مخترع الأطراف الصناعية الكربونية في إيران لـ «الوفاق»:
سنهدي طرفاً كربونياً للاعب غزّاوي.. وإيران الرابعة عالمياً
كبرى أميري
لقد تمكّن عالم الأطراف الصناعية من حل معظم المشاكل والعيوب التي تعترض حياة الإنسان، وقد حدثت أكبر قفزة نوعية في التكنولوجيا في السنوات الخمس إلى العشر الماضية عن طريق استخدام مركبات ألياف الكربون والسبائك المعدنية الخفيفة في إنتاج الأطراف الصناعية.لقد تحسن الأداء الرياضي المنقطع بشكل كبير على مرّ السنين مع تطوير أطراف ألياف الكربون. الهدف من تحسين الأطراف الاصطناعية هو محاولة زيادة الأداء من خلال تقليل العيوب والمشاكل الوظيفية للساق الاصطناعية مقارنة بالساق البشرية. كما يمكن حل مشاكل الأطراف الاصطناعية القديمة إلى حد كبير باستخدام الأطراف الصناعية الكربونية.حول هذا الموضوع، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الدكتور حميدرضا مقاره عابد مخترع الأطراف الصناعية الكربونية في إيران، فيما يلي نصّه:
بداية ممكن أن تقدموا لنا نبذة عن الأطراف الصناعية الكربونية
إن الأطراف الصناعية الكربونية تعد بديلاً جيداً للأفراد الذين بترت أقدامهم، وإن أفضل جيل من الأطراف الكربونية في السابق هو تلك الأطراف المسجلة والمصنوعة من الخشب؛ لكن الشخص الذي يستخدم الأطراف الخشبية يبدو عند المشي وكأنه قام بتجبير قدمه بالجبس لصعوبة الحركة، فإذا دققنا في الأشخاص الذين يستخدمون الجبس بسبب إلتواء الكاحل أو كسر الساق، فسوف ندرك أن طريقة المشي لديهم ليست طبيعية أو تكون صعبة بعض الشيء.أما فيما يتعلق بالأطراف الصناعية الكربونية، فانها وبسبب مرونتها تجعل المعصم يتحرك مع توفر طريقة مشي مريحة للأشخاص وكأنهم أشخاصاً عاديين لا يعانون من أية مشاكل. من ناحية أخرى، فان وزن الأطراف الصناعية الكربونية أخف من أطراف القدم، وهاتان الميزتان جعلتا الأشخاص قادرين على أداء أنشطتهم اليومية بشكل طبيعي، كما أتاحت لهم فرصة ممارسة الرياضات المختلفة.
كم المقدار الذي تمّ توطينه من هذا التصميم؟
الأطراف الصناعية الكربونية لشركة "كومبوزيت غستر" والتي كانت في عام 2013 بالتعاون بيني وبين الدكتور نصر أول أطراف صناعية كربونية منتجة محلياً تتمتع بهذه الميزة. وذلك وفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها من مصابي الحرب والمعاقين الذين يجدون صعوبة في الحصول على الأطراف الصناعية الكربونية، سواء بسبب العقوبات الاقتصادية أو بسبب سعرها المرتفع.
من ناحية أخرى، فان الدكتور نصر والذي أتيحت له فرصة الدراسة في هولندا ورؤية هذا المنتج هناك، قد تساءل أنه لماذا حتى الأشخاص المعاقين هناك، هم قادرين على أداء أنشطة مختلفة. وقد تابع هذا الأمر وأدرك أن الأشخاص ذوي الإعاقة نشيطون للغاية وبسبب استقلاليتهم تمكنوا من القيام بأعمالهم اليومية والتميز في المجتمع، وأدرك أيضا أنها تعود إلى نقص التكنولوجيا، وعلى أية حال، فقد أصبحت المعدات محدثة في إيران وأعطاني فكرة الدخول في مرحلة صناعة الأطراف الكربونية.
تنقسم الأطراف الكربونية إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: أطراف الكربون المخصصة للاستخدام اليومي، وهي خاصة بالأنشطة اليومية.
