مقابلة مع الكاتبة والمخرجة سمية ذاكري

«اكلانتين» والآلاف من القصص الفخرية غير المصورة

أجرت المقابلة
مريم حنطه زاده
وسأروي لكم شيئاً آخر، عندما تم عرض الفيلم الوثائقي "المخازن الفارغة" جاء مخضرمو "أصحاب الخوذ الخضراء" لمشاهدته، وكذلك قمت بدعوة العميد"بيجن بارسا" لمشاهدة العرض، وهو أحد المغاوير القدامى في الجيش الذي قا مصدام بتعيين جائزة لمن يقوم بتسليمه أثناء الحرب، وعندما انتهى الفيلم رأيتهم يبكون؛ لقد كان ذلك عاطفياً للغاية. فسألت ماذا جرى حضرة الضابط، لماذا تبكي؟ فقام بشكري ودعا لي، فقلت أنا لم أفعل شئ بل أنتم من حاربتم  مدة 8 سنوات، وقد قدمتم كل مابوسعكم أثناء الثورة وبعدها في كردستان والمنطقة الغربية وحتى الثمانينيات كانت لديكم صراعات. وعندها قال لي جملة مؤثرة جداً، كلما فكرت بها شعرت بشعور غريب وخاص: "قال لي أنا قمت بأعمال كثيرة وحاربت في مناطق عديدة، أما انت فقد قمتي بإكمال أعمالي التي لم أكملها" وهذا يعني أنني كصانعة أفالم وثائقية قد قمت بتحمل مسؤوليات كبيرة على عاتقي. كما أبدى العديد من العسكريين المتقاعدين، بطرق مختلفة وعن طريق أبنائهم في مواقع التواصل الاجتماعي، سعادتهم بنشر أفلامي الوثائقية، وقالوا إن هذه هي "القصة الحقيقية" لأبناء الجيش.
ماذا كانوا يقصدون بـ"القصة الحقيقية"؟ هل يقصدون أنها طبيعية؟
يقصدون أنها بدون تحريف، هل تعلمون ماذا يعني سرد القصة الحقيقية؟ يعني أن نقوم بدراسات وتحقيقات عديدة عنها، فمثلاً كنت أقول لنفسي الآن تقومين بصنع فيلم "الفدائيون العرب"، فأين كتبت هذه المذكرات؟ وأين هي وثيقتك؟ وأين شهادتك ؟ فقد اعتدت أن على البحث ، واجراء الأبحاث الميدانية. كنت أفتش في وثائق الجيش وقرأت العديد والعديد من الكتب لأجد شخصاً ما. ومن الميزات الأخرى للسرد الحقيقي هي وجود قصة. فالبعض يعتقد أن الفيلم الوثائقي عبارة تقرير طويل. فالفيلم الوثائقي يحتاج إلى قصة لا لالقاء الشعارات. فالفيلم الوثائقي المثالي هو أن يكون قريبًا من القصة، والقصة المثالية هي أن تكون قريبة من الفيلم الوثائقي ولكن ولسوء الحظ، العديد من أعمالنا ليس لها قصة؛ لا في قضية أمهات الشهداء، ولا في حوادث الطلاق، ولا في الإدمان، وغيرها، فزملائنا لا يعرفون الحكايات. وحتى عندما يتم إجراء البحث بشكل صحيح، يمكننا أن نرى مثلاً أنه تم استخدام كل الصفحات المائة من البحث الذي قاموا به، في حين أنه يجب عليهم البحث وإستخراج قصة منها.
لنعد إلى مسألة عائلتك، لقد قلتي أن عمرك كان 30 عاماً منذ 10 – 11 عام يعني ان ذلك حدود عام 1390 عندما دخلتي هذا المجال وكان لديك ولدان، كيف تمكنتي في تلك الفترة من التوفيق بين طفليك وعملك؟
في البدايات عندما كنت أذهب لحضور المحاضرات فقط كانت ابنتي صغيرة وكنت أبقيها في الحضانة، ولكني فيما بعد بدأت عملي فكنت أذهب للعمل وأحضر المحاضرات و كذلك ورشات العمل المختلفة. كثيرون كانوا يقولون لاتأتي بعد الأن، فكنت أقول حسناً ولكن بعض الدروس كانت متقدمة. فمثلاً إن ذهبت أحياناً لحضور قصة فيلم ما، فإن هذه القصة قد أصبحت فيلماً سينمائياً فيما بعد وأنا بحاجة لتلك القصص وعلي أن أتعلم أكثر. أو دورات التصوير التي هي حقاً لازمة لكل سيدة في هذا المجال ولكنني كنت أذهب للتعرف على الاطارات والكاميرات ولكي أتعلم أصول تصوير الافلام وأتقن ذلك.
وكان يحصل في بعض الاحيان أن آخذ ابنتي معي أيضاً، فطفلتي كانت مريضة، وتعاني من الحساسية ولم أستطع أن  أبقيها دائماً في الحضانة، وبما أنني كنت المخرجة ومعدة العمل فقد كنت آخذها معي لمكان العمل، وأجلسها بجانبي في زاوية لتنشغل بالرسم أو أكل الحلويات وكانت تعلم أنها عليها أن تبقى ساكتة.
يتبع...

 

البحث
الأرشيف التاريخي