في إطار محاولات تقليل الإعتماد على الدولار
هل ستنجح الهند في سياسة تدويل عملتها الوطنية؟
الوفاق/ منذ عقود، كانت الروبية الهندية عملة محلية تستخدم فقط داخل الهند. ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت الروبية تحولاً كبيراً نحو التدويل، حيث بدأت الهند في تشجيع استخدامها في المعاملات الدولية والاستثمارات والتجارة العالمية. وتهدف الهند من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية والسياسية في العالم، وتقليل اعتمادها على العملات الأخرى وخاصة الدولار الأمريكي، وزيادة الثقة في الروبية كعملة مستقرة وموثوقة. ولكن ما هي الفوائد والتحديات التي تواجه تدويل الروبية؟ وما هي الخطوات التي اتخذتها الهند لتحقيق هذا الهدف؟ وما هي التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الهندي والعالمي؟
محاولات تدويل الروبية
يشهد تدويل الروبية الهندية منحى تصاعدياً، حيث تسعى الهند في خططها التنموية إلى تشجيع استخدام الروبية في المعاملات الدولية والاستثمارات والتجارة العالمية. وقد صُممت سياسات التجارة الخارجية الهندية بهدف تعزيز استخدام الروبية على المستوى العالمي وإتاحة استخدامها في المعاملات التجارية الدولية. وسينطوي هذا الجهد على العديد من المزايا بما في ذلك المزيد من الاستقرار الاقتصادي والحد من الاعتماد على العملات الأخرى وخاصة الدولار الأمريكي، والوصول الأفضل إلى أسواق رأس المال
الدولية.
منافع اقتصادية
علاوة على ذلك، سيؤدي تدويل الروبية إلى تسهيل التجارة مع البلدان الأخرى، وتعزيز الاستثمار، وتقوية مكانة الهند في الأنظمة المالية العالمية. ومع عملية تدويل الروبية، يمكن لجميع المستوردين والمصدرين الذين يتعاملون تجاريا مع الهند إجراء جميع عملياتهم بسهولة دون تدخل عملة ثالثة (الدولار الأمريكي) من خلال إنشاء حساب مصرفي فوسترو.
كما أن تسهيل إصدار سندات مسالا خطوة فعالة لفتح الأبواب أمام دخول الشركات الهندية إلى الأسواق العالمية والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية بسهولة أكبر. ولتوضيح مفهوم سندات مسالا، فإن مصطلح "مسالا" يشير إلى الأصل الهندي لهذه السندات التي تستند إلى وحدة الروبية الهندية ويتم إصدارها خارج الهند من قبل المؤسسات الهندية. وتتيح هذه السندات للشركات الهندية جمع رأس المال من المستثمرين الدوليين بالروبية. ينطوي تدويل الروبية على العديد من المزايا. فهذه العملية لا تزيد فقط من الفرص التجارية بل تقلل أيضاً من تكاليف المعاملات التجارية وتعزز الثقة في الاقتصاد الهندي. كما سيقلل الاستغناء عن ضرورة استخدام الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية من الخسائر الناجمة عن تقلبات سعر صرف الدولار. كما سيفتح تدويل الروبية آفاقاً جديدة أمام الشركات الهندية للوصول بسهولة أكبر إلى الأسواق المالية العالمية.
تحديات تواجه الروبية
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن تحقيق تدويل التجارة المعتمدة على الروبية ليس بلا تحديات. أحد التحديات الرئيسية هو غياب البنية التحتية القوية لسوق الروبية المالية في الساحة الدولية، مما يجعل استخدام الروبية صعباً بالنسبة للمستثمرين الأجانب ويحد من جاذبيتها كعملة عالمية. تحتاج الهند إلى تطوير سوق سائلة للروبية من أجل جذب المستثمرين الدوليين وتعزيز استخدام الروبية في المعاملات الدولية. ومن التحديات الأخرى، غياب بيئة سياسية مستقرة وقابلة للتنبؤ في الهند، مما يجعل المستثمرين حذرين تجاه الاستثمار في الأسواق الناشئة مثل الهند بسبب القلق إزاء عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الهند إلى زيادة الطلب على الروبية في التجارة الدولية من خلال تحسين تنافسية صادراتها. ولتعزيز تنافسية صادراتها، يجب على الهند التركيز على تنويع سلة صادراتها، وتحسين البنى التحتية الموجودة، وخفض الحواجز التجارية، وزيادة سهولة ممارسة الأعمال التجارية.
و يجب الأخذ بعين الاعتبار دائمًا احتمال أن تواجه محاولات الهند الأخيرة فيما يتعلق بسياسات "إزالة الدولار" كجزء من الحملة العالمية لفصل التجارة الدولية عن الدولار الأمريكي تحديات في المناخ العالمي السائد المنحاز نحو الحماية التجارية والمنافسات الجيوسياسية.
اتخذت الهند في السنوات الأخيرة خطوات متعددة نحو تدويل الروبية. فعلى سبيل المثال، وقعت الهند وروسيا اتفاقية لتسوية التجارة الثنائية بعملاتهما الوطنية ذات الصلة. كما وافق البلدان خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة على أن تتمكن الهند من إجراء بعض مدفوعاتها بالروبية بدلاً من الدولار. وعلى الرغم من التحديات، تظل جهود الهند المستمرة لتدويل الروبية أمرًا حاسمًا لتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي طويل الأجل، وستبذل الحكومة الهندية قصارى جهدها لتحويل الروبية إلى وحدة نقدية أكثر مصداقية وموثوقية في الأسواق العالمية.