من داخل العراق وخارجه، الذين أشادوا بدعم العتبة العبّاسيّة المقدّسة للفنون الأدبية الهادف، وقد التقت صحيفة الوفاق مشاركتان من لبنان هما الكاتبة نجوى الموسوي والتي حصدت المركز الثاني في فئة القصة والشاعرة فاطمة السحمراني والتي كانت من الشعراء العشر الأوائل في الفعالية، وكان الحوار التالي:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
الكاتبة نجوى الموسوي: فعاليات العتبة العباسية منبر جامع
لطالما كانت العتبة العباسية المقدسة موقعًا جاذباً مركزياً، كالنور يجتمع حوله المؤمنون بشوق وعشق ومحبة من كل أصقاع العالم وكثير من دول آسيا وأفريقيا وباقي القارات، وهؤلاء المؤمنون هم من مختلف الفئات الشعبية والتراثية والعلمية والتربوية والقامات الشامخة في العطاء الإنساني العلمي والعملي، تُعرف الكاتبة الموسوي بالعتبة العباسية وتُتابع حديثها بالقول:" ومن هنا تنبثق في هذا الموقع أهميةُ تنظيم فعالية ثقافية تحديداً، كي تجمع العقول المفكرة والمعطاء مع الباحثين في أصول الفكر الإسلامي، ويُصار إلى ترجمته على مستوى الشعوب والدول ليغدو ثروة متاحة مفيدة ومغذية لكل قاصد وطالب، ومن الواضح أن فعاليات وأنشطة العتبة العباسية باتت تُجسد صفة الوسيلة الجامعة ثفافياً. والجامع هنا يشبه البحر الذي يجمع الأنهار وهو يُشكل أماناً للعطاءات الشعرية والقصصية من الفرقة وتشرذم الاهتمامات والمبادرات العشوائية فيصوب الأنشطة نحو أهداف مشتركة ومنها تبني الجهود من كل حدب وصوب وتقديمها للمجتمع الإسلامي الواحد فيكون تبادل الأفكار والعبر والسياسات مدروساً ومنتشراً
بتركيز وعمق".
هدف الفعالية تعريف العالم بمفاهيم الإمامة
توضح الكاتبة الموسوي بأنه:" لا يخفى ما للشعر والأدب من إنعاش إحساس الجمال الراقي، ومن تأثير عميق في تشكيل الرصيد الفكري ثم الحضاري وفي بناء فلسفة المتلقين. إنهما يدعمان ثقافة القراء وروحيتهم وعاطفتهم، ويحفزان لتبني القيم الإنسانية المنبثقة من الرسالة الإلهية وخلافة الله (سبحانه وتعالى) على الأرض، تلك القيم التي عاشها أئمة أهل البيت(ع) وعملوا في سبيل تحقيقها. إن أنواع الأدب تشمل إلى جانب الشعر القصة والرواية والسيناريو والمقالة والنتاج النقدي وغيرها الكثير من أشكال الفن الأدبي، وكلّ أنواع الأدب منتشرة ومؤثرة وفاعلة ومحركة للناس، وهي إن نبعت من نبع أصيل شريف متصل باسم الإمامة وبمعناها تصبح قادرة على إيصال المفاهيم والعبر والجمال الزاخر واكتشاف الجواهر الكامنة من سيرة الأئمة المعصومين(ع) واستراتيجياتهم، وتقديمها للجماهير في كل بلدان العالم. هذا هو وجهٌ من وجوه أهمية المشاركة في هذه الفعاليات إزاء الحضور المباشر خصوصاً، ولمن تعذر عليه ذلك فأقل ما يمكن المشاركة من بُعد، وفي متابعة أخبارها والقراءة عن أقسام ومحاور هذه الفعالية وأنشطة أسبوع الإمامة بأبعادها الغزيرة
والمتنوعة جداً".