المجموعة الثانية: أطراف الكربون المخصصة لممارسة الأنشطة الرياضية.تمكن الأطراف الكربونية اليومية مستخدمها من القيام بكل الأنشطة اليومية والأنشطة الرياضية الخفيفة بسهولة. أما الأطراف الكربونية الرياضية، فتمكن مستخدمها من أن يمارس الركض بسهولة وبسرعة عالية. وعليه فإن شركتنا هي الشركة التقنية الرابعة في العالم التي تمتلك هذه التقنية والتي تمكن الشخص الذي يستخدمها من أن يركض بشكل احترافي وبسرعة عالية وكذلك يمكنه من المشاركة في المسابقات ولهذا السبب، نحن من بين الأفضل في العالم. ومن بين الأشخاص الذين استطاعوا أن يتألقوا بهذه الأطراف هو السيد سجاد سالاروند المعروف بأنه أسرع رجل بدون أرجل في إيران.
ما هي الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا؟
كما قلت سابقاً، فان التكنولوجيا الخاصة بصناعة الأطراف الرياضية موجودة حالياً في أربع دول فقط، هي: أمريكا وإنجلترا وألمانيا وإيران، ومن دواعي الفخر لنا أن يتمكن مبتوري الأطراف من الركض في بلادنا.
من الأحلام التي راودت معظمنا عندما كنا أطفالاً هي أن نصبح طيارين، ومن أحلام مبتوري الأطراف والتي يشعرون أنها لن تتحقق أبداً، فهو ما يتعلق بالجري؛ لكننا سعداء الآن أنه من خلال إنتاج الأطراف الصناعية، تمكنا من تحقيق هذا الحلم الذي كان بعيد المنال لمبتوري الأطراف.
ما هو تأثير استخدام هذه التقنية على مساعدة المعاقين؟
نظراً لأنه من خصائص الأطراف الصناعية الكربونية أنها تمتص التأثير الذي يحدث على القدم أثناء المشي، فهي في الواقع تمتص الطاقة، ما يجعل مفاصل الأشخاص ومفاصل الورك أقل تضرراً. من ناحية أخرى، يمكن للأشخاص (مبتوري الأطراف) ممارسة الأنشطة الرياضية بسهولة وهذا يجعل هؤلاء الناس أكثر ثقة بأنفسهم.وقد كان من المعتاد سابقاً أن يقوم مبتوري الأطراف بوضع غطاء فوق الطرف الاصطناعي ويرتدون السراويل عندما يرتدون الطرف الاصطناعي حتى لا يلاحظ أحد أن هذا الشخص لديه بتر في ساقه أو بتر طرفه.وبعد إنتاج شركتنا للأطراف الصناعية الكربونية والتكريم الذي يمكن أن يحصل عليه مبتوري الأطراف باستخدام هذه الأطراف الكربونية، بدأت هذه الثقافة تتجذر في البلاد. كما أن مبتوري الأطراف يحاولون إظهار أنه على الرغم من أن لديهم قيوداً وأنهم من دون أطراف، إلا أنهم يستطيعون الحصول على التقدير والوصول للتميز، ويمكنهم تسلق الجبال والجري ولعب أدوارهم المختلفة في المجتمع. ولدينا أُم فقدت ساقها بسبب المرض، وهذه الأُم لديها طفلين في سن المراهقة؛ لكنها الآن عضو محترف في الفريق الوطني لتسلق الصخور. ولم تعد تشعر بالخجل وهي فخورة بوجودها في المجتمع ولا تحتاج فيما بعد إلى مساعدة الآخرين لأداء أعمالها.
ومن الذكريات التي تتعلق بهؤلاء الأعزاء هي أن أول شخص طلبنا منه اختبار أطراف الكربون الخاصة بنا كان شخصاً يُدعى ريحان ياري، وهو قائد المنتخب الوطني لمبتوري الأطراف في البلاد، وكان يملك طرف كربون من صنع إنجليزي. وقد كان من المهم للغاية بالنسبة لنا رؤية نتائج بحثنا الذي استغرق عامين ومعرفة رأي السيد ياري في أطراف الكربون المصنوعة في بلدنا.وعندما بدأ بالمشي وكان يقطع مسافة طويلة ويركض، حاولنا اللحاق به عدة مرات ونسأله عن رأيه؛ لكنه كان يركض، وبعد أن توقف، سألناه عن رأيه، فقال: "إنني أطير بسعادة". إن هذه الكلمة الجميلة هي دائماً في ذهني، وكلما واجهنا مهمة صعبة، نتذكر هذه الذكرى التي بفضل الله، جعلنا مبتوري الأطراف قادرين على الحصول على هذا الشعور المثير والرائع.الذكرى الثانية تتعلق بالسيد سجاد سالاروند، والذي كان من أفضل المتسلقين في بلادنا عام 1995، حيث كان يقول: "إنني كلما تسلقت الجبال، كان همّي الوحيد هو ألّا تلتوي ساقي، وألّا يحدث خللاً فيها، وأفكر دائماً بالمشاكل التي سأواجهها وماذا عليّ أن أفعل".
