الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة واثنا عشر - ٣٠ مايو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة واثنا عشر - ٣٠ مايو ٢٠٢٤ - الصفحة ٦

تمرّد داخل «الجيش» الصهيوني.. حقيقة وواقع

حسن لافي

كاتب ومحلل سياسي

نشر جندي صهيوني فيديو يدعو فيه إلى التمرد على وزير الحرب الصهيوني يؤاف غالانت واستخدام السلاح ضد أي قرار له علاقة باليوم التالي للحرب في غزة، ما لم يكن هذا القرار صادراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يدين صاحب الفيديو له بالولاء المطلق، رغم أن فيديو التمرد أثار حالة من الخوف والارتباك انعكست على طبيعة ردود الفعل المختلفة، بناء على تموضعها في خريطة المشهد السياسي الإسرائيلي.
قد لا يكون هذا الفيديو أولى الإشارات على أن هناك حالة غضب وسخط داخل "الجيش" ضد المستوى السياسي الحكومي، فقد تكلم قائد فرقة 98 "دان غولدفوس" في خطاب علني قائلا: "أن القادة السياسيين يجب أن يكونوا جديرين بالتضحيات التي أظهرها الجنود"، ورغم اعتبار كثير من المحللين الإسرائيليين أن كلام غولدفوس عبارة عن "صرخة محارب" كما وصفها الكاتب الإسرائيلي آريه شابيت في مقال له في صحيفة "مكور ريشون"، ولكنه في تحليله لخطاب غولدفوس حذّر شابيت قائلاً إن "من لا يريد لنا أن نقع في تمرد عسكري كارثي، أو تمرد مدني مدمر خلال الحرب الوجودية، عليه أن يتحمّل المسؤولية ويغيّر الاتجاه"، قاصداً بكلامه نتنياهو وحكومته.
يعدّ فيديو التمرد الأول من نوعه كونه يعلن الولاء التام لنتنياهو، ويصبّ في مصلحته السياسية، ويدعو إلى تمرد عسكري واضح وصريح ضد أي جهة تخالف وجهة نظره السياسية في اليوم التالي لحرب غزة، والحديث عن مئة ألف جندي من الاحتياط يحملون السلاح، سيرفضون الخضوع للأوامر العسكرية ويهددون وزير الحرب يؤاف غالانت ويطالبونه بالولاء لنتنياهو أو الاستقالة، ناهيك بأن فيديو التمرد تم تصويره من جانب جندي احتياط إسرائيلي، وبسلاحه وزيّه العسكري الرسمي وفي ميدان القتال وقت الحرب، ومن خلفه شعارات سياسية حزبية تخص مجموعات يمينية متطرفة.
في هذا السياق، لا يمكن إغفال دعوات جنود الاحتياط إلى رفض الخدمة العسكرية في فترة أزمة الثورة القضائية كنوع من الاحتجاج على محاولات نتنياهو وحلفائه من الصهيونية الدينية تغيير صبغة "إسرائيل" كـ"دولة يهودية ديمقراطية" إلى "دولة" دينية يهودية.
لذلك، يعدّ فيديو التمرد رسالة من نتنياهو مفادها أنه لن يسلم للتظاهرات الداخلية والضغوط الخارجية، وأنه مستعد لتدمير "الجيش"، العمود الفقري للمشروع الصهيوني، في سبيل بقائه السياسي، حتى ولو كان الثمن حرباً أهلية يهودية- يهودية وتدمير "جيش الشعب"، كما وصفه بن غوريون وتحويله إلى مليشيات متحاربة منقسمة سياسياً على بعضها البعض، ناهيك عن تدمير أهم المرتكزات الأساسية للمشروع الصهيوني وهو النظام السياسي الإسرائيلي، الإطار الإداري والسياسي الذي تدار به التناقضات اليهودية- اليهودية المتعددة.
ما سبق يدفعنا إلى الوقوف على توقيت نشر فيديو دعوة التمرد طويلاً، ففي الوقت الذي تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو لوقف الحرب، وتقديم خطة شاملة لليوم التالي للحرب، بعيداً من الحكم العسكري لغزة، يواجه على المستوى الخارجي قرار محكمة العدل الدولية بوقف العملية العسكرية في مدينة رفح، واعتراف كل من النرويج وإسبانيا وأيرلندا بالدولة الفلسطينية، ومطالبة المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق كل من نتنياهو ووزير الحرب يؤاف غالانت بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية في غزة، ومن الداخل هناك احتجاج يؤاف غالانت سواء في كابينت الحرب أو في اجتماع كتلة الليكود واتهامه نتنياهو بعدم قدرته على وضع استراتيجية لليوم التالي بعد الحرب، الأمر الذي أثر سلباً على أداء "الجيش" في الحرب، وسماح عوائل الأسرى الإسرائيليين نشر فيديو يوثق اللحظات الأولى لأسر المجندات الإسرائيليات القائمات بعمليات المراقبة الإلكترونية على حدود غزة، وتهديد الجنرال نيتسان آلون المكلف بملف التفاوض لاستعادة الأسرى الإسرائيليين من قِبل "الجيش" بالاستقالة بعد تسريبه أن نتنياهو هو من وقف عدة مرات في وجه إتمام صفقة تبادل تعيد الأسرى الإسرائيليين أحياء.
ومن الجدير بالإشارة، ربط فيديو التمرد بالإعلان الإسرائيلي عن استئناف التفاوض على صفقة تبادل وهدنة، في محاولة كما صرّح أحد المطلعين على عملية التفاوض "أن ذلك مجرد تصريحات كلامية لتهدئة الشارع الإسرائيلي، من دون إحداث أي تغييرات فعلية في المواقف".
 بمعنى أن نتنياهو يدرك أن الشارع الإسرائيلي ذاهب إلى مزيد من التوتر والتظاهر ضده وضد حكومته، وستتكاثف كل الجهات لإسقاط نتنياهو وحكومته، وخاصة في حال خروج كل من بني غانتس وغادي آيزنكوت، أعضاء كابينت الحرب، من حكومة الطوارئ في ضوء فشل نتنياهو في إدارة الحرب استراتيجياً وغياب رؤية واضحة لليوم التالي للحرب، الأمر الذي يجعل من نتنياهو المسؤول عن وصول "الجيش" الصهيوني إلى درجة مقاتلة طواحين الهواء في غزة، والمراوحة في الأهداف التكتيكية من دون تحقيق أهدافه الاستراتيجية، وهنا يأتي فيديو التمرد كإشارة إلى أن نتنياهو ليس لديه خطوط حمر في مواجهة خصومه المتربصين به.
من الجدير بالإشارة، أن صاحب فيديو التمرد اختار غالانت عنواناً للتمرد، وهنا تبرز الأهداف السياسية الحزبية والسياسية الخفية من وراء الفيديو، إذ يعدّ غالانت بنظر نتنياهو حصان طروادة ليس داخل الحكومة فحسب بل داخل حزب الليكود ومعسكر اليمين عامة، وخاصة مع انفتاح غالانت على الأميركيين ومحاولاته المتكررة أن يجعل من نفسه شخصية جادة، مسؤولة ومستقلة عن نتنياهو.

 

البحث
الأرشيف التاريخي