الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنا عشر - ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنا عشر - ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

موسوعة الرواية الفلسطينية: سرديات التهجير والمنفى والنضال


تنشغل "موسوعة الرواية الفلسطينية" للباحث يوسف حطيني، (منشورات دار بعل، دمشق، 2023)، وعلى مدار 14 فصلاً، وبما لا يقل عن 2000 رواية، بتوثيق الأعمال التي نشرت منذ مطلع القرن العشرين حتى وقتنا الحالي، ولا سيّما بعد نكبة 1948، ليتحرى من خلالها تحوّلات الرواية الفلسطينية، ومدى تأثر سرديــــّاتها بقضايا المنفى والتهجير والمقاومة، وهو ما انعكس بدوره على عناصر النص الروائي وفنيّاته، من خلال رجحان كفة الواقعي على حساب الفنيّ.
ويتقصّى المؤلف عبر تحليل الخصائص الفنية من خلال مكونات الخطاب الروائي كالتاريخ والزمن، بالإضافة إلى الحدث واللغة وبناء الشخصية، معيار أدبية النص الروائي وتعامل الروائي مع هذه المكونات.
ونتعرف، عبر هذه الدراسة الموسوعية، إلى المسببّات التي أدت إلى تفاوت الأداء الفني بين عمل وآخر، لذلك سيفتح القوس على تحولات الرواية الفلسطينية لافتاً إلى غلبة النظرة التأريخية على عموم هذه الأعمال، الأمر الذي جعلها تنحو إلى التسجيليّة كروايـة "بير الشوم" لفيصل حوراني.
وفي سياق قراءته يعلل حطيني غلبة الاستذكار والاسترجاع على الزمن السردي بسبب ضياع مستقبل الإنسان الفلسطيني وغموضه، والذي انعكس في استعادة الماضي، كما في رواية "تفاح المجانين" ليحيى خلف، و"الخزعندار" لـعدنان عمامة. كما أن التفاؤل المراوغ، الذي حاول بعض هذه الأعمال تجسيده، يفتقر في اعتقاده إلى الأساس الواقعيّ، كما ظهر ذلك بوضوح عند حسن حميد في رواية "الوناس عطية"، من دون أن يمنع هذا الارتباط بالماضي من وجود روايات كـــــــ "أم سعد" لغسان كنفاني، أو "الطريق إلى بيرزيت" لإدمون شحادة، تنشغل بالزمن الحاضر لتربط التحرر السياسي بالتحرر الاجتماعي كرواية "أصل وفصل" لسحر خليفة، أو "حارة النصارى" لنبيل خوري، بحيث يتم توثيق مرحلة الأضراب بين عام 1936، إلى ما بعد هزيمة عام 1967.
بكل الأحوال، يخلُص المؤلف إلى أن طغيان التسجيلية في الرواية الفلسطينية جاء على حساب البعد الفنيّ؛ وبالتوازي مع هذا ظهرت أعمال، على ندرتها، تتميز بالاهتمام بتقنيات الفن الروائي، كأعمال جبرا إبراهيم جبرا، وغسان كنفاني، والروايات التي برزت في فترة ما بعد النكبة حتى انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965.
ويعتقد حطيني أن الرواية الفلسطينية، في عمومها، لم تولِ الفضاء النصيّ أي عناية، ولا أي اهتمام في هذه السرديات بالفاصلة والتشكيل والنقطة، بل سيمتد هذا الإهمال إلى الشخصية، فيبرز في بعض الأعمال نموذج الشخصية المسطّحة أو الساكنة، والتي لا تتطور، كما نجدها في رواية "يا ليلة دانة" لــــــــ عبد الله
العدنان.
وفي سياق موازٍ، ستقتصر أعمال أخرى على الاكتفاء بتقديم المواصفات الجسديـــّة للشخصية من دون الاهتمام بالبناء النفسي، كثلاثية نبيل خوري (حارة النصارى، والرحيل، والقناع)، أو ستضفي أعمال أخرى على بطلها بعداً أسطوريــــاً كرواية "الهجرة إلى الجحيم" لمحمود شاهين.
ويلفت الباحث إلى أن الرواية الفلسطينية، في تطورها خلال العقدين الأخيرين، عانت كونها لا تستند إلى التقاليد الروائية، بقدر ما تستند إلى روائيين محدَّدين، وهذا ما يجعل من الضروري الالتفات إلى الأعمال الجديدة التي تخط للرواية مكانتها في السرد الإنساني، كأرشيف عن التهجير والاغتراب والقهر واللجوء والمكان المفقود، والذي تصفه لنا هذه الأعمال، وكي تدلنا على خصوصية وجمال الوطن الذي تم فقدانه.
لعل خلوّ الفضاء النصي لأغلبية هذه الروايات من علامات الترقيم تعبير مجازيّ عن توق إلى الانعتاق من سلطة العلامات والاتصال - عبر اللغة - بالمكان الأول. إنها الرغبة في اتصال دون فاصلة ولا نقطة ولا جدار عازل. وإذا كان مارسيل بروست يستعين بحلوى المادلين ليتذكر زمنه المفقود، فإن الوطن حاضر دائماً في قلب الروايــــّة الفلسطينية، في سردياتٍ ينشدّ قوس الذاكرة فيها نحو الماضي، وفي حنين لا ينفد لفردوسها المشتهى.

البحث
الأرشيف التاريخي