الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة - ١٩ مايو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة - ١٩ مايو ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في إطار سعيها لتحقيق الإستقرار

هل لدى أفغانستان القدرة على اتباع سياسة الحياد الإيجابي والإبتعاد عن الصراعات؟

الوفاق/ تقف أفغانستان اليوم على مفترق طرق تاريخي، حيث تسعى جاهدة لتحقيق الاستقرار والسلام في ظل تحديات جمّة. يُعد الحياد مفهومًا مثيرًا للجدل في السياسة الدولية، وخاصةً في سياق دولة مثل أفغانستان التي شهدت تقلبات سياسية واجتماعية عديدة. ما معنى الحياد وهل هناك إمكانية لتطبيقه على الأرض الأفغانية، و هل أفغانستان قادرة على تبني موقفا محايدا يشبه النموذج السويسري، أم أن الظروف السياسية والاجتماعية المعقدة ستجعل من هذا الهدف مجرد حلم
بعيد المنال.
فخلال فترة حكم الملك ظاهر شاه والرئيس محمد داود، سعت أفغانستان للحياد الدولي لكنها واجهت تحديات داخلية. الفصائل المحلية انقسمت بين دعم القوى العظمى، مما أثر على الاستقرار الداخلي. لتحقيق حياد فعّال، يجب على أفغانستان توحيد الرؤى الداخلية حول سياستها الخارجية والداخلية.
أحيانًا يُسمع في الأدب السياسي ومن قبل السياسيين أنه إذا اعترف المجتمع الدولي بأفغانستان كدولة محايدة، فإن هذا البلد سيكون بمنأى عن المنافسات الدولية والحروب بالوكالة. يذهب محللو الشؤون الأفغانية خطوة إلى الأمام مقارنة بالأدب السياسي والسياسيين، ويعتقدون أن نظرة العالم إلى أفغانستان يجب أن تكون مثل نظرة أوروبا إلى سويسرا حتى تبتعد أفغانستان عن الصراعات الدولية. سويسرا هي دولة محاطة باليابسة مثل أفغانستان لم تنخرط في أي صراع عالمي أو إقليمي منذ عام 1815، وبقيت محايدة حتى في الحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين شملتا معظم أوروبا وتجنبت الدمار.
استقرار أفغانستان ضرورة اقليمية
السؤال الأساسي هو هل لدى أفغانستان الظروف السياسية المماثلة لسويسرا وهل يمكنها البقاء محايدة في الصراعات الإقليمية والدولية؟
على الرغم من الاختلافات السياسية والتاريخية والبنى الاجتماعية المختلفة لأفغانستان وسويسرا، فقد تطورت الأوضاع الدولية بشكل يتيح لأفغانستان أن تكون دولة محايدة مقبولة من المجتمع الدولي وتبتعد عن الصراعات. حقيقة أن سياسيي المنطقة، وخاصة مسؤولي الدول المجاورة لأفغانستان، يتحدثون دائمًا عن ارتباط أمن وثبات بلدانهم بأمن واستقرار أفغانستان، تدل على أن أفغانستان لديها إمكانية أن تكون دولة محايدة في الصراعات. لكن الآن حان الوقت لكي يُظهر سياسيو المنطقة والدول المجاورة لأفغانستان عمليًا أن أمن واستقرار بلدانهم مرتبط بأمن واستقرار أفغانستان.
لا يخفى على أي سياسي أن أفغانستان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا وجسر بين شرق وغرب آسيا، ومع ذلك معظم الدول لم تتخذ حتى الآن إجراءات جدية وعملية لحياد أفغانستان وتحويلها إلى حلقة وصل إقليمية.
مصطلح الحياد في الثقافة السياسية
يحمل مصطلح الحياد في الثقافة السياسية معنى واسعًا. أحيانًا يعني عدم التدخل بين طرفي نزاع، لكن في معظم الأحيان يُقصد به عدم الانضمام إلى تحالفات ومنظمات وصراعات إقليمية ودولية. النقطة الأساسية في حياد الدول هي القدرة والإمكانية للحفاظ على الحياد. بالنظر إلى تاريخ حياد الدول في الصراعات الدولية، فإن مجرد الإعلان عن الحياد لا يكفي، لأنه يجب مراعاة المبدأين التاليين لتحقيق الحياد:
1- يجب على الدولة التي تعلن حيادها إقناع أطراف النزاع بحيادها، ثم إقناعهم باحترام حدودها.
2- لا ينبغي أن تقتصر قدرة الدولة المحايدة على البُعد الخارجي فحسب، بل يجب أن تصل إلى مستوى كافٍ من القدرة على الصعيد الداخلي أيضًا بحيث لا تنحاز الجماعات والتيارات الداخلية إلى أطراف النزاع.
وصلت أفغانستان في عهد حكم الملك ظاهر شاه إلى مرحلة من الحياد الخارجي، لكنه لم يتمكن من الحفاظ على هذا الحياد داخليًا. وحدث الشيء نفسه في عهد الجمهورية برئاسة محمد داود، حيث انحازت بعض الجماعات الداخلية إلى أحد قطبي الحرب الباردة وفرت إلى باكستان، بينما جلبت جماعة أخرى الاتحاد السوفيتي السابق إلى أفغانستان مما أدى إلى تحول دموي.
مع هذا الشرح، إذا أرادت أفغانستان الحياد في الصراعات الإقليمية والدولية، فعليها أولاً الوصول إلى توافق داخلي بشأن القضايا الداخلية والخارجية. فمن خلال التوصل إلى توافق داخلي، يتم رسم الخطوط الأساسية للسياسة الخارجية واتخاذ قرار الحياد على أساسها.
بعد احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفيتي السابق، تشكلت عشرات الأحزاب والجماعات والتيارات التي كان لكل منها علاقات مع دول أجنبية. أدت هذه العلاقات التنظيمية مع الدول إلى عدم قدرة حكومات أفغانستان على اتباع سياسة خارجية مستقلة وثابتة. حدث في التاريخ المعاصر لأفغانستان مرارًا أن علاقات الأحزاب والتيارات بالدول الأجنبية تحدت علاقة حكومات أفغانستان المركزية بالعالم.
تحدي داخلي
كما ذُكر، اكتسبت أفغانستان الآن القدرة على الحفاظ على الحياد في سياستها الخارجية، لكن وجود التيارات والجماعات الداخلية سيتحدى سياسة الحياد الأفغانية. في الوقت نفسه، لا يمكن لأفغانستان استخدام نموذج بعض الدول مثل تركمانستان للحياد، لأن السياسة التي تتبعها تركمانستان الآن، على قدر حيادها، فهي منعزلة وسلبية. لذلك يجب على أفغانستان عند اختيار سياسة الحياد أن تأخذ في الاعتبار البنية العرقية والاجتماعية والدينية للبلد. بدلاً من اختيار الحياد المطلق، يجب على أفغانستان اتباع سياسة الحياد الإيجابي حتى تبحث الدول المجاورة والإقليمية والعالمية عن مصالحها في إقامة علاقات مع أفغانستان في إطار حيادها.
كما ذُكر، ستنجح أفغانستان في اختيار سياسة الحياد عندما تجمع الحكومة المركزية التيارات والأحزاب والأقليات العرقية والدينية في محورها. إذا فشلت الحكومة في ذلك ورأت الأقليات نفسها في الهامش، فسوف تقيم علاقات مع دول أجنبية خارج قواعد الدولة بالتأكيد. حدث هذا في الماضي مرارًا وتحدى السياسة الخارجية للحكومات المركزية. الكلمة الأخيرة هي أن أفغانستان يمكنها حاليًا اتباع سياسة الحياد وستنجح في هذا القرار، لكن إذا لم تتمكن الحركة الحاكمة من تحقيق التوافق الداخلي، فلن تؤدي سياسة حياد أفغانستان إلى أي مكان. الحياد ليس شعارًا بل هو عمل.
البحث
الأرشيف التاريخي