لقد اختبره الله اختباراً صعباً، وفي عام 2016، وبسبب حادث ما، تم بتر كلا ساقيه من أسفل الركبة، ويقول أنه عندما عاد للمنزل وكان أطفاله يرونه بهذا الحال، كانوا يحزنون حزناً شديداً ويدخلون لغرفتهم ويبدأون بالبكاء. حتى بعد مرور عام تقريباً، وبمساعدة الأطراف الصناعية الكربونية التي صنعتها شركتنا، تمكن من تسلق قمة دماوند، وقد أعطانا حافزاً كبيراً لصنع الأطراف الصناعية الرياضية، وقال لنا: "إذا فعلتم ذلك يمكنني أن أفتخر ببلدي"، وبالحافز الذي قدمه لنا دخلنا مرحلة تصنيع الأطراف الكربونية الرياضية، تم منح هذا الشرف لبلدنا، والنتيجة هو أننا أصبحنا من بين الدول الأربعة في العالم التي تصنع الأطراف الصناعية الكربونية.
بعد نجاحكم في هذا المجال، ما هي خططكم المستقبلية؟
نحن نبذل قصارى جهدنا لاستكمال مجموعة منتجاتنا وزيادة تنوع الأطراف والأجزاء التي يحتاجها الأشخاص المعاقين، ونأمل أن نتمكن من الدخول في مرحلة البحث والتطوير لأن بلدنا يحتاج إلى تقنيات حديثة ومعدات في هذا المجال، لأن لدينا في بلادنا 150 ألف شخص بترت أطرافهم إما بسبب الحرب أو بسبب مرض السكري. وإننا نتابع هذا الموضوع وإن السياسة الطويلة المدى لشركتنا هي أن نكون قادرين على توفير بقية الاحتياجات الاصطناعية لمبتوري الأطراف في بلدنا.
هل قمتم بتصدير هذه التكنولوجيا؟ وما هي هذه الدول؟ وما هو مقدار العملة الأجنبية التي تمّ إدخالها إلى البلاد؟
باعتبار أن هذه التكنولوجيا هي من التقنيات التي لا تمتلكها الكثير من الدول، فان معظم الدول تطلب شراء هذه التكنولوجيا التي يمكن أن تفتخر بها بلادنا ونقول بكل فخر أن لدينا هذه التكنولوجيا، ونتشاور حالياً مع دول مختلفة في المنطقة حتى نتمكن من تصدير المنتجات أو التكنولوجيا.
نظراً للأوضاع المأساوية في غزة، هل بإمكان شركتكم مساعدة الفلسطينيين الذين فقدوا أطرافهم إثر الهجوم الصهيوني الوحشي؟
كما تعلمون، فان حرب غزة سببت حزناً شديداً للجميع وقد انتشر مؤخراً مقطع فيديو لمراهق يدعى "عاصف" فقد ساقه إثر سقوط صاروخ صهيوني أثناء ممارسته للعبة كرة القدم، وكما تبين لاحقاً أن هذا الشاب المراهق كان عاشقاً لكرة القدم، وقد شاهد هذا الفيديو العديد من لاعبي كرة القدم حول العالم وعبروا عن تعاطفهم مع المراهق.نحن باعتبارنا شركة معرفية تعمل في مجال الأطراف الصناعية الكربونية، قررنا التبرع بطرف صناعي من منتجاتنا للشاب "عاصف". وقد قمنا بالتنسيق مع ممثل حماس في طهران، وتم الإتفاق على أن يأتي "عاصف" في أول فرصة تكون فيها الظروف مناسبة إلى طهران ويمكننا أن نهديه طرفاً كربونياً حتى يتمكن من ممارسة أنشطته اليومية وممارسة الرياضة كما كان يفعل من قبل.
هل لديكم كلمة أخيرة؟
في النهاية، أود أن أشكركم على جهودكم الإعلامية، وأريد أن أقول جملة واحدة وهي أن شعار شركتنا هو "قف على قدميك". لقد بذلنا قصارى جهدنا للتأكد من أن جميع مبتوري الأطراف يقفون على أقدامهم ويكونون فعالين في المجتمع ويكونون قادرين على الحركة والتأثير الإيجابي. ومع التحفيز الذي يقدمونه لنا، سنكون أقوى حتى نتمكن من تلبية احتياجات مبتوري الأطراف في مجال الأطراف الصناعية دائما.