الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ فبراير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ فبراير ٢٠٢٤ - الصفحة ٦

بمناسبة إقرار قانون ”دعم المبلّغين عن الفساد” في إيران

دور الشعب الإيراني في مكافحة الفساد وموقف الدولة منه

کسرى إمام جمعة
ربما أنكم سمعتم مؤخراً أخباراً عن الفساد المالي في ايران، ولكن هل قرأتم شيئاً فيما يخص مكافحة الفساد ودور الشعب الايراني في ذلك؟ في هذا المقال سوف نتطرق للوضع الحالي ولتاريخ مكافحة الفساد في ايران. ونريد معرفة لأي مدى تتم مكافحة الفساد في ايران، ولأي مدى تعتبر هذه الجهود مؤثرة، وما هو دور الشعب الايراني في هذا الصدد، وهل كانت له مشاركة مؤثرة في هذا القبيل أم لا، وبالنهاية لأي مدى توافق الدولة الايرانية على هذه المشاركة وهل قامت بعمل ما في سبيل كسب مشاركة أوسع أم لا؟

ولكن من الأفضل بداية أن نتحدث عن الفساد، هذه الظاهرة المشؤومة التي نواجهها، فالمرحلة الأساسية للتغلب على الفساد ومكافحته هي معرفته. وقد عرّف البنك الدولي الفساد بالتعريف البسيط على أنه "استخدام المنصب العام لتحقيق مكاسب خاصة". ويظهر الفساد بمظاهر خارجية مثل الرشوة والاختلاس والتصرف غير القانوني بالممتلكات الحكومية أو الممتلكات العامة. وقد انتشرت في السنوات الاخيرة أخبارا عن مثل هذا النوع من الفساد متعلقة بايران، من الاعلان عن اكتشافه وحتى محاكمة مرتكبيه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل محاكمة المفسدين هو الحل الوحيد لمكافحة الفساد؟
مراحل مكافحة الفساد
يمكن مكافحة الفساد من خلال ثلاث مراحل، غير مراحل اكتشاف الجرم وملاحقة المفسدين والتي تعتبر المرحلة الجزائية واللاحقة، وإن المراحل الوقائية والعملية أيضاً تعتبر ذات أهمية بالغة. يعني أنه من المهم أن نعرف الاشخاص المفسدين ونحاكمهم، ولكن ربما الأهم من ذلك هو ألا نسمح لهم بارتكاب أنواع أخرى من الفساد، ومهما تم تنفيذ تلك المرحلة الجزائية واللاحقة بحزم وبجدية إلا أنه وطالما أن مصنع الفساد يستمر بانتاجه للفساد فلن نشهد انخفاضا ملحوظا لمستويات الفساد. وفي واقع الامر فإن العقاب الشديد هو أحد العوامل الوحيدة التي يأخذها المفسد بالحسبان أثناء ارتكابه للفساد، فإذا كان احتمال اكتشاف وتعقيب ومحاكمة المجرم ضعيف وإذا كان لهذا الفساد نتائج تستحق المخاطرة فذلك سوف يزيد من احتمالیة وقوع الفساد. فما هو حال متابعة هذه المراحل في ايران من قبل الشعب والدولة؟
دور الشعب الايراني في مكافحة الفساد
إن الشعب الايراني كغيره من شعوب الدول الأخرى يتأثر كثيراً بالاخبار المتعلقة بالفساد، وعند سماعهم لأخبار تتحدث عن وقوع حادثة فساد فإنهم يبدون انزعاجاً كبيراً. ولكن هل يؤدي هذا الانزعاج إلى أفعال تتجاوز التعبير اللفظي عن الاستياء؟ والاجابة على هذا السؤال هي بالمختصر، نعم يؤدي! لكن هذه الأعمال ليست بالضرورة تعتبر مظاهرات أو ماشابه ذلك، والمشكلة أن المستفيدين من الفساد منظمون والناس لا يملكون هذا التنظيم في الظروف الطبيعية، ولهذا السبب بدأت مجموعات من الأشخاص المهتمين بمكافحة الفساد في إنشاء منظمات شعبية (غير حكومية) ومراكز علمية ومراكز أبحاث للتعاون والتنسيق في مجال مكافحة الفساد. وقد أصبحت مراكز الأبحاث مثل مركز أبحاث "الشفافية من أجل إيران"(شفافيت براي ايران) والمنظمات الشعبية (غير الحكومية) مثل "مرصد الشفافية والعدالة"(دیده‌بان شفافیت و عدالت) محفلاً لأولئك المهتمين بمكافحة الفساد.
ولهذا الغرض، تقوم المراكز العلمية ومراكز الأبحاث بإنتاج المؤلفات العلمية وترجمة الأعمال العلمية والبحثية والاستفادة منها عن طريق توطينها ومن ناحية أخرى، تشارك المنظمات غير الحكومية في أنشطة المراقبة والترويج. وتطالب هذه المنظمات وتتبّع جميع مراحل مكافحة الفساد بما في ذلك مراحل الوقاية منه.
ومن المذهل أنه في نموذج تعزيز الشفافية (كأحد استراتيجيات مكافحة الفساد) في بلدية طهران (التي يبلغ حجم مبادلاتها المالية عدة أضعاف بعض وزارات البلاد)، كانت هناك منظمات غير حكومية من كلا التيارين السياسيين الرئيسيين حاضرة، وهذا التعاون أوجد شفافية قياسية في هذه المنظمة. ولكن النقطة المهمة والمؤثرة تكمن في مجموع كل هذه الاقدامات من قبل كل المنظمات. في الفقرة التالية سنتطرق إلى نهج الدولة الإيرانية في التعامل مع تصرفات هؤلاء الأشخاص وسنذكر أمثلة على نهج الدولة ودور الشعب.
موقف الدولة الإيرانية من الجهود الشعبية
العديد من رجال الدولة في العالم متهمون بجريمة الفساد المالي أو الإداري، في حين أنهم رفعوا شعارات تطالب بمكافحة الفساد وادعوا أنهم من أنصارها. وهنا تظهر أهمية المواقف والعمل مقابل الكلام والبيان. والآن دعونا نناقش نهج الدولة الإيرانية في هذا الصدد على مختلف الصعد.
أولاً، سنبدأ من الصعيد الاعلى، وهو صنع السياسات وكتابة الوثائق الاستراتيجية، ثم القوانين العادية وأخيراً على الصعيد التنفيذي. على صعيد السياسات الكبيرة، فإن لدينا وثائق مهمة أصدرها قائد الثورة الإسلامية، مثل "المرسوم الموجّه إلى قادة القوى من أجل مكافحة الفساد الاقتصادي" والصادر في أبريل/ نيسان 2001، والذي تنص الفقرة السابعة منه على أنه "يجب ألا يكون هناك أي تمييز في مكافحة الفساد ، وأنه لا يجب استثناء أي شخص أو مؤسسة، ولا يمكن لأي شخص أو مؤسسة أن يعفي نفسه من المساءلة بحجة انتسابه لي أو لغيري من المسؤولين في الدولة ويجب التعامل مع الفساد بأسلوب واحد في كل مكان وكل مقام".
هذا كان فيما يخص المكافحة الجزائية واللاحقة للفساد، وأما عن الوقاية من الفساد في "السياسات العامة للجهاز الإداري" الصادرة عام 2010، نقرأ في الفقرة 24 "تعزيز نزاهة النظام الإداري والقيم الأخلاقية فيها من خلال إصلاح الإجراءات القانونية والإداریة، والاستفادة من المقومات الثقافية وانتهاج نظام فعال لمنع التجاوزات والتعامل معها." وذلك اذا ما تم الاعتراف بالدور الشعبي في الفقرة 19 کما يلي: "إيجاد الأساس للاستقطاب والاستفادة من القدرات الشعبية في النظام الإداري".
وفي القوانين العادية بلغ الاهتمام بالدور الشعبي درجة إعطائه صلاحية الإعلان عن الجريمة في المادة 66 من قانون الإجراءات الجنائية للمنظمات غير الحكومية، فمثلاً في مايو/ حزيران 2019، قام "مرصد الشفافية والعدالة" بتجريم رئيس منظمة الغابات والمراعي وادارة مستجمعات المياه في البلاد. وفي الحالة الأحدث، صدر قانون "حماية المبلغین عن الفساد" في يناير/كانون الثاني من هذا العام للتنفيذ، والذي يحمي المبلغين عن الفساد والمقربين منهم من المخاطر المحتملة عن إبلاغهم عن الفساد، وفي حين أراد المبلّغ فإنه سيحصل على نسبة من مبلغ القضية كمكافأة له.
 ولكن هل تحولت هذه السياسات والقوانين الى حقيقة في مجالات التنفيذ؟ نعم أصبحت بالفعل. وبالطبع كانت هناك حالات مقاومة من قبل المفسدين، بل ومحاولات لإبطال تدابير مكافحة الفساد. وإذا عدنا إلى تعريف الفساد الذي ذكرناه في بداية التقرير، نرى أن المفسد يتمتع بسلطة عامة، لذلك يمكننا أن نتصور أنه سيستخدمها أيضاً للدفاع عن نفسه. ولکن قد تم وضع قانون حماية المبلّغين عن الفساد والقوانين المماثلة للتعامل مع آثار ردود الأفعال هذه.

البحث
الأرشيف التاريخي