الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وثلاثون - ٢٩ يونيو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وثلاثون - ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

رغم التأكيد على العقوبات

ماهي دوافع أميركا لإستمرار إرسال «المساعدات» المالية لطالبان؟

الوفاق/ بعد عودة طالبان للحكم في أفغانستان في أغسطس 2021، تغيرت جميع العلاقات الداخلية والخارجية لأفغانستان. فمع السيطرة الكاملة لطالبان على كامل الجغرافيا الأفغانية وتثبيت أسس حكمها، اتخذت دول المنطقة والدول خارج المنطقة نهجاً تفاعلياً مع الحذر تجاه الهيئة الحاكمة الجديدة في أفغانستان، مما يعكس قبول طالبان كواقع في مشهد المعادلات الأفغانية. بالطبع، كان لدى دول المنطقة والدول خارج المنطقة مطالب وتوقعات من طالبان، وضغطت على الإمارة الإسلامية لتحقيقها، لكنها لم تضع الخيار العسكري أو الدعم العلني للمعارضة المسلحة لطالبان في جدول أعمالها.
في هذه الأثناء، امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت قد اتخذت نهجاً سياسياً في الغالب تجاه طالبان منذ أوائل العقد 2010 من خلال دعم افتتاح مكتب سياسي لطالبان، والتي انسحبت من أفغانستان في عام 2021 نتيجة اتفاقية السلام مع هذه الجماعة، عن الاعتراف بحكومة طالبان. واصلت اميركا فرض عقوبات اقتصادية على طالبان وجمدت أموال أفغانستان في البنوك العالمية. لكن هل هذا النهج الاقتصادي المعلن للولايات المتحدة تجاه طالبان يمكن ملاحظته في الممارسة العملية أيضاً؟
استمرار المساعدات الاقتصادية
في تقريره الفصلي إلى الكونغرس الأمريكي في 30 أكتوبر 2023، قيّم المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) "مساعدات" اميركا لأفغانستان في السنتين من حكم طالبان في مختلف القطاعات. تشير بيانات هذا التقرير إلى انخفاض في "المساعدات" الأمريكية لأفغانستان تحت سيطرة طالبان في مجالات القوات الأمنية، والدعم الاقتصادي، والصحة، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة المخدرات، وفي المقابل، زيادة في المساعدات في مجالات التعليم والثقافة، والدعم للمنظمات الدولية، كما أشار المفتش العام في هذا التقرير إلى حوالي 11 مليار دولار من النفقات الأمريكية في القطاعات خارج البرنامج الأفغاني، وفي الختام صرح بوضوح: "على الرغم من مرور أكثر من عامين على الانسحاب من أفغانستان، لا تزال الولايات المتحدة أكبر مانح مالي لهذا البلد ولديها تفاعل كبير مع أفغانستان."
مع احتساب "المساعدات" الأمريكية خارج البرنامج، يبلغ إجمالي مساعدات هذا البلد لأفغانستان بعد وصول طالبان إلى السلطة 13.6 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 10% فقط مقارنة بمتوسط المساعدات السنوية الأمريكية من 2002 إلى 2021.
سداد ديون أفغانستان
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد أصول البنك المركزي الأفغاني في البنوك العالمية بعد وصول طالبان إلى السلطة في عام 2021، إلا أنها في عام 2022 نقلت أكثر من 3.5 مليار دولار من الأصول المجمدة لهذا البلد إلى صندوق في سويسرا لاستخدامها في سداد الديون الخارجية لأفغانستان. كما قامت الولايات المتحدة، بعد وصول طالبان إلى السلطة، بتحويل أموال بشكل دوري من الأصول المذكورة إلى البنك المركزي الأفغاني. هذه الإجراءات الأمريكية،منعت انهيار الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة الأفغانية.
