مفاوضات ما قبل «رفح» وحسابات العدو المربكة
د. زكريا حمودان
كاتب ومحلل سياسي
أسابيع عديدة انقضت والحديث يدور حول الحصار الإسرائيلي لمدينة رفح بالإضافة إلى معارك خان يونس. ما قام به العدوّ في خان يونس أنه دوّن في سجله المزيد من الجرائم بحق الإنسانية خاصة أن أياديه امتدت من جديد إلى المستشفيات في إطار هاجس تسجيل شكل من أشكال الانتصار الذي لم يحصل عليه بالرغم من انقضاء أكثر من أربعة أشهر ونصف الشهر على الحرب العدوانية. إن الوقوف أمام رفح له دلالات عديدة، ونحن أمام عدو أثبت مجددًا أن الانسانية لا مكان لها في قاموس هذا العالم، وأن الجرائم والقتل هما مجرّد وجهة نظر بالنسبة إلى
مصالح الدول.
لماذا أوقفت رفح العدوّ الإسرائيلي؟
يقول مصدر إعلامي ميداني في رفح إن العدوّ الإسرائيلي لمّا ينفذ بعد عمليات عديدة داخل رفح لأنه يتوقف عند حسابات عديدة، أهمها المقاومة التي تلقاها عندما حاول التقدم في بعض المحاور. ويشير المصدر إلى أن المقاومة ما تزال تتمتع بحضورها السّري، ومن الواضح أنها جاهزة للمواجهة خاصة أنها ما تزال تتصدى في خان يونس للعدو وتلحق بقواته وآلياته خسائر مؤلمة، بالتالي فإنَّ الجغرافيا العسكرية غير ساقطة لصالح الإسرائيلي للاستفراد في رفح. فوقوف العدوّ أمام رفح يؤكد أنه لا يتلافى خوض معركة خاسرة جديدة في ظلّ المقاومة التي تعرض لها في باقي المناطق داخل قطاع غزّة.
عودة المفاوضات أمام معركة رفح
عندما يتحرك المجتمع الدولي المؤيد لـ"إسرائيل" قبل بداية معركة رفح يعني ذلك بأنَّ العدوّ يعلم ما ينتظره هناك، فلو كان الحسم مضمونًا لما تحركت المفاوضات. وفي هذا الإطار، يشير مصدر قيادي فلسطيني إلى أنه مجرد حضور الوفد الإسرائيلي مفاوضًا الوسطاء حول صفقة جديدة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يعني بأننا أمام تراجع رئيسي عن عناوين عديدة طرحها في بداية المعركة أهمها:
١ - عدم القدرة على تحرير الأسرى أحياءً، وما يترتب على ذلك مزيد من الإرباك الداخلي للعدو، ويؤكد بأنَّ المقاومة ما تزال ثابتة وتتحكّم بورقة الأسرى كما تتحكّم بمقاومتها لتقدم جيش العدو.
٢ - عدم القدرة على القضاء على حركة حماس في وقتٍ يفاوض العدوّ الحركة بشكل غير مباشر عبر وسطاء. والمفاوضات اليوم جدية، والاحتمالات مفتوحة على جميع الحالات بما فيها التوصل لاحقًا إلى صيغة يخرج بها الوسطاء، ما تؤدي إلى وقف كلي أو جزئي لإطلاق النار، لكن ما هو أكيد بأنَّ الوقوف أمام رفح لم يكن نزهة لجيش الكيان الذي بدأت حساباته تتغير وتتحول من الحسم العسكري إلى التفاوض غير المباشر.