اليمين المتطرف يستغل التظاهرات الداعمة لفلسطين لتعزيز الإسلاموفوبيا
الوفاق/ يحاول زعماء التيارات اليمينية المتطرفة في الدول الغربية الاستفادة من المظاهرات الواسعة التي تنظم في عواصم مختلفة في أوروبا دعمًا للشعب الفلسطيني، لترويع المواطنين من هجوم الإسلام على أوروبا.
على الرغم من أن المسلمين يشكلون حوالي 3.2٪ فقط من سكان الاتحاد الأوروبي، إلا أن زيادة نفوذهم السياسي وعددهم في السنوات الأخيرة أثارت موجة من الكراهية والعداء تقودها الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تحاول استغلال التطورات العالمية لترسيخ نفوذها في المجتمع الأوروبي.
قد يختلف زعماء اليمين المتطرف في أوروبا حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية، لكنهم اتفقوا على قضية واحدة لعقود وهي العداء للمهاجرين، وخاصة المسلمين. وفقًا للعديد من المحللين، فإن زيادة أعداد المسلمين و المهاجرين اثارت «جنون» الجناح اليميني المتطرف الذي تقف أحزابه في طليعة الانتخابات أو في المركز الثاني على الساحة السياسية في أكثر من 10 دول أوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا.
ربما يكون فوز الحزب المناهض للإسلام بزعامة غيرت فيلدرز في انتخابات البرلمان الهولندي في نوفمبر الماضي، وقبل ذلك فوز اليمين المتطرف في هنغاريا والنمسا والسويد، أفضل دليل على هذه الموجة الجديدة التي من المتوقع أن تسود أوروبا في المستقبل. ووفقًا لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، فإن أزمة الهجرة و عدوان الكيان الصهيوني على غزة واليأس من الأحزاب التقليدية وعدم الأمن الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا، كلها «رياح مواتية» للجناح اليميني المعادي للإسلام، كما من المتوقع أن تهب هذه الرياح أيضًا في انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر إجراؤها في يونيو الجاري.
في ألمانيا، يعتبر حزب «البديل لألمانيا»، الشهير بإجراءاته المناهضة للمسلمين، ثاني أكبر حزب في البلاد. وفي فرنسا، من المتوقع أن تصل «ماري لوبن» إلى الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد النجاح الكبير الذي حققته بحصولها على 41٪ من الأصوات في الانتخابات العامة أمام إيمانويل ماكرون في عام 2022. وفي إيطاليا، ساعدت سياسات جورجيا ميلوني المناهضة للهجرة، رئيسة الوزراء، على الحفاظ على شعبيتها الشعبية عند مستويات عالية. وتظهر استطلاعات الرأي أيضًا أن الحزب اليميني المتطرف «شيجا» في البرتغال قد يحصل على حوالي 17٪ من الأصوات في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في غضون أيام قليلة، أي أكثر من ضعف النسبة البالغة 7.2٪ التي حصل عليها في عام 2022. يستخدم قادة هذه التيارات المظاهرات الواسعة التي تنظم في عواصم مختلفة في أوروبا دعمًا للشعب الفلسطيني والمطالبة بإنهاء الحرب الإبادة الجماعية الصهيونية في قطاع غزة، لترويع المواطنين من هجوم الإسلام
على أوروبا.
قال السياسي المتطرف غيرت فيلدرز عن آلاف الأشخاص الذين تظاهروا في هولندا لإدانة اعتداءات الكيان الصهيوني: «من أين جاء كل هؤلاء الناس؟ هل هذه بلادي؟» وهتفت ماري لوبن خلال مشاركتها في مظاهرة مؤيدة للكيان الصهيوني بشعار «مكافحة معاداة السامية».
ربما يُعتبر ظاهرة زيادة أعداد المسلمين في أوروبا مؤشرًا قويًا على تحولهم إلى قوة انتخابية مؤثرة، خاصة في الدول الأوروبية ذات المجتمعات المسلمة الكبيرة. وتظهر أرقام المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء أن 10٪ من سكان فرنسا هم مسلمون، وبالتالي فهم يشكلون أكبر جماعة دينية بعد الكاثوليك. وفي ألمانيا، حيث يُقدر عدد المسلمين بنحو 5.5 مليون نسمة، من المتوقع أن يرتفع عدد المسلمين في ألمانيا من 6٪ إلى 20٪ بحلول عام 2050، ما يعني أنه في المستقبل، قد يكون شخص واحد من كل خمسة أشخاص مسلمًا.
وفقًا لتقرير من مركز بيو للأبحاث، إذا استمرت الهجرة إلى أوروبا، من المتوقع أن ترتفع نسبة المسلمين في أوروبا من 5٪ إلى 7.5٪ بحلول عام 2050. في الوقت نفسه، من المتوقع أن ينخفض عدد الأوروبيين نظرًا لانخفاض معدلات الخصوبة. ويأتي هذا في الوقت الذي تضاعف فيه عدد المسلمين، لا سيما أن معظم المهاجرين من الشباب.
في الوقت نفسه، يقول مركز بروكنغز للأبحاث إن زيادة المشاعر المعادية للمسلمين في الغرب تعكس بشكل أعم تغييرًا أعمق في بنية الأحزاب المتطرفة، بعيدًا عن الانقسامات الاقتصادية وباتجاه الانقسامات «الثقافية». لدرجة أن الموقف من المسلمين والإسلام أصبح ذريعة يسعى من خلالها الديمقراطيون الغربيون لحل القضايا المتعلقة بالثقافة والدين والهوية والقومية.