مدير العلاقات والاعلام في الدفاع المدني - الهيئة الصحية الاسلامية للوفاق:
صامدون مع المقاومة والأهالي رغم الاستهداف المباشر والمتعمد
في الخطوط الأمامية يواجه المسعفون ورجال الإنقاذ خطر الموت وهم يقومون بعملهم الإنساني في نقل الشهداء والجرحى نتيجة الاستهداف الإسرائيلي للقرى والبلدات الحدودية في جنوب لبنان، فهذا العدو لا يميز بين مدني أو عسكري ، كما أنه لا يلتزم بأي من الشرعات الحقوقية الدولية والانسانية، لذا فالشهادة هي رفيقة كل مسعف ومنقذ موجود في تلك المناطق. هذا وما زال الاحتلال الصهيوني المستمر في نهجه العدائي، يواصل انتهاكاته الصارخة للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، باستهدافه لمراكز وآليات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف في جنوب لبنان، وبعد قصفه لمركزَي حانين وبليدا التابعين للدفاع المدني - الهيئة، طالت الأيدي الإجرامية مركز العديسة، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة متطوعين وإصابة آخر بجروح متوسطة. صحيفة الوفاق التقت مدير العلاقات والإعلام في الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية الأستاذ بلال عساف، والذي تحدث عن فرق الدفاع المدني الذين ينفذون تحت القصف مهامهم المتعلقة بالإطفاء والإسعاف والإنقاذ، ويعتبرهم المواطنون شبكة الأمان الرئيسية في ظل المخاطر بأنواعها كافة وكان الحوار التالي:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
الانطلاقة مع المقاومة
یرى مدير العلاقات والاعلام في الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية الأستاذ بلال عساف ضرورة التعرف على بدايات انطلاق الدفاع المدني- الهيئة الصحية الإسلامية والغاية من تأسيسها قبل الخوض في الحديث عن الاستهداف الصهيوني الممنهج لمراكزها وعناصرها فيقول:«مع وصول القوّات الصهيونية الغاصبة إلى مشارف العاصمة اللبنانية بيروت، عانى شعبنا الويلات وعاش الدمار والقتل والحرمان واليأس، ولم يجد حينها من يقف إلى جانبه ويشدّ أزره ويخفّف من آلامه في ظلّ الفوضى وغياب مؤسّسات الدولة. وفي عام 1982 إشتعلت شرارة المقاومة في وجه هذا الجزّار الغاصب الذي أحرق الحجر والبشر خلال الإجتياح البرّي والجوّي، حيث بدأت خلايا المقاومة تتشكّل في أوساط الشباب المؤمن المضحّي، لتواجه القوّات الصهيونية في مقاومة شرسة أدّت إلى تراجعها وتقهقرها إلى خارج العاصمة».
ويكمل حديثه بالقول:«في بداية إنطلاق العمل المقاوم برزت الحاجة الماسّة لإنشاء جهاز للدفاع المدني يواكب عمل المقاومة ويعزّز مقوّمات الصمود والمواجهة في صفوف شعبنا المستضعف ويخفّف من آلامه ويُبلسم جراحاته، وفي خضمّ هذا الواقع المؤلم، بدأ العمل على إنشاء هذا الجهاز، بالإمكانيّات المحدودة والكوادر البشريّة النادرة، حيث باشر عمله من غرفة صغيرة في قلب الضاحية الجنوبيّة لبيروت بالرغم من كافّة الصعوبات والظروف الأمنيّة المتوتّرة حتّى استطاع بعد فترة وجيزة أن يسدّ ذلك الفراغ الذي كان موجوداً على هذا الصعيد».
ويتابع حديثه للصحيفة:«في 15 نيسان 1984 تمّ افتتاح مركز رئيسي لإدارة شؤون الدفاع المدني في منطقة بئر العبد –الضاحية الجنوبيّة. ونظراً لاتساع رقعة عمله التي امتدّت إلى مناطق الصمود والمواجهة في الجنوب والبقاع الغربي وصولاً إلى مناطق البقاع الأوسط وأقصى الشمال الشرقي في منطقة الهرمل حيث الحرمان المزمن والظروف الصعبة من خلال المراكز والمفوّضيات والمستوصفات المنتشرة في تلك الأماكن، من هنا بدأت عناصر الدفاع المدني بتقديم خدماتها لأهلنا الصامدين إضافةً إلى المواكبة المستمرّة لحركة المجاهدين في المقاومة الإسلاميّة ضدّ الإحتلال الصهيوني الغاشم، حيث تركّز نشاطهم حينها بين إسعاف الجرحى والمصابين، وتقديم الرعاية الصحيّة الأوّليّة للنازحين من أهلنا في مناطق المواجهة».
