لماذا تولي دول الإتحاد الأوروبي أهمية لـ كازاخستان؟
الوفاق/يلاحظ المركز العلمي والتحليلي السياسي الألماني "SWP" أنه تقليدياً يطلق مفهوم "القوى المتوسطة" على الدول التي تلعب دوراً مهماً في الساحة السياسية والاقتصادية العالمية، ويقول المركز بأن كازاخستان دخلت قائمة القوى المتوسطة والتي تضم دولاً مثل تركيا والهند. وبحسب SWP الذي لديه شراكات مع الحكومة والبرلمان الألماني وما لديهم من معلومات، فإن الاتحاد الأوروبي يولي اهتماماً متزايداً بدول آسيا الوسطى وخاصة كازاخستان.
ووفقاً لخبراء SWP، تبرز كازاخستان بشكل ملحوظ في سياستها الخارجية بين دول آسيا الوسطى مما يجعلها لاعباً رئيسياً في المنطقة. وهذا البلد النامي يطور علاقات اقتصادية مع الغرب والصين خاصة في قطاع المواد الخام.، ويعتقد الخبراء أن كازاخستان تمكنت من تحقيق طموحاتها في السياسة الدولية في مراحلها الأولى. على سبيل المثال، ترأست هذه الدولة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ورئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفترة محددة، والوساطة في الصراع السوري (عملية أستانة)، وعضوية العديد من المنظمات الأخرى ذات التأثير في أوراسيا.
كما حققت كازاخستان نجاحاً ملحوظاً في تنويع شركائها. وعلى عكس أسواق الجيران في آسيا الوسطى، فتح السوق الكازاخستاني في تسعينيات القرن الماضي أمام المستثمرين الغربيين بشكل رئيسي لاستكشاف احتياطياتها الغنية من النفط. والاتحاد الأوروبي هو أكبر مستثمر أجنبي في هذا البلد، وشريكه الاقتصادي الأكثر أهمية مع حصة 40٪ من التجارة الخارجية.
على النقيض من ذلك، التزمت أوزبكستان لمدة 25 عاماً بسياسة حمائية (وحتى عزلت)، وفتحت أبوابها للعالم ابتداءً من عام 2016.و وفقا لـ SWP، منح الصراع الأوكراني كازاخستان حوافز جديدة متنوعة، تجلى ذلك في بناء طرق نقل جديدة وحملة إعلامية لجذب الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة
وتطوير التصنيع.
ويشير الخبراء إلى حقيقة أن كازاخستان في مساعيها للتنويع لا تعتمد فقط على "طريق الحرير" الصيني، بل أيضًا على استراتيجية "البوابة العالمية" للاتحاد الأوروبي. وبهذا تلعب كازاخستان دورها الجغرافي والتاريخي كـ "جسر بين الشرق والغرب".
على خلفية أزمة أوكرانيا، فقدت ألمانيا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي الوصول إلى بعض مصادر النفط والغاز. ومن الطبيعي أن تبحث أوروبا عن طرق لحل هذه المشكلة من خلال إقامة شراكات ثنائية جديدة مجدية ومسؤولة. من ناحية أخرى، تتمتع كازاخستان بثقة متزايدة كأحد المصدرين المحتملين في قطاعي النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة.تدرس ألمانيا إمكانية شراكة هيدروجينية يمكن أن توفر في السنوات القادمة قوة سوقية لـكازاخستان (وبعض الدول الأخرى). ويمكن بسهولة ربط مثل هذه القوة بنفوذ دول الخليج الفارسي في قطاع النفط. ومن المهم استعداد كازاخستان للتحول الطاقي لاكتساب مكانتها الحقيقية في الوقت المناسب.
من المتوقع أن تظهر كازاخستان بشكل متزايد على جدول أعمال المخابرات في دول الاتحاد الأوروبي ليس فقط كشريك اقتصادي وسياسي جديد، ولكن أيضًا كمنصة للاستثمار. من ناحية أخرى، تهدف مهمة السياسة الخارجية الكازاخستانية إلى احتواء نفوذ قوتين إقليميتين من خلال توسيع العلاقات الخارجية لأستانا مع الغرب، مما يوفر أقصى قدر من المساحة والمجال لمناورة الغرب في المنطقة. نجحت الزيارات الرسمية لمسؤولي كازاخستان في عام 2023 في ترسيخ صورة البلاد كدولة مستقلة في أذهان بعض الأوروبيين، قادرة على الدفاع عن مصالحها بثقة ما بعد المبادئ
الإيديولوجية، ومستعدة لتحمل المسؤولية حيثما تكون هناك حاجة إلى فن الدبلوماسية.