رحلة التطور إلى تبريز

في اليوم الذي أصبح فيه الجرار إيرانياً

الوفاق / خاص

حميد رضا ميري

فنظر إلي وأجاب بثقة، من البديهي أن أحب عائلتي أكثر أيها المهندس! فقلت له أحسنت، ولكنني أريد شخصاً يحب صناعة الجرارات أكثر من عائلته، هل أنت هو هذا الشخص؟ فقال لا. فقطعت الورقة الثانية وقلت حسناً اكتب طلب تسريحك هنا.
وناديت على الشخص الثالث، فقرأت ملفه، وكان اسمه صادق، فنظرت إليه وقلت أنت إنسان جيد، وأريد منك أن تكون صادقاً كما اسمك، أليس من الأفضل لك أن تعود لعملك السابق، وقد كان معلماً فيما مضى، ولم ينجز عملاً ذا قيمة في صناعة الجرارات، فوافق، فقمت بقطع الورقة الثالثة وطلبت منه أن يكتب طلب تسريحه. ولم أسمح للشخص الرابع أن يدخل الغرفة، حيث كان قد ذهب واشترى لنفسه حصاناً وكلباً من أموال الشركة وكان يربيهما في المصنع، فلم أهدر ثمن الورقة الرابعة وقمت بصرفه عن باب الغرفة ليذهب إلى بيته، وكان كل ماقلته لكم الآن قد حصل في ظرف ساعة واحدة.
ففكرت في نفسي ما هي طبيعة هذا الانسان ليطرد أربعة موظفين كبار ومعاونين في أول ساعة له من تسلّمه الادارة بسبب عدم كفاءتهم، ففي هذه الأيام نسمع أنه في إحدى الإدارات لايتجرأ أحد على طرد مدير متوسط الشأن أو تغييره.
اسمع أيها المهندس! إن القدرة على اتخاذ القرار مهمة للغاية، وإن العديد من مشكلاتنا هي بسبب عدم جرأتنا على اتخاذ القرار المناسب. فلابد أن القدرة على اتخاذ القرار هي السبب في كف أيدي الانجليز عن إنتاج
الجرارات لإيران.
وقبل أن ألتقيه كنت قد بحثت في الانترنت عن اسمه فوجدت بعض مقاطع الفيديو التي تعرف به، ففي البداية كانت شركة فرجوسن الانجليزية للنحاس هي التي تنتج الجرارات الخاصة بنا من الصفر، وقد كنا مجرد عمال  نعمل عند الانجليز، وعندما أتى السيد عرب باغي قرر أن يتم انتاج الجرارات بشكل كامل داخل ايران بدون الحاجة للإنجليز. وعندما كنت أحاوره سألته عن سبب ذلك، فعقد حاجبيه وكأنه شم رائحة غريبة أزعجته، وقال لا أطيق أن تذهب أموالنا إلى جيوب الأجانب. في البداية اعتقدت أنه يبيعنا شعارات واهية فقط، ولكن عندما تعرفت عليه أكثر رأيت نوعاً من الغيرة والحمية الآذرية الخاصة في شرايينه، غيرة ربما لايمكن شرحها وتوضيح أسبابها ولكنها حقاً موجودة.
وقد بدأ في توطين صناعة أغلب القطع، وقد تبقت فقط لوحات قیادة الجرارات التي لم ينجحوا في صناعتها مهما فعلوا، فذهب إلى إنجلترا ليحضر اللوحات فقط من هناك، لكن الانجليز قالوا إما أن تشتروا الجرارات كاملة أو لانعطيكم أي شيء! وعند انتهاء الاجتماع كانت عبارات وكلمات السخرية تنهال عليه كالأمطار، ويقولون ماذا ستفعلون بالجرارات من دون لوحات القيادة. فأثارت تلك الكلمات غيرته وحميته
وعاد إلى إيران.
فوجد مهندساً كان في السابق قد نفذ مشروعاً مشابهاً لذلك وتمكن من صناعة هذه اللوحات بالتعاون مع هذا المهندس بعد أن فشل ذلك مرتين وأرسل صورتها للإنجليز قائلاً لهم: إن أردتم يمكننا بيعها لكم بسعر مناسب!
يتبع...

 

البحث
الأرشيف التاريخي