توأم العمل الجهادي
يوضح مدير العلاقات والاعلام في الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية الأستاذ عساف أن:«قمّة العطاء أن تخدم النّاس، وتحرص على سلامتهم، مفتديًا إياهم بالرّوح والجسد؛ وهذا هو لسان حال المقاومة الإسلاميّة الّتي انطلقت في مواجهة المحتلّ الصّهيونيّ صيف العام 1982؛ ولم تقتصر على الجهاد العسكريّ، بل رفدت عملها بعدد من المؤسّسات الإجتماعيّة، بينها الدفاع المدني - الهيئة الصّحّيّة الإسلاميّة، فكانت توأم العمل الجهاديّ على مساحة عانت من ويلات الإعتداءات الصّهيونيّة وتداعياتها وسط غياب مؤسّسات الدّولة؛ إذ واكبت عمل المقاومة في تعزيز مقوّمات الصّمود والمواجهة في نفوس أهلنا، والتّخفيف من آلامهم، وبلسمة جراحاتهم».
وهكذا كانت البداية، وفق الأستاذ عساف، فتطور العمل حيث وقف الدفاع المدني إلى جانب المجاهدين والأهالي في كل الاعتداءات الصهيونية التي حصلت على لبنان منذ الاجتياح الصهيوني 1982 وحرب المخيمات، أيضًا كان هناك عدوان نيسان 1996ثم عناقيد الغضب 1996 وبعدها التحرير عام 2000 ومن ثم حرب تموز 2006 ، الذي كان للدفاع المدني الدور الكبير في مساندة صمود الأهالي وبلسمة جراحهم».
أمّا الأهداف فيقول عنها الأستاذ عساف:«من أهم الأهداف التي يصبو إليها الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية، على صعيد المجتمع الوصول بهذا المجتمع المقاوم إلى مرحلة يكون فيها قادر على القيام بالاجراءات الإسعافية الأولية اللازمة لأي إصابة قد تحدث أمامه للحد من تفاقمها وللمحافظة على الروح البشرية المصابة، لحين وصول الفرق الاسعافية المختصّة، كذلك في مجال الإطفاء بحيث تكون بإستطاعة أي فرد التصدي لأي عملية اخماد حريق ومنعها من التمدد لحين وصول الفرق المختصة أيضًا، أمّا على صعيد أفراد الدفاع المدني من مسعفين ورجال إطفاء وإنقاذ فإدارة الدفاع المدني تسعى دائماً لتبقى على اطلاع على كل جديد في مجال الاسعاف والإنقاذ والإطفاء من حيث المعدات أو من حيث تدريب وتطوير الأفراد، فهي دائماً تقوم بدورات مشتركة مع منظمات دولية كالصليب الأحمر الدولي، كما تقوم دائمًا وبشكل دوري بتدريب وتأهيل كامل الطواقم التي تعمل وذلك لإبقائها على جهوزية عالية في تقديم الخدمة بأعلى جودة وبأسرع وقت، لمّا لهذين العاملين من أهمية في التقليل من الأضرار ان كان من ناحية الأرواح أو الممتلكات».
أمّا اماكن انشار الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية وفق الأستاذ عساف فهو ينتشر على كافة الأراضي اللبنانية فلديه الأن اكثر من 100 مركز (اسعاف وانقاذ واطفاء) بالاضافة الى 350 سيارة واكثر من 3000 متطوع وعامل في مجال الحماية المدنية وهم جميعًا ذوو كفاءة عالية، ويقومون بتقديم الخدمات في المجالات (الإسعاف الإنقاذ والإطفاء) لكافة شرائح المجتمع اللبناني. وتتوزع المراكز من الجنوب إلى بيروت، ثم إلى البقاع والشمال، وفي ظل التصعيد العدواني الصهيوني على لبنان -ولا سيّما في المناطق الحدودية الجنوبية- استمرت هذه المراكز في تقديم الخدمات نفسها ولكن بوتيرة أكبر، خاصةً في المناطق التي تتعرض للقصف، حيث تم استحداث عدد من النقاط الإسعافية الطارئة وهي تقوم بعمليات البحث ورفع الأنقاض، وسحب الجرحى والشهداء من المناطق المستهدفة، ونقلهم إلى المستشفيات، كما تواكب تشييع الشهداء ومتابعة النازحين وإسعافهم في أماكن إيوائهم، ورغم كل التحديات والأخطار، وأيضًا رغم كل هذه الأخطار، نحن مستمرون ومصممون على العطاء والعمل لمّا فيه خير الإنسان والمجتمع والوطن».