وحول مشاركتها بالفعالية تلفت الكاتبة الموسوي بأنها:"عرفتُ بتنظيم هذه الفعالية واطلعت على بيانات "أسبوع الإمامة الدولي الثاني" من صديقة ناشطة. وهدف هذا الأسبوع، حفّزني لأساهم فيه وأقدم ولائي ومحبتي على أعتاب إمامنا العسكري(ع). وقد رأيت هذا الأسبوع مثل نسخة طيبة من بركة اجتماع المسلمين في الحج الإبراهيمي الأصيل ومن أسبوع الوحدة الإسلامية في أجواء ولادة النبي الأعظم (ص)، هذا كان دافعي لتقديم قصة من مشروعي القصصي الذي خططت له في أرشيف كتاباتي. كان ذلك على أمل المساهمة والتشرف بجهاد الكلمة خصوصاً وقد جذبتني محاور القصة القصيرة ومنها: دور الإمام الحسن العسكري(ع) في التأسيس لمرحلة الإمام المهدي المنتظر(ع)".
الترويج لثقافة المقاومة
نشر ثقافة المقاومة مشروع ضخم يحتاج إلى التنسيق وتصميم الأهداف الواضحة والتعاون والتشجيع للمواهب واعتماد الطرق المطورة والعصرية والطامحة كما يوجهنا القرآن الكريم "وقل ربِّ زدني علماً". وتنظيم الفعاليات الدولية كجائزة سليماني العالمية ومهرجان المصطفى السنوي وفعاليات أسبوع الإمامة الدولي في العراق وفق الكاتبة الموسوي كلها أنموذج ساطع عن إمكانية نشر النتاج الأدبي والفكري ودراسة كيفية هذا النشر بأساليب جاذبة ومؤثرة أمام ما يتلقاه العالم الإسلامي من هجمات وحرب ناعمة وغزو ثقافي، والتي نواجهها بتقديم الأعمال الأدبية والإكثار منها والحرص على أن تتصف بالمؤثرة والواصلة والعميقة التأثير، لا السريعة التأثير بل والقادرة على المكوث طويلاً في النفوس، وهذا يحتاج حتما إلى الاتقان والمبادرات وتزكية العلم بإنفاقه والانفتاح بين الشعوب المسلمة والتواصل".
وحول مواضيع كتاباتها تقول الكاتبة الموسوي:" ما زلت أحاول أن أكتب في الأدب ذي الرسالة، ومنه الأدب المجتمعي( إن صح التعبير) ولهذه الغاية أسعى للكتابة في الأدب المقاوم (بمعناه الواسع الذي يشمل أدب الجبهة والسجون ومقاومة الاحتلال والانتفاضة في وجهه خصوصا في الصراع مع العدو الصهيوني)، ولا يُخفى أن الأدب المقاوم يشمل أدب النضال لأجل سيادة القيم الإنسانية في كل الساحات، وما طبعوه من كتبي وما نشرته من قصص في غير الكتب أيضاً هو في هذا المجال".
الشاعرة فاطمة السحمراني: فعاليات العتبة العباسية المقدسة لجميع الناس
أقامت العتبة العباسية المقدسة التي طالما تُعنى بإحياء الشعائر والمناسبات الدينية بطرقها وأساليبها الراقية المبدعة فعالية ثقافية تُعد من أجمل وأفضل االفعاليات التي أُقيمت مؤخراً، تشرح الشاعرة السحمراني والتي تضيف: "أنا كشاعرة وصلت الى مسابقة شعرية تنص على إحياء عيد الغدير ولكن ما لفتني وشد انتباهي أن المسابقة كانت بمناسبة عيد الغدير ولكن تحت عنوان الامام المهدي (عج)، أرسلت نص شعري حول الموضوع وبعدها تلقيت دعوة من العتبة العباسية على قبول النص وفوزه بإحدى المراتب وانطلقت لأشارك في هذا المهرجان في العراق". وتلفت الشاعرة السحمراني :" أن العتبة العباسية أعطت لكل الأئمة الاثني عشر(ع) فقرات بحثية وعبر القصة والشعر أطلقت مسابقات في القصة والشعر بالاضافة للأبحاث المختلفة، ودعت القاصين والباحثين والشعراء الذين نالوا المراتب الأولى للحضور إلى المهرجان بهذا الأسلوب المنسق والجهود العظيمة المبذولة لإنجاح الاحتفال الذي دُعي بأسبوع الامامة الدولي الثاني".
