قصص قصيرة تحكي المقاومة بلسان الرواية
الوفاق/ خاص
نجوى الموسوي
الرواية والكلمات هي التي تحكي لنا المشهد بسهولة وبلسان بسيط، وبإمكان الأديب أن ينقل المشهد للقرّاء عن طريق كتاباته، فنقدّم لكم بعض من هذه القصص القصيرة.
حقيقة
ما يخبرونه يبدو خارج المنطق. كلُّ هذه الجرائم تبدو فوق الخيال. وهو برغم ذلك أصابه الضجر. تركَ شاشاتِ البث المباشر. وحين ناوله الخَدمُ لحافَه، وجدَه مبتلًا بمطرٍ أحمر سكبته السماء.
ابتهال
في اليوم الثاني من الحرب تلا صفحتين من دعاء كي يتغلبَ المظلومون. في الأسبوع الثاني تلا صفحة واحدة. في الشهر الثاني تلا جملة واحدة: "وإن الله على نصرهم لقدير"، لكنه تلاها أمام ثلاثة مراقد لأبنائه
المقاومين.
العرض
طفلةٌ بجديلةٍ مبعثرة، تلحَسُ قعرَ الإناء. بالكاد رفعته منذ ساعات ليسكبوا فيه ملعقةً لأخوتها. والتُقموها بثوان. ها هي "فرحانةً" تمضغُ رائحةَ الأكل بتلذّذ.
حوقَلَ المُشاهِدُ، وأمَر خادمه بتغيير القناة، ثم تجشّأ وشربَ "ستارباكس" بِقَصدِ الهضم.
دفء
هل ورقُ دفاتركم هذا؟ أتحرقونه لأجل أناملكم المتجمدة؟ لتجري حرارة الدم فيها؟". تسأل، وتبتسم لبسمةِ أطفالها، ثم تكمل: "بل أنتم توزّعونها على أجسامٍ مثلّجةٍ من أمة المليار. أيديكم نار، وكثيرٌ منهم أبراجٌ من ورق".
بأس
أُصيبَ بفرطِ اليقظة منذ ليال. لم يعمل، لم يأكل، لم يبدل ملابسه، لم يحلق لحيته، ولم يعترف بأنه يائس. لكن منذ انضمام اسمُه إلى آلاف أسماء المثكولين ببيوتهم ومن فيها، هبّ صارخًا، وشوهِد يحمل كل جريحٍ يجده إلى المشفى، ويرفع بساعديه ما يستطيع من ركام عن أشلاء، ويركض
نحو المزيد.
مشرط المقبرة
مد مبضعه على صدر الجثمان. وخلفه كان قد شرّح ٧٩ جثمانًا. امتلأت البرّادة بالأعضاء. إنه يحضر أعضاء بشرية لتبديل أعضاء أصدقائه الجرحى. ابتسم لنفسه راضيا عنها متخيلا كيف سيباشر الأطباء عملهم في أحدث مشافي أميركا واوروبا. وفجأة يهوي إلى الرخام المثلج هو ومشرطه مرتجفا بوجه أزرق. لقد سأله قائد قوات المؤازرة: "ألم تقولوا إنهم ليسوا بشرا؟".