العدو يستهدف الأهالي
يلفت الأستاذ عساف بأن :«فرق الدفاع المدني تعمل في رفع الأنقاض وفتح الطرقات ونقل الجرحى والشهداء بالإضافة الى المساعدة في تأمين ما يستلزم للمواطنين الصامدين في القرى الحدودية، وهذا يؤدي إلى بث الطمأنينة للأهالي في المناطق الحدودية وهو ما يتم مباشرةً بعد أي اعتداء صهيوني على لبنان، وهذا ما لا يريده العدو لذلك يعمل في كل مرة على ضرب هذه المراكز والأفراد، معتقدًا بذلك بأنه قد يدمر نفسية المُسعفين ومن خلفهم الناس الصامدين».
دعم صمود الأهالي وبلسمة الجراح
ويضيف الأستاذ عساف: «الخطر يكمن في صميم عمل الدفاع المدني والذي يتمثل في دعم صمود الأهالي وبلسمة جراح الجرحى ما يمنحهم نوعاً من الطمأنينة وهذا ما لا يريده العدو الصهيوني، لذا يعمل على محاولة ترهيب الناس لإخلاء المناطق الأمامية ليقول لجمهوره إنه كما شمال فلسطين المحتلة خالي من المستوطنين جراء ضربات المقاومين كذلك الجنوب اللبناني خالي من المواطنين جراء الاعتداءات الصهيونية وهذا ما لن يحصل بسب قوة وثبات وصمود الأهالي وشعورهم بالمسؤولية ، وهنا يأتي دور الدفاع المدني الذي يؤثر بشكل غير مباشر على استراتيجية العدو من خلال وقوفه إلى جانب الأهالي، وهذا أقل واجب يقدمه أمام تضحيات وصمود الأهالي».
إغاثة عاجلة
يقول مدير العلاقات والاعلام في الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية الأستاذ عساف:«يعمل الدفاع المدني بشكلٍ مباشر عند حصول أي غارة صهيونية وأي اعتداء أو استهداف للأراضي اللبنانية بالتصدي له إن كان عبر عمليات اطفاء الحرائق الناتجة عن القنابل الفسفورية المحرمة دولياً التي يستخدمها العدو الصهيوني في قصف الأحراش والبساتين، أو حرائق عادية في المنازل الناتجة عن استهدافها بالمدفعية، كما يعمل على رفع الانقاض وفتح الطرقات مباشرة ، كما يعمل على سحب الجرحى والشهداء ونقلهم إلى أقرب المراكز الطبية، وتعمل فرق الإغاثة على دعم الصامدين هناك، من خلال تأمين ما يستلزم لهم، وفي معظم الحالات يقوم العدو الصهيوني إما بتنفيذ غارات وهمية لإثارة الخوف لدى فرق الدفاع المدني، وإما يقصف الأماكن القريبة منهم، وأحياناً يستهدفهم بشكل ٍ مباشر».
استمرار العمل رغم الاعتداءات المتكررة
يقول الأستاذ عساف:«عمل العدو الصهيوني منذ بداية عدوانه على لبنان على استهداف الطواقم الإسعافية بشكلٍ ممنهج، وذلك بهدف ضرب إرادة الصمود عند الأهالي، فقصفت طائراته العديد من المراكز الإسعافية والصحية فارتقى لبعض الجمعيات عدد من الشهداء والجرحى، منها جمعية كشافة الرسالة الإسلامية حيث ارتقى لها شهيد وعدد من الجرحى، كما توالت استهدافاته فطالت طائراته مركز الجمعية الطبية الإسلامية في بلدة الهبارية جنوب لبنان بعدة صواريخ، ما أسفر عن ارتقاء 7 شهداء، وعدد من الجرحى، كذلك حال الدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية فقد استهدف العدو الصهيوني أربعة مراكز له (3 مراكز ونقطة انتشار) ارتقى على اثرها 9 شهداء ودمر عددا من المراكز وسيارت الإسعاف، وهذه المراكز كانت في البلدات الجنوبية التالية (حانين – بليدا – العديسة - طير حرفا )».
ويختم مدير العلاقات والإعلام في الدفاع المدني – الهيئة الصحية الاسلامية الأستاذ عساف حديثه بالقول :«بالرغم من هذه الاعتداءات الصهيونية المتكررة إلا أن الدفاع المدني يقوم بإعادة افتتاح مراكز جديدة مباشرة بعد الاعتداء، وهذه المراكز هي علانية وعليها إشارات العمل الإنساني كما كل الآليات والطواقم الإسعافية الموجودة هناك، فعناصر وإدارة الدفاع المدني يصرون على المضي قدماً في تقديم الخدمات الانسانية للصامدين مهما علت التضحيات غير آبهين بتهديدات العدو الصهيوني مرددين عبارة إما نصر وإما شهادة في سبيل الانسانية».