الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثلاثة وثلاثون - ٢٢ يناير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثلاثة وثلاثون - ٢٢ يناير ٢٠٢٤ - الصفحة ٦

حرب «إسرائيل» على غزة.. حرب بلا أهداف

حسن لافي

كاتب ومحلل سياسي
بدأ مجلس الحرب الإسرائيلي، وخاصة ممثلي حزب المعسكر الرسمي بن غانتس وغادي آيزنكوت بطرح أسئلة تتعلق بجوهر مستقبل الحرب في غزة، وكيفية التعامل مع بقية الجبهات المشتعلة الأخرى، والحديث يدور عن الجبهة اللبنانية بالذات، إذ نشرت القناة 12 الإسرائيلية أن غانتس قدّم في الأيام الأخيرة قائمة من سبع قضايا حساسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي تتعلق باستمرار الحرب، ويطالب بإجراء نقاش حولها في مجلس الحرب من أجل أخذ قرارات فيها، والقائمة تحتوي على:
أولاً: قضية السيطرة على معبر رفح ومحور صلاح الدين (فيلادلفيا) على طول الحدود المصرية - الفلسطينية مع غزة.
ثانياً: أهداف الحرب المعلنة، وهل هناك حاجة إلى إعادة تحديدها من جديد، لا سيما تلك المتعلقة بعودة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة.
ثالثاً: صوغ اليوم التالي للحرب، بمعنى ما هي استراتيجية الخروج من الحرب؟
رابعاً: كيفية إدارة حياة السكان في غزة، وماهية الجهات التي ستقوم بتلك المهمة.
خامساً: عودة المستوطنين النازحين من مستوطنات غلاف غزة في الجنوب، ومستوطنات الشمال المجاورة للحدود اللبنانية.
سادساً: مطالب رؤساء مجالس المستوطنات في الجنوب والشمال واحتياجات المستوطنين الأمنية والحياتية.
سابعاً: الفترة الزمنية النهائية التي يمكن أن تمنحها "إسرائيل" للجهود السياسية الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق مع لبنان وحزب الله؟
تشير هذه المجموعة من المطالب من إحدى ركائز مجلس الحرب الإسرائيلي، إلى أمر واحد أساسي ألا وهو أن "إسرائيل" تدير الحرب بلا استراتيجية حقيقية، بل ما يقود تلك الحرب حالة من العاطفة الانتقامية الفاشية، وأنه رغم السيطرة الإسرائيلية تقريباً على أكثر من 60% من مساحة قطاع غزة، فإن الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي "عوفر شيلح" يقول إن"احتلال الأرض والسيطرة عليها طوال الوقت يهدد بتحوّل الاحتلال من حل إلى أزمة، كما حدث مع إسرائيل في جنوب لبنان والولايات المتحدة الأميركية في العراق"، وأن قتال "الجيش" الإسرائيلي في غزة منذ بدء الحرب، يدور في إطار العمليات التكتيكية القتالية المتتالية، وكل ما يتم تداوله من تصريحات المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين، حول تفكيك القوة العسكرية للمقاومة والقضاء على حكم حركة حماس، وعدم عودة غزة مصدراً لتهديد "إسرائيل" مجدداً، واستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، يؤكد شيلح أنها أهداف لا يمكن تحقيقها أبداً من خلال العملية العسكرية وحدها مهما كانت قوتها".
لذلك، من السهل الوصول إلى الحقيقة التي تحاول "إسرائيل" إخفاؤها، خاصة نتنياهو، ولأهداف سياسية مصلحية شخصية، بأن أهداف الحرب المعلنة لا تندرج ضمن خطة استراتيجية سياسية شاملة محددة المعالم، تنصب فيها كل الجهود المبذولة، يكون العمل العسكري جزءاً منها، تسعى للوصول إلى هدف سياسي واضح.
إن من أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك، تتمثل في مصالح نتنياهو الشخصية السياسية والائتلافية الحكومية، كما ألهمه بذلك كل من غانتس والإدارة الأميركية، فمن الواضح أن نتنياهو قد يكون الشخص الوحيد في "إسرائيل" الذي له مصلحة شخصية في استدامة الحرب إلى ما لا نهاية، بل كما ألمح بعض المسؤولين الأميركيين أن نتنياهو يحاول توريط أميركا في حرب إقليمية من خلال إشعال حرب مع حزب الله على الجبهة الشمالية، ناهيك بتصريحاته الدائمة عن استمرارية الحرب من دون توقف حتى تحقيق أهدافها، التي بالأساس هي أهداف غير منطقية ومتناقضة وغير قابلة للتحقيق مجتمعة وفي آن واحد.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن باتت لديها رؤية سياسية إقليمية واضحة لشكل الشرق الأوسط ستكون ترتيبات اليوم التالي لحرب غزة مفتاحاً لتنفيذها، مبنية على استعادة فكرة التحالف الأميركي- صهيو- عربي، من خلال التطبيع الإسرائيلي - السعودي، وإعادة إعمار غزة وفتح آفاق جديدة لحل الدولتين من خلال توحيد الضفة وغزة تحت حكم السلطة الفلسطينية المحسنة أميركياً، وهنا يدرك نتنياهو أنه صار بين سنديان الرؤية الأميركية في ظل احتياج "إسرائيل" الوجودي لها، في ظل عدم انتهاء الحرب وإمكانية تدحرجها إلى جبهات أخرى، وبين مطرقة الاصطدام مع حلفائه من "الصهيونية الدينية" الرافضين لأي حديث حول حل الدولتين أو حتى مجرد الكلام عن أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية.
ولذلك، نجد نتنياهو يناور من خلال تأجيل النقاش في القضايا المصيرية لما بعد الحرب، ومحاولة اللعب على عامل الوقت، من خلال الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال في غزة، لتهدئة الأميركيين، وعقد صفقة لوصول الأدوية إلى الأسرى الإسرائيليين في غزة بوساطة قطرية، وتسويقها إعلامياً بشكل كبير من أجل تخفيف ضغط عوائل الأسرى الإسرائيليين، وغيرها من أحاييل الساحر نتنياهو، الذي يتناسى أن الوقت لا يلعب لصالحه، وأن "إسرائيل" لا تملك كل الوقت لاستمرار الحرب على غزة، على الأقل في قضية الأسرى الإسرائيليين في ظل شبه إجماع إسرائيلي أن وقتهم ينفد واحتمال استمرارية بقائهم على قيد الحياة في غزة مشكوك فيه في ظل الظروف المأساوية التي تعاني منها غزة من جراء الحرب الإسرائيلية.
ورغم مخاوف بيني غانتس من انسحابه من حكومة الحرب، وتأثير تلك الخطوة في شعبيته الجماهيرية كونه المتصدر لاستطلاعات الرأي لخلافة نتنياهو في رئاسة الحكومة في أول انتخابات بعد انتهاء الحرب، بيد أن مطالبته، بنقاش تلك القضايا السبع عبارة عن تمهيد الطريق أمام هذا الانسحاب، وتهيئة الشارع الإسرائيلي، محملاً نتنياهو وحلفاءه المسؤولية عن هذا الانسحاب، وإظهار نفسه الحريص على أمن "إسرائيل"، متسلحاً بالموقف الأميركي المتحفظ جداً من أداء نتنياهو شركائه.

 

البحث
الأرشيف التاريخي