فعاليات العتبة العباسية لا تختص بدين أو دولة بل هي للجميع
تشرح الشاعرة السحمراني بأن: "المسابقات التي تُقيمها العتبة العباسية المقدسة هي دولية وليست خاصة بمذهب أو دين أو دولة بل هي عامة وشاملة وتستقبل كافة النصوص، وهي تنطلق للعالم العربي والعالم الاسلامي ككل ولا لفئة خاصة من جهة العمر أو الانتماء الديني، الذي دفعني للمشاركة في مثل هذه الفعاليات كوني شاعرة لا أكتب الاّ الولائيات ومنبر الولاء هو منبري، لطالما عاش الشعراء على بلاط السلاطين كانوا يمتدحون الأمراء والملوك حتى يعتاشون من هذه القصائد وأنا وجدت نفسي على بلاط أمير المؤمنين (ع) وهو خير الأمراء وخير السلاطين وعقدت عهداً معه أن لا تكون كتاباتي إلاّ لخدمة الدين أو القضية أو المذهب والولاء فقط، فهذا كان الدافع الأكبر للمشاركة وأنا أشارك بمهرجانات المقاومة والتي تعاضد وتساند القضية الفلسطينية وقد دُعيت مؤخراً الى طهران وشاركت بمؤتمر غزة الذي ضم أكثر من خمسة عشر دولة وبلغات عديدة".
كلماتنا رصاصات موجهة إلى صدر العدو
تؤكد الشاعرة السحمراني: "إن كل انسان عنده ابداع محدد، المقاوم يبدع بحمله السلاح وتصويبه للهدف الممثل يُبدع بأداء دوره وإيصال رسالته للناس والرسام يبدع في رسمه للوحته لتكون لوحته هادفة، وكذلك الشاعر سلاحه قلمه وكلماته وبها يصل لهدفه وتكون كلمته كالرصاص الموجه إلى العدو، وبه نواجه الغزو الثقافي ونناصر الحق ضد الباطل وهذه المهمة تقع على عاتق المثقفين والمفكرين والشعراء والأدباء."
تعتبر الشاعرة السحمراني:"بعض الدول العربية تُنظم مسابقات شعرية وقصصية وتقدم جوائز عظيمة مغرية نوعاً ما في سبيل صرف أنظار القاصين والمبدعين والكتاب والمفكرين عن القضية الحقيقية سواء أكانت القضية الفلسطينية أو قضية أي مظلوم، وأنا لا أشارك في هذه المسابقات بل أُحرض بقية الشعراء والكتاب على عدم المشاركة والالتفات إلى أهداف هذه الدول واختلافها مع أهداف فعاليات العتبة العباسية والحسينية والعتبة الفاطمية التي تلفت المثقفين إلى منطلقهم في الحياة وأن يبقوا متمسكين بالمنهج الحقيقي وإحياء هذه الشعائر أهل البيت (ع) ورفع كلمة الحق عالياً عبر كل بنان ولسان".
جذب كتاب ناشئين
بالنسبة للأجيال الجديدة تجد الشاعرة السحمراني:" أن هناك ناشئة جدد وأقلام جديدة وجيدة تخدم منهج المقاومة ولكن في الوقت نفسه هناك مثلها في الجانب الآخر، أعتقد أن كل أسلوب جديد وموضوع جديد وخصوصاً إذا كان يحاكي الواقع يطرق مسمع الجيل الجديد ويشد انتباهه وهذا طبعاً هدف من أهداف المثقف المؤمن الملتزم".
وحول أهمية مثل هذه الفعاليات وضرورة تنظيمها في مختلف البلدان الاسلامية تقول الشاعرة السحمراني:" كان هناك تفاعل كبير بين الأدباء والشعراء والمثقفين والقاصين في العالم العربي لكن التواجد اللبناني كان مميزاً وملفتاً".
وتختم الشاعرة السحمراني حديثها بالقول:"كان توفيق من الله (سبحانه وتعالى) تواجدنا بهذا الملتقى وفي الأعتاب الطاهرة وفي هذه المناسبات العظيمة في عيدالله الأكبر عيد الغدير الأغر وكُنا على قرابة من أئمتنا (ع) وهذه هي غاية الأمل والمنى".