تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
الشهيد مصطفى علي أمهز.. مسعف المجاهدين
«دماء».. اسم اختصر حياته
كان في الثامنة عشرة من عمره حينما التحق بصفوف المسعفين في الهيئة الصحية الإسلامية، ليكون مسعفاً حربياً بعد أن اختار خط المقاومة وهو لا يزالُ فتياً يخطو أولى خطواته في الحياة. حمل «الحاج دماء» البندقية بيدٍ وحقيبة الإسعاف بيدٍ أخرى. وقد اختزل عمله واسمه الجهادي حياته، فلم يعرفه أحد إلّا باسم «دماء». ومَن لا يعرفه من المجاهدين؟ ومن الّذي لم يلتق به في معسكرات التدريب أو في المحاور؟ أو في الطريق الّتي كانت صواريخ العدو الصهيوني تصلها؟ أو بين البيوت الّتي حوّلتها طائرات العدو إلى ركام؟ إنّه الرجل المسعف في كلّ المواقف، يخدم الآخرين وينسى نفسه، فلا شيء في الدنيا أغلى عنده من بسمة مجاهدٍ، أو نظرة امتنانٍ من إنسان مستضعف.
حرب تموز... جهوزية تامة
في حرب تموز، طار الحاج دماء من الفرحة وهو يتوجه جنوباً ليشارك في المواجهات مع العدو الصهيوني، ومن الطيبة إلى بيت ياحون، إلى بنت جبيل حيث أسعف الشهيد القائد محمد قانصوه الحاج ساجد ولازمه لفترة. كان يسعفُ الجرحى، ويخفف عن المجاهدين، ويهيئ لهم الطعام ممّا تيسّر، ولكن أحداً من المجاهدين لم يعرف كيف كان يقطع المسافات الطويلة سيراً على الاقدام وهو يغطي نفسه بأغصان الأشجار عَطشان لا يبحث عن الماء، بقدر ما ينتظرُ شهادةً يواسي بها الإمام الحسين(ع).
معراج الشهادة
بتاريخ السابع والعشرين من شهر كانون ثاني/ يناير في العام 2008م اعتصم بعض الشباب عند طريق كنيسة مار مخايل احتجاجاً على قطع التيار الكهربائي المتواصل. كان الاحتجاجُ صاخباً وغاضباً، ولكن أحداً لم يحمل بيده سلاحاً. وصل الجيشُ اللبناني ليفرق المتظاهرين، ووصل الشهيد «دماء» ليساعد الإخوة في التحدث مع المتظاهرين وفكّ الاعتصام. وبينما كانت الأمور تسير باتجاه التهدئة، سُمع صوت رصاص من جهةٍ مجهولة، استشهد على أثره أحد المجاهدين، ومن ثمّ أطلق الرصاص على الحاج «دماء» وهو يركض ليسعف المصابين، ليرتقي شهيداً في مكانٍ لم يخطر بباله، وأمام عدسات الكاميرا، تلونت بزته الرماديّة بالدماء، ليرتفع إلى السماء الحاجُ الذي كانتْ كفاه أرضاً تحتضنُ الجراح.