الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وتسعة وستون - ١١ مارس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وتسعة وستون - ١١ مارس ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

على اعتاب استقبال الشهر الفضيل

رمضان بين تزكية النفوس وتهذيب الابناء

الوفاق/ خاص
ابراهيم الكحلاني
عندما يتحدث المرء عن رمضان فإنه يجد كلماته وحروفه تقف عاجزة عن وصف هذا الشهر ووصف جماله وفضله وروحانيته وعظيم أثره على النفوس، فإذا كان مجرد سماع الشخص لاقتراب وصول هذا الشهر فإن نفسيته تكسوها البهجة والسرور فكيف بوصوله وحلوله؟!!
وكيف لا، ونفسية الإنسان تزكو معه وتزكو معها أعماله وسلوكياته، فهو شهر أنزل الله فيه القرآن، وهو شهر فيه ليلة إن ظفر بها المؤمن فقد جنى منها بمقدار ما يجنيه من أعمال طيبة صالحة في ثلاثة وثمانين عاماً من عمره!!
فشهر رمضان الكريم هو شهر تنهال وتُصَّب فيه الخيرات والبركات على الإنسان من كل جانب، حتى أنفاسه يكسب منها الأجر والثواب فكيف بأعماله وقرباته وصيامه وقيامه.
ولأنه شهر كريم يحل علينا وهو محمّل بكل هذا الخير والعطايا الجزيلة لنا، لزم علينا مقابلته بالآتي:
 أولاً: ترميم النفوس والقلوب قبل وصوله:
- فشهر رمضان عند وصول يحمل معه لك أجمل هدية يمكن أن تُهدى إليك؛ «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان».. فهل رممت لسانك المهذار بالقيل والقال ببعض آيات ربك لتحسن استقباله؟؛ «فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَن»، و︎شهر رمضان الکریم عند وصوله يحمل معه لك أكبر مفاجأة يمكن أن تحصل عليها؛ «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» .. فهل رممت قلبك المشغول بسفاسف الأمور ببعض الدقائق لربك لتحسن استقباله؟؛ «وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً».
شهر رمضان يُهذبك ويُهذب سلوكك
وشهر رمضان على وصوله حاملاً معه لك أفضل برنامج يمكن أن يُهذبك ويُهذب سلوكك؛ «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».. فهل رممت جوارحك المنهكة والمتعبة جرياً وراء ملذات الدنيا ببعض الالتفات لملذات الآخرة التي تنتظرك لتحسن استقباله؟؛ «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ».
ثانياً: التزود من محطات الوقود الرمضانية:
- لا تبحث عن رمضان بين أعمدة المساجد فحسب، بل ابحث عنه في صلة رحم وإطعام مسكين وكسوة عريان وتأمين خائف ورفع مظلمة وكفالة يتيم ومساعدة مريض.. واحذر أن تفوتك محطات الوقود الرمضانية فتعش في أزمة بعدها.
ثالثاً: مساعدة ولدك على أيامه الأولى في الصيام:
- وهنا تجدر الإشارة إلى بعض التصرفات الخاطئة التي يقوم بها الآباء والأمهات مع أبنائهم في ‎رمضان، وتلك التصرفات هي:
١- إجباره على الصيام: يظن أغلب الآباء والأمهات أن قيامه بإجبار أبنائهم على الصيام هو أسلوب تربوي ناجح وفعال في غرس فضيلة الصيام لديهم، وهم بذلك واهمون وخاطئون، فمن متى أصبح أسلوب الإجبار هو أسلوب ناجح ونافع في غرس القيم والفضائل في قلوب الأبناء، فالإسلام وما يحمله من توجيهات لبني البشر هي كلها توجيهات محببة يأنس لها صاحب الفطرة السليمة؛ «وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ».
فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام يعلمنا كيف نتعامل ونتعاطى مع أبنائنا وتوجيهات الله لهم، عندما قام بعقد جلسة تربوية راقية مع ولده لإقناعه، ليرسخ مبدأ عظيماً ودستوراً تربوياً تعليمياً يقوم على طرح المواضيع بموضوعية راقية جذابة بيننا وبين أبنائنا؛ «فَلَـمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْـمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ».
٢- تجاهل صيامه: لا يلتفت أغلب الآباء والأمهات إلى عزيمة أبنائهم وإصرارهم على الصيام ويرون ذلك أمراً عادياً لا يستحق منهم الالتفات إليه ومقابلة أبنائهم بالانبهار والإشادة بذلك الإنجاز الذي قاموا به، وهم بذلك يغرسون في نفوس أبنائهم عدم تعظيم هذا الشهر من حيث لا يشعرون.
٣- التشكيك بصيامه:  لا يكتفي بعض الآباء والأمهات بعدم تشجيع أبنائهم على الصيام، بل يعمدون إلى التشكيك بصيامهم واتهامهم أنهم يفطرون ويأكلون في الخفاء وأنهم غير قادرين على تحمل أعباء الصيام وظمئه.
٤- استخدام عبارة «غيرك يصوم أحسن منك»: هذه العبارة الحساسة والمؤلمة يستخدمها الكثير من الآباء والأمهات مع أبنائهم ظناً منهم أنهم بذلك يقومون بتشجيع وتحفيز أبنائهم أكثر على الصيام، ولا يعرفون أنهم بذلك إنما يقومون بتحطيمهم وإحباطهم بل وغرس بذور الحقد والظغينة بينهم وبين أقرانهم.
٥- تركه بدون معلومات عن الصيام: لا يستغل أغلب الآباء والأمهات محطة رمضان العظيمة في تغيير نفوس أبنائهم باستغلالهم أجواء رمضان الروحانية والإيمانية، فيتركونهم فريسة سهلة وصيداً سهلاً للهاتف والتلفاز، ولا يكلفون أنفسهم بتخصيص جزء من أوقاتهم مع أبنائهم والحديث معهم عن رمضان وفضله وأهم الأحداث التي جرت فيه.
لا تجعلوا علاقتكم بالقرآن الكريم علاقة موسمية
مصاحفكم التي كساها الغبار؛ حان الوقت لإزالة الغبار منها، كي لا تجعلوا علاقتكم بالقرآن الكريم علاقة موسمية!!
مساجدكم التي هجرتموها رمضان الماضي؛ حان الوقت لزيارتها من جديد فقد اشتاقت إليكم!!
أموالكم التي حصرتموها على إشباع رغباتكم الشخصية؛ حان الوقت لتخصيص جزء منها لإشباع حاجيات غيركم!!
ألسنتكم التي ملأتموها بالقيل والقال والغيبة والنميمة؛ حان الوقت لتنظيفها من تلك الأوساخ بكثرة التسبيح والاستغفار!!
أيديكم التي جعلتموها مقبوضة على هواتفكم؛ حان الوقت لبسطها ورفعها لربكم العظيم مبتهلين داعين له!!
ودمتم ودامت أيامكم وساعاتكم عامرة بذكره سبحانه وإحياء ليالي شهر رمضان بقيامها، ونهاره بصيامها.

البحث
الأرشيف التاريخي