الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وأربعون - ٠٣ فبراير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وأربعون - ٠٣ فبراير ٢٠٢٤ - الصفحة ۲

الثقافة الدينية لـ «طوفان الأقصى»

أفول الغرب وتقدّم المقاومة: خمسة توجهات ثورية جديدة يواجهها العالم


تتمة المنشور في الصفحة 1

1- الضمير العالمي المخزي
ان لعملية طوفان الأقصى بداية عسكرية، وطبيعة حيوية وثقافية وإسلامية؛ كما أنها أدخلت العالم إلى عصر جديد من "الانعكاسية الأخلاقية" و"العار الدولي" بشأن السياسات العالمية الغربية ولا يمكن فهم أساس ومعنى هذه الانعكاسية الأخلاقية خارج نطاق التعاليم والمفاهيم الدينية. وقد حرك هذا العار والتقلب الضمائر الحرة بتوجيهات من الإمام الخميني (رض) والقيادة الحكيمة لآية الله السيد الخامنئي، ويمكن دراسة نتائجها اليوم على مستويات مختلفة من الجغرافيا السياسية والثقافة العالمية.
ولذلك فإن الانعكاسية الأخلاقية العالمية هي أمر ديني، وكما يتفق المحللون فيما بينهم على هذا الأمر: "يجب أن تُفهم الانعكاسية الأخلاقية هذه في قلب التقاليد الدينية الثلاثة الكبرى الإسلام والمسيحية واليهودية، تماماً كما تُفهم المقاومة الفلسطينية أيضاً على أنها قضية دينية".

2- الحضارة الغربية الهشة
هناك مسألة أخرى تسمح لنا بالحديث عن "الثقافة الدينية لطوفان الأقصى"، ألا وهي أن ما فهمه العالم بعد عملية طوفان الأقصى، بحسب كثير من المفكرين، هو "عولمة المقاومة" في مواجهة "الركود الثقافي للعولمة". وقد دخلت الثقافة الغربية منذ فترة طويلة في مرحلة "ضعف الهوية"، وأصبحت حالتها الحضارية، والتي تعتبر "تراث مسيحي يهودي" بحسب هنتنغتون، أكثر هشاشة بكثير من ذي قبل. وفي مثل هذه الحالة فإن تقدم القوى المعارضة للحضارة الغربية يزيد من الصعوبات التي تواجهها حكوماتها ويجعل وضعها المتأزم أكثر تعقيدا داخلياً وأيديولوجياً.
وفي رأيي الشخصي أن عولمة المقاومة هي محفز لقيام "الثورة العالمية الناعمة" وهذه ليست كليشيهات أو شعارات يراد غرسها عبر البروبوغاندا والدعاية، بل يمكن إثباتها من خلال الدراسات العلمية. وقد برزت هذه الأدلة في دراسات جديدة، مثل أن دول العالم، بعد الكارثة الإنسانية في غزة، أصبحت تميل نحو الموضوعية و"النشاطية العالمية" في هذا الشأن. ويفسر هذا التمايل، بحسب المحللين، بأنه خروج لدول العالم عن خصائص سيادتها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية:وقد اتهمت الدول المستقلة عن حكوماتها الكيان الصهيوني بالتسبب في كوارث إنسانية وابتعدت عن خطابات لدول التي وقفت إلى جانب الصهيونية، وهنا يمكننا تقييم من اختار الجانب الصحيح من التاريخ.
ويعود تشكيل هذا الاتجاه إلى قوة المبادرة والانفتاح العقلي لحركة المقاومة العالمية، ويمنحها القدرة على إيجاد تفسير لخطابها في مختلف الأفكار. ثانياً، إن حركة المقاومة، وبفضل مرونتها في أشكالها وأساليبها، قادرة على تجميع القوميات المختلفة حول المحاور الأساسية للقيم الإنسانية، وهذه الخاصية متأصلة في الإسلام.

3- القوة القرآنية والعالم الثوري
إن قبول المقاومة يشير إلى ديناميكية جديدة بين الهوية والدين والمجتمع؛ وإن الديناميكية النادرة في التاريخ المعاصر ونقطة انطلاقها في عالمنا هي "الثورة الإسلامية الإيرانية" والتي كانت، بحسب تعبير ميشيل فوكو، عودة الروح إلى عالم لا روح فيه. ولم تتمكن ثورتنا من إيجاد صدى عالمي إلا لسبب واحد، وهو اعتماد الإمام العظيم الراحل على "القوة القرآنية" للاسلام الخالص. كما تمكنت الطبيعة الإسلامية للمقاومة من تشكيل "النشاطية العالمية" من خلال الاعتماد على "القوة القرآنية" على مدى الثورة. والتي تعتبر متحدة ومنسجمة ولكن اليوم لا يمكن رؤية سوى نتائجها.
وكما جرت العادة دائماً، عندما يشعر الأميركيون والصهاينة بالعجز، لا يستطيع أي من المنظرين الغربيين والمفكرين الخام للرأسمالية الليبرالية أن يتصور أن اتحاداً ثقافياً ذا طبيعة دينية، ينبثق من المقاومة الإسلامية، سوف ينشأ في العالم بهذه القوة. أو أنه سيتم تشكيل نموذج عالمي بين الأشخاص الذين كان من المفترض أن يظلوا محبوسين في القرية العالمية إلى الأبد، للتحرر من هذا السجن.