بالطبع، لم تكن الإجراءات والجهود الاقتصادية لحكومة طالبان بلا تأثير في الحفاظ على قيمة العملة الأفغانية، ولكن بلا شك فإن تعزيز العملة الوطنية الأفغانية بنسبة 30% ، وتنفيذ مشاريع اقتصادية كبيرة مثل سد خاشرود بتكلفة 30 مليون دولار، أمر مستحيل مع تقلص الاقتصاد الأفغاني وكذلك الميزانية السنوية البالغة 3 مليارات دولار لحكومة طالبان.
الأهداف المعلنة
في تبرير المساعدات الاقتصادية المقدمة لأفغانستان تحت سيطرة طالبان، يذكر المفتش العام الخاص الأمريكي في تقريره المكون من 150 صفحة إلى الكونغرس الأمريكي الأسباب التالية:
- رفاهية وأمن المواطنين الأمريكيين.
- ضمان تعزيز طالبان للوفاء بالتزاماتها بشأن مكافحة الإرهاب وفقاً لاتفاقية الدوحة.
- ضمان التزام طالبان بتعهداتها في السماح بخروج المواطنين الأمريكيين والمرتبطين بهم من أفغانستان.
- معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية في أفغانستان.
- دعم تشكيل حكومة شاملة.
- تشجيع طالبان على احترام حقوق الإنسان.
الأهداف الخفية
على الرغم من أن طالبان كانت منخرطة في حرب مع الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان خلال العقدين الماضيين، إلا أنه يجب أن نعلم أن نضال طالبان مع الولايات المتحدة في السنوات المذكورة كان بسبب احتلال أراضي أفغانستان من قبل الولايات المتحدة وحلفائها (وليس لأسباب أيديولوجية). على هذا الأساس، فإن طالبان الآن في موقع الحكم، وبسبب حاجتها إلى الاعتراف وشرعية حكومتها، ترغب في إقامة علاقات وتفاعل مع جميع دول العالم، حتى مع أعدائها السابقين (الولايات المتحدة وحلفاؤها)، مع مراعاة بعض الاعتبارات. بالطبع، ليس لدى قادة طالبان آراء موحدة في هذا الصدد؛ فالبعض مثل الملا هبة الله آخوندزاده وتياره يتحدثون بصراحة عن استعدادهم للحرب مجدداً مع الولايات المتحدة، بينما يعلن البعض الآخر مثل سراج الدين حقاني بوضوح أنهم لا ينظرون إلى الولايات المتحدة كعدو.
الولايات المتحدة، مع علمها بهذه المواقف لقائد وممثلي طالبان، من ناحية تساعد الهيئة الحاكمة الحالية لهذا البلد من خلال دفع مستحقات أفغانستان، وتقديم "المساعدات" المالية، وبشكل عام منع انهيار الاقتصاد الأفغاني، وفي الوقت نفسه تجعل الاقتصاد الأفغاني معتمداً عليها، وتشجعهم على الالتزام بتعهداتهم في اتفاقية الدوحة. ومن ناحية أخرى، من خلال الحفاظ على استمرار الاتصال مع القوات المعارضة للإمارة الإسلامية وكذلك دعم تنظيم داعش خراسان الإرهابي، تذكر طالبان بأدوات الضغط الخاصة بها وتنبههم إلى عواقب عدم الالتزام باتفاقية الدوحة.
يشير تحليل بيانات تقرير المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) إلى الكونغرس الأمريكي إلى استمرار "المساعدات" الاقتصادية الأمريكية لأفغانستان في العامين التاليين لوصول طالبان إلى السلطة. هذا الاستمرار في "المساعدات" يتعارض مع السياسة الاقتصادية المعلنة للولايات المتحدة تجاه أفغانستان.
 اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية، مع مراعاة مصالحها الوطنية والمنافسات الجيوسياسية والجيواستراتيجية في أفغانستان، نهجاً مزدوجاً في مجال المساعدات الاقتصادية لأفغانستان بعد وصول طالبان إلى السلطة. على الرغم من أميركا تؤكد ظاهرياً على العقوبات الاقتصادية ضد طالبان، إلا أنها في الواقع تواصل تقديم "المساعدات" المالية لأفغانستان لأسباب متعددة وأهمها ضرورة خلق اعتماد طالبان عليها.
البحث
الأرشيف التاريخي