الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثلاثة وأربعون - ٠٤ فبراير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثلاثة وأربعون - ٠٤ فبراير ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

أستاذ من جامعة الأزهر في غزة للوفاق:

المرأة الغزّية نزوح وانعدام حياة والصمت الإعلامي يضاعف المعاناة

 

الوفاق/ خاص
عبير شمص
يتخذ الاعتداء على المرأة الفلسطينية وحقوقها أبعادًا جديدة خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، فآلاف النساء يعانين تحت وطأة العدوان سواء لكونهن ضحايا، أو بسبب انعدام فرص الوصول إلى خـدمات الرعاية الطبية، مع استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والقصف المستمر. وبينما تتعمق معاناة الحوامل في غزة مع غياب ملاذ آمن من القصف، لا تلقى تحذيرات الأمم المتحدة من الأوضاع غير الإنسانية التي تتعرض لها النساء آذانًا صاغية. كل هذا  في ظل غياب الإعلام والمؤسسات الحقوقية العالمية والجمعيات النسوية عن إبراز معاناة المرأة الغزية وإيصال صوتها للمجتمع الدولي والعالم.  وفي هذا السياق التقت صحيفة الوفاق الدكتور سمير أبو مدللة المحاضر في جامعة الأزهر في مدينة غزة  وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان الحوار التالي:"

الولادة وسط نيران الحرب
ولد في أشهر الحرب أكثر من خمسين ألف مولود وفق الدكتور أبو مدللة، ويضيف:" ولد قسم من هؤلاء المواليد في بعض المراكز الصحية أو المستشفيات والجزء الأكبر منهم ولد على يد ما يُسمى "القابلة القانونية"  التي تقوم بتوليد الأطفال بوسائل بدائية سواء في مراكز الإيواء أو في المنازل، فلم تستطع الأمهات التوجه إلى المراكز الصحية والمستشفيات للولادة بسبب عمليات القصف المتواصل على قطاع غزة واستهداف المدنيين، فالعدو لا يُفرق بين المرأة والرجل والطفل، واستشهد الكثير من النساء الحوامل وهن في طريقهن لولادة أطفالهن، كذلك أدى القصف الهمجي والمتواصل على قطاع غزة الى قطع التواصل بين الأحياء والمدن الفلسطينية، وكذلك أدى القصف المتعمد للمستشفيات والمراكز الصحية إلى إخراجها من الخدمة كلياً أو جزئياً لتقتصر خدماتها على تقديم الإسعافات للإصابات اليومية برصاص الاحتلال الصهيوني".
ويتابع الدكتور أبو مدللة كلامه:" من المعروف أن المرأة الحامل تحتاج إلى معاينة ومتابعة طبية مستمرة طيلة فترة حملها، وبسبب الأوضاع السالفة الذكر في أحسن الأحوال يلجأ قسم من النساء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للمتابعة الطبية مع الأطباء، هذا في ظل عدم توافر الأدوية الضرورية للحامل كما لجميع المرضى وخاصة الأمراض المستعصية كأمراض الضغط والسكري والقلب، فقد خفت أو فُقدت الأدوية في الصيدليات الخاصة، وكذلك  تلك المقدمة من المراكز الصحية ومن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا أو لدى وزارة الصحة الفلسطينية بسبب عدم استيراد الدواء منذ عدة أشهر إلى القطاع، وما يدخل حالياً من المساعدات هي بعض المعدات الطبية ومعظمها  للمستشفيات التي تعالج حالات الحروب  والعمليات الجراحية وما إلى ذلك،  وبالتالي يشكل تأمين الأدوية لجزء كبير من الأسر الغزّية مأساة ومشكلة كبيرة ، بسبب فقده واختفائه من الأسواق، إما في مدينة غزة التي تضم أبرز مراكز بيع الدواء أو من الخارج عبر عملية الاستيراد والتي انعدمت في فترة الحرب. كما يشكل اكتظاظ المناطق الجنوبية في منطقة خان يونس ورفح بمئات الآلاف من النازحين سبباً مهما في فقدان الأدوية في شمال غزة".
المرأة الفلسطينية ربة الأسرة بعد غياب الزوج
يشرح الدكتور أبو مدللة بأنه:" يُسبب العدوان الهمجي الصهيوني في سقوط عدد كبير من الشهداء من المدنيين، وأغلب هؤلاء المدنيين من الأطفال والنساء إذ بلغ عددهم أكثر من ستة آلاف إمراة ومثلهم من الأطفال" .
ويضيف الدكتور أبو مدللة:" أصبحت المرأة الغزية بعد استشهاد الزوج والأبناء رب الأسرة  المسؤول عن حماية الأطفال وتأمين مستلزماتهم المعيشية اليومية، وذلك في ظل تدمير المنزل وفقدان كل مقومات الحياة الطبيعية والتي اعتادت عليها، وبالتالي وجدت المرأة نفسها بدل أن تكون في منزلها معززة مكرمة، تخرج من دارها وتنزح إلى مراكز الإيواء المكتظة بالنازحين  في المدارس أو في الخيام المنتشرة في كل مكان وبالتحديد في الأماكن الجنوبية لقطاع غزة في رفح وخان يونس، وبالتالي افتقدت السند أباً او زوجاً أو إبناً أو أخاً، وخسرت منزلها وجميع وسائلها الخاصة بعد خروجها بدون احضار أي احتياجات أولية من الملابس إلى الطعام، خرجت في ظل قصف عنيف همجي استهدف البشر والحجر، خرجت  تاركةً ورائها كل شيء ساعيةً لحفظ الأطفال والنجاة من القصف المجنون والقتل اليومي المتعمد، ولكنها لم تسلم من همجية العدو الصهيوني الذي استهدفها في عملية نزوحها مما أدى إلى استشهاد العديد من النساء مع عائلاتهن، أو في الأماكن التي نزحن إليها فلا يوجد مكان آمن في قطاع غزة."
ويشرح الدكتور أبو مدللة :" لم تقتصر معاناة المرأة الغزية على فقدان السند والمنزل، فأصبح لزاماً عليها في ظل ضروف قاسية تأمين مسلتزمات واحتياجات الحياة اليومية ومعيشتها ومعيشة أولادها، ففي ظل نزوحها من بيتها وسكنها في مراكز الإيواء أو في الخيام وانقطاع المواد الغذائية، حاولت المرأة التأقلم في وضعها المستجد وبصورةٍ سريعة، فلجأت إلى الوسائل البدائية لتحضير الطعام على نيران المواقد الحطبية، والغسيل اليدوي بعيداً عن الأجهزة الكهربائية فأصبحت تناضل يومياً في كيفية توفير الطعام وتأمين الملابس والإحتياجات الضرورية".
افتقاد الخصوصية في أماكن النزوح
يوضح الدكتور أبو مدللة:" أصبحت المرأة الفلسطينية تتدبر معيشتها اليومية على ما تقدمه الجمعيات والمؤسسات والأونروا أو وزارة التنمية الاجتماعية من مساعدات غذائية وألبسة وفرش وأغطية للنوم وما إلى ذلك. وتعتمد معظم النساء على تأمين الطعام  لعائلاتهم من بعض المعلبات الغذائية المقدمة للنازحين من الخارج ، والأسرة التي تكون في أحسن حال ووضع اقتصادي جيد تستطيع شراء بعض الخضروات، يشكل كل هذا تكاليف وأعباء اقتصادية تضاف إلى أعباء المرأة الفلسطينية إضافةً الى الجهد البدني المبذول منذ الصباح إلى المساء في عملية تحضير الوجبات الغذائية والحفاظ على نظافة الأبناء وغيرها من الاحتياجات الضرورية، كما تقوم النساء في ظل هذه الحرب بأعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الجسدية، مثل تقطيع الحطب لطهي الطعام، والجلوس أمام النيران التي ينبعث منها دخان احتراق الخشب والأوراق لساعاتٍ طويلة في العراء".
ولكن المشكلة الأبرز وفق الدكتور أبو مدللة التي عانت منها المرأة هي :" إفتقادها للخصوصية في مراكز الإيواء وخاصةً استعمال المرافق الصحية في ظل اكتظاظ النازحين الذي يفوق طاقة استيعابها حيث لا يستطيع أفراد الأسرة الأستحمام لعدة أيام بسبب قلة هذه المرافق وكثرة أعداد النازحين وقلة المياه التي تحضر  أحياناً من أماكن أخرى، لذا لجأ النازحون إلى تنظيم عملية الاستحمام عبر تحديد أوقات معينة لكل فرد"
ويُكمل الدكتور مدللة حديثه بالقول:" تفتقد المرأة لمتطلبات النساء الخاصة إضافةً إلى احتياجات الأطفال من الحليب والحفاضات التي وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية فعلبة الحفاضات ارتفع سعرها من عشرين شيكل أي ما يقارب ستة دولارات إلى مئتي شيكل اي ما يقارب 65 دولاراً تقريباً وبالتالي لجأت كثير من الاسر الى استخدام البدائل الأخرى غير الحفاضات وذلك في ظل عدم دخول اي مساعدة إلى قطاع غزة منذ حوالي ثلاثة أشهر وكل ما يدخل هي بعض المساعدات الخاصة بالطعام والمساعدات الطبية، والجدير ذكره أن بعض الجمعيات والمؤسسات الخاصة توفر بعض احتياجات المرأة ولكن بصورة  قليلة ومتقطعة ".
ولكن أهم مشكلة تعاني منها المرأة هي  مشكلة انعدام الأمن في ظل القصف المتواصل الذي يصل أحياناً إلى مراكز الايواء وفقدان الأهل والسند ليضاف إليها السعي الدائم واليومي لتأمين الاحتياجات الضرورية لمعيشتها ومعيشة عائلتها".
تقصير إعلامي واضح
يقول الدكتور أبو مدللة:" الاعلام ما زال دوره ضعيفاً في إبراز معاناة المرأة في قطاع غزة  فهو يسلط الضوء على القتل وتدمير البيوت  والبنية التحتية  ولا توجد برامج اعلامية مخصصة للمرأة ، المفروض في هذه الحرب مخاطبة العالم إنسانياً لإظهار معاناة المرأة والاطفال وتبيين حالة الرعب والتشريد وانعدام الأمن والغذاء ووسائل النظافة في مراكز الايواء، هذه الصورة يجب أن يعكسها الإعلام الذي للأسف ما زال ضعيفاً ومقصراً في تقديم صورة معاناة المرأة الفلسطينية" .
لذا يؤكد الدكتور أبو مدللة بأنه :" يجب على المؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية العمل على تسليط الضوء على ما تعانيه المرأة من استهداف بالقتل والتشريد وافتقادها مع الأطفال لمقومات الحياة ووسائل النظافة والاحتياجات النسائية الخاصة والمياه النظيفة والطعام الجيد،  يجب إطلاع العالم والمجتمع الدولي على هذه المعاناة".
ضرر نفسي مستمر
يوضح الدكتور أبو مدللة:" بالتأكيد الحروب لها أثارها النفسية على النساء، جزء كبير منهن يعانين من اضطرابات نفسية، فجزء منهن فقد أبناءه ومعيل الأسرة الزوج أو الوالد، وأيضاً  تدمير البيوت وهي ليست فقط جدران بل ذكريات تتضمن الأم والأب والأخ والأخت والأبناء  عندما تُهدم البيوت تُهدم معها كل ذكريات المنزل".
ويختم الدكتور أبو مدللة حديثه بالقول بأن ما تعانيه المرأة من عدم النوم والقلق والأمراض النفسية هذا كله سيترك انعكاساته لفترات طويلة جداً وبالتالي كل الأطباء النفسيين يشيرون الى أن الحروب تخلف امراضاً ومشاكل نفسية تستمر مع الانسان لفترات طويلة وما بالك بالنساء والتي هي الفئة الأضعف والتي تتحمل الخوف والرعب على ازواجها واطفالها وهي في هم دائم وقلق في محاولة توفير الطعام لأبنائها واللباس والدواء لهم  مما يزيد معاناتها في حال عدم توفيره والأهم من ذلك كله الرعب والخوف على مدار الساعة من عمليات القتل والاعتقال والتشريد".

 

البحث
الأرشيف التاريخي