4- تطور القيم في العالم الثقافي
من الواضح أن التقدم العالمي للمقاومة يرجع إلى أمر أكثر من مجرد مواجهة نظام الفصل العنصري، ولا ينبغي أن نقع في فخ الخطابات الفكرية والدينية الزائفة في تحليل هذه القضية بل ينبغي التعامل بشكل اننتقادي مع هذه التفسيرات التي تقلل من حجم المشكلة. ورغم أن الفصل العنصري ينقلب دائماً إلى نقيضه، فقد ظهرت العديد من أنظمة الفصل العنصري على طول التاريخ العالمي، إلا أن معظمها كان ذا جوانب إقليمية محدودة. إن الفصل العنصري الصهيوني ليس "فصلا عنصرياً وطنياً محدودا" مطابقاً للنظريات السياسية الشعبية، بل هو فصل عنصري كوني وعالمي، ولهذا السبب فإن طبيعته تختلف عن كل الأنظمة الديكتاتورية والعنصرية والأصولية. كما خلقت هذه الطبيعة الشيطانية الخاصة "شعوراً خاصاً بالخطر الدولي" في أذهان شعوب العالم، وكأنهم قد أدركوا للتو أن كل قيمهم وإنجازاتهم ووجودهم قد تكون معرضة للخطر بسبب وجود هذا الفصل العنصري الصهيوني العالمي.
ومن خلال هذا الإحساس بالخطر الجماعي، ينشأ "مجتمع ثقافي عالمي جديد"، يمكن التعرف على بنيته وتشريحه تدريجياً، المجتمع لديه رواية جماعية وشعبية عن العالم بعد عملية طوفان الأقصى، والتي ينبغي التطرق إليها بشكل أوسع. وبحسب الأبحاث والاستطلاعات الموثوقة التي تحلل المواقف العالمية، فإن "تضحية الفلسطينيين ومقاومتهم العنيدة  لتحرير أرضهم من أجل البقاء في الظروف الحالية، قد تبدلت إلى خطابات جماعية وشعبية، تشمل حتى الأصوات العلمانية". وبالرغم من دعايات التيارات العلمانية حول طبيعة هذه الرواية الجماعية والعالمية، إلا أن جميع عناصرها الأساسية مستمدة من نظرية معرفة الثورة الإسلامية وخطاب المقاومة. وإن العالم اليوم يعرف ويرى تماما أن المشروع الاستعماري والعرقي والعسكري للكيان الصهيوني الغاصب قد تحول إلى "راديكالية عالمية مدمرة" لاتملك أي خصلة إنسانية. وإن كان التنين قد نهض بكامل قوته، فإن هناك قوة أعظم ظهرت لمواجهته.
وقد أصبح من الواضح الآن لجميع شعوب العالم أن الهدف من هذا المشروع هو تدمير تاريخ الفلسطينيين وهويتهم وسبل عيشهم ووجودهم وحقوقهم وحياتهم بشكل عام، والآن أصبحت وكالة الشعب هي التي تشكل الساحة العالمية ضد الصهيونية. وهذه هي البذرة التي زرعها الإمام الخميني (رض) وحده في عقول العالم للوقوف في وجه الباطل.

5- قضية تحرير الإنسان
هنا سنعود إلى محور حديثنا، وهو ظهور الثقافة الدينية لطوفان الأقصى، التي حولت فكرة "تحرير الأرض" في العالم إلى فكرة "تحرير الإنسان". وبما أن المفكرين الثقافيين للمقاومة والعلماء المستقلين لديهم إجماع حول هذا الحدث وقد تمت مناقشته، فإن طوفان الأقصى تحدت بكل ما يمكن "رواية الإمبريالية التي تكرّس التمييز"، والنزعة العسكرية، والظلم، والعنصرية، والخداع، وإساءة استخدام السلطة، والجشع، والتجرد من الإنسانية ومختلف أشكال عنف الدولة. والآن خرجت مسألة الانعكاسية الأخلاقية حول الغرب بعد عملية طوفان الأقصى عن الساحة النظرية البحتة والنقاشات الأكاديمية، واتجهت نحو ساحة السجالات العامة. وهذا ما أوجد سلوكيات اجتماعية جديدة في العالم لدعم المقاومة الإسلامية. وإن ظهور هذا "الانسجام العالمي"، الذي اجتذب اهتمام المحللين الإيرانيين، يشكل "صفقة عالمية" للثورة الإسلامية. وقد أظهرت القيادة الحكيمة للإمام الخامنئي أن الثورة ليست جامدة وأن نتائجها وبركاتها، تساعد بشكل مباشر وغير مباشر، على حركتها وتوسيع "صفقتها العالمية".
وخلال هذا الوقت، ومن خلال اللقاء والمناقشة مع العديد من المفكرين والباحثين والأساتذة من غير المسلمين، أدركت أن ما يجذبهم إلى المقاومة الإسلامية هو الجانب العملي لهذه الثقافة الدينية والذي ذكروه أيضاً في مقالاتهم باسم "الجاذبية الدينية العملية". وهذا هو سر الإسلام الخالص للإمام الخميني (رض)، الذي يجمع بين العرفان والنضال ويجعل "إسلام العارفين المناضلين" عالمياً.

البحث
الأرشيف